رام الله - خاص قدس الإخبارية: في 13 نيسان/ أبريل 2019 أدى رئيس الوزراء محمد اشتية رفقة 21 وزيرًا اليمين الدستوري للحكومة الحالية خلفًا للحكومة التي ترأسها رئيس الوزراء السابق رامي الحمد الله والتي حملت اسم "حكومة الوفاق الوطني" والتي أوكل لها مهمة إنهاء الانقسام وهو ما لم يتحقق.
وعلى مدار 4 سنوات من عمل الحكومة التي يترأسها اشتية شُكلت، 251 لجنة خاصة للتعامل مع الأزمات أو تحت بند التطوير الاقتصادي والتكنولوجي إلى جانب التنمية، عدا عن اللجان الحقوقية ولجان إعادة الإعمار ودراسة اعتداءات الاحتلال.
وبحسب رصد "شبكة قدس" فإن التوزيع العدد لهذا اللجان التي شكلتها حكومة اشتية جاء على النحو التالي: 51 لجنة في 2019، 56 لجنة في 2020، 55 لجنة في 2021، 65 لجنة في 2022، فيما شهد الثلث الأول من عام 2023 تشكيل 24 لجنة.
وشكلت الحكومة الفلسطينية 19 لجنة لتطوير البنية تحتية والتنمية (النقل والمواصلات والصرف الصحي والمياه وتصريف مياه الأمطار والاستعداد للمنخفض الجوي) و19 لجنة قانونية و16 لجنة لدراسة اعتداءات الاحتلال، 13 لجنة للتطوير الاقتصادي، بالإضافة إلى 12 لجنة تحقيق، و6 لجان للتنمية في الأغوار، إلى جانب 3 لجان لإعادة الإعمار، عدا عن تشكيل 9 لجان لدعم القدس.
ويغلب على هذه اللجان الترويج الحكومي لفكرة التنمية الاقتصادية وتحسين الواقع المعيشي، غير أن مراقبون يشككون في أن تكون هذه اللجان قد حققت على أرض الواقع ما صبت إليه الحكومة من وراء إعلان تشكيلها لا سيما على الصعيد الاقتصادي للسكان والأهالي.
وإلى جانب ذلك، يفسر هذا العدد الكبير من اللجان على أنه محاولة واضحة من قبل الحكومة لاحتواء الرأي العام الفلسطيني تجاه الأزمات والقضايا خصوصًا تلك المتعلقة بالواقع المعيشي أو المتعلقة بالبنية التحتية في في أوقات فصل الشتاء.
لجان التحقيق: تحقيق أم إماتة القضية؟
ووفق رصد "قدس" فإن حكومة اشتية شكلت 12 لجنة تحقيق، جاءت كالتالي: لجنة تحقيق في الإساءة لمقام النبي موسى قرب أريحا، ومقتل الناشط الفلسطيني نزار بنات على أيدي الأجهزة الأمنية في الخليل، ومقتل خليل الشيخ شقيق وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، ومقتل أمين سر حركة فتح في مخيم بلاطة عماد الدين دويكات، ومقتل الطفل صلاح الدين زكارنة في قباطية، والتحقيق في وفاة الطفل محمد سليمية نتيجة الإهمال الطبي في مستشفى عالية بالخليل، والتحقيق في الاعتداء على المحاضر في جامعة النجاح ناصر الدين الشاعر في قرية كفر قليل، والتحقيق في قيام شرطي بالاعتداء على مواطن في محافظة رام الله، والتحقيق في حيثيات حادثة في إحدى حضانات رام الله، واتفاقية لقاحات فايزر المنتهية الصلاحية، وحيثيات هروب موقوفين من مركز توقيف في الخليل، ولجنة تحقيق حول "موظفة من الفئة العليا في وزارة الثقافة فيما نسب اليها من مخالفات وتجاوزات ادارية."
في هذا السياق، يعقب المستشار القانوني لائتلاف أمان، المحامي بلال البرغوثي إن لجان التحقيق تستخدم لغايات ليس لها علاقة في تعزيز المساءلة وبعيدة عن مفهوم المساءلة، وفي مناسبات كثيرة تستخدم لغايات امتصاص الرأي العام وإقناع الجمهور بأن هناك مساءلة.
ووفق حديث البرغوثي لـ "شبكة قدس" فإن هذه اللجان في بعض الأحيان تستخدم لأغراض صورية، وفي أحيان أخرى أكثر خطورة تستخد للتهرب من الملاحقة الجزائية بمعنى أن هناك قضايا الأصل أن تحال إلى هيئة مكافحة الفساد وأن ينظر إليها على أنها جرائم فساد، فتحال إلى تحقيق إداري وتكون التوصية في النهاية عبارة عن عقوبات بسيطة لا تنسجم فيما لو أحيل الملف لقضية جزائية مع عقوبات تكون صادرة عن محكمة مكافحة جرائم الفساد.
ووفق المستشار القانوني لائتلاف أمان فإن هناك تهرب من الملاحقة السياسية في ظل حل المجلس التشريعي الفلسطيني وتعطيله، وهو ما يجعل هذه اللجان تشكل بشكلٍ صوري في ظل غياب هيئات المساءلة وبالتالي حينما ينظر إلى الفعالية الخاصة بهذه اللجان فهي لامتصاص غضب الراي العام أو الإدعاء بممارسة مسرحيات تقنع الجمهور بوجود مساءلة في العمل العام أو التهرب من الملاحقة الجزائية والسياسية.
ويشير البرغوثي إلى أن غياب المجلس التشريعي في العمل التشريعي يمثل قاسم بصورة كبيرة قاسمًا مشتركًا فيما يخص الإشكاليات الدستورية في ظل استناد القرارات بقانون للمادة 43 التي أثبت الواقع أنها لا تلتزم بنص المادة وأن هذه التشريعات يتم استخدامها لتعزيز هيمنة السلطة التنفيذية ويتم استخدامها لتحقيق مصالح خاصة لفئات خاصة.
