شبكة قدس الإخبارية

العقاب الجماعي.. لماذا لجأ الاحتلال إلى سياسة الحصار في أريحا والأغوار؟

014789.JPG
نداء بسومي

الضفة المحتلة - شبكة قُدس: تأخذ السياسات الإسرائيلية تجاه مدينة أريحا ومنطقة الأغوار بشكل عام، منحنى تصاعديا خلال الأسابيع الأخيرة عبر تشديد الإجراءات العدوانية التي ترتكز على الحصار والعقاب الجماعي، تحت ذريعة مواجهة موجة العمليات التي تنفذها المقاومة الفلسطينية.

وخلال الشهور الأخيرة حضرت أريحا أو "الخاصرة" الضيقة للاحتلال المتمثلة في الأغوار كأحد الجبهات المشتعلة التي شهدت نشاطًا عملياتيًا للمقاومة الفلسطينية من خلال عمليات نوعية أدت لمقتل إسرائيليين وشكلت ضربة للمنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.

وجاء اسم "عقبة جبر" كأحد أبرز الأسماء التي ظهرت على الساحة من خلال الكتيبة المقاومة المحسوبة على المخيم الذي يضم مئات الفلسطينيين الذين يعيشون فيه منذ عقود، فيما يطلق البعض على المخيم والأغوار بشكلٍ عام البوابة إلى مدينة القدس المحتلة.

في المقابل فإن ثمة اسم أطلقه الاحتلال الإسرائيلي على الأغوار وتحديدًا المنطقة الممتدة من شمال البحر الميت حتى بيسان، وهو اسم "أرض المطاردات" حيث كانت هذه المنطقة ميدانًا نشطا للعمل الفدائي عبر نهر الأردن خلال الفترة الممتدة من بعد نكسة حزيران 1967 وحتى أيلول الأسود عام 1970.

وخلال الفترة الأخيرة كثف الاحتلال الإسرائيلي من إجراءاته في المدينة سواء عبر الحصار المشدد على البؤر الجغرافية التي تعتبر "مصيفًا" بالنسبة للفلسطينيين أو فرض الحصار ومنع دخول