اللجان الاقتصادية.. هل تحسنت الأوضاع المعيشية
بالنظر إلى معدل اللجان التي شكلتها الحكومة فإن عددًا كبيرًا منها شكل لأهداف متعلقة بالشأن المعيشي والاقتصادي والتنمية إلا أن اللجان الاقتصادية لا تعكس الواقع الذي يحياه الفلسطينيون في ظل الأوضاع الاقتصادية القائمة حاليًا وتحديدًا في عهد الحكومة.
وهو ما يؤكده، أستاذ علم الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية بنابلس نائل موسى الذي يقول "إن اللجان الاقتصادية لا تعكس الواقع، حيث أن الواقع الاقتصادي سيء جدًا حتى وإن كانت المؤشرات إيجابية إلا أن ذلك لا يظهر الصورة الحقيقية للمشهد الفلسطيني".
ووفق حديث موسى لـ "شبكة قدس" فإنه لا توجد عملية وآليات توزيع حقيقية فيما يخص المشهد الإقتصادي أو مظاهر نمو تنعكس بالإيجاب على الحالة المعيشية للفلسطينيين، وهو ما ظهر بشكلٍ جلي خلال أزمة جائحة كورونا التي عصفت بالعالم وفلسطين.
ويشير أستاذ علم الاقتصاد في جامعة النجاح إلى أن الحكومة عاشت أزمة واضحة خلال الجائحة رغم اتخاذها سلسلة من الإجراءات لتحقيق انتعاشة اقتصادية لكن غالبية القرارات غير صحيحة ولم تكن جيدة وهو ما انعكس بشكل واضح على الحكومة التي تأثرت بشكل واضح.
وبحسب موسى فإن تشكيل اللجان بالذات فيما يخص المشهد الاقتصادي لا يتم إلا عندما يكون هناك ضغوط خارجية على الحكومة، إذ تعمل الأخيرة على تشكيل هذه اللجان لتنفيس الشارع واستيعاب غضبهم ثم سرعان ما ينسى الشارع هذه اللجان بشكل تام.
ويضيف تعليقًا على العدد الكبير للجان التي تم تشكيلها منذ تولي حكومة اشتية المسؤولية: "هذه اللجان التي يتم تشكيلها تأخذ وقتًا طويلاً في عملها سواء من أجل دراسة المشكلة وتبدأ بطرح حلول لمعالجتها وهو ما يؤدي إلى تفاقم المشاكل بشكل أكبر مما كانت عليه"
القدس.. خارج الحسابات
تعكس الأرقام المتعلقة باللجان أن الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتية شكلت 6 لجان تحت مسمى دعم صمود المقدسيين، إلى جانب القرار الرئاسي باقتطاع 1 شاقل من كل مشترك عبر شبكات الاتصال الخلوي والخطوط الثابت، رغم الاعتراضات الفلسطينية الواسعة على هذا القرار.
في هذا السياق، يعتبر رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة الهدم والتهجير ناصر الهدمي أن ملف القدس لم يكن ضمن أولويات هذه الحكومة الذي كان من المفترض أن تقوم بتغيير واقع القدس وتساهم في تعزيز صمود أهالي المدينة وسكانها الأصليين.
ويقول الهدمي لـ "شبكة قدس" إن علاقة السلطة الفلسطينية بالقدس منذ تأسيسها كان طفيلية، بمعنى أن السلطة مستفيدة من علاقتها بمدينة القدس من خلال الحصول على الدعم المالي والسياسي وبالتالي هي تستفيد من ملف القدس أكثر من إفادتها للقدس.
ووفق الهدم فإن القدس بالنسبة للسلطة هي مصدر دعم مالي وسياسي وقانوني أمام المجتمعات العربية والاسلامية وحتى الدول العربية من الناحية الرسمية إذ تعمل السلطة على استخدام القدس لجلب الدعم المالي حينما تحتاج لذلك في حين أن الواقع الفعلي يشير إلى كون المدينة خارج أولويات السلطة.
وبحسب حديث رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة الهدم والتهجير فإن سياسة السلطة فيما يخص مدينة القدس هو استخدام اسم مدينة القدس واستخدام قداسة المسجد الأقصى من أجل الحصول على أي دعم يمكن الحصول عليه سواء مالي أو سياسي لمصلحة السلطة ورجالاتها وليس للدفاع عن المدينة.
واشتمل التصنيف الخاص باللجان على 4 لجان لدراسة القانون الدولي و6 لجان لتطوير قوى الأمن، و14 لجنة لمشاريع الكهرباء ومشاكلها، و7 لجان لمواجهة أزمة كورونا، و22 لجنة داخلية تنظيم عمل داخلي في الوزارات، و9 لجان تتعلق بتنمية جوانب اجتماعية ونفسية وأهلية في المجتمع، و7 لجان لحل مشكلة النفايات.
ووفق التصنيف فقد شكلت 10 لجان لتطوير التعليم، و8 لجان للتطوير التكنولوجي، و6 لجان للتنمية الثقافية، و4 لجان للحج و5 لجان حقوقية، و5 لجان لتطوير الحكومة الإلكترونية، و8 لجان للعلاقات الدولية، ولجنتين للرواتب، ولجنة للرياضة، و12 لجنة للتطوير الزراعي، ولجنة لتسهيل السفر، ولجنتين لتطوير السياحة، و9 لجان للصحة، و4 لجان للضرائب والرسوم الحكومية، و3 لجان للطوابع البريدية، و3 لجان غاز، و19 لجنة قانونية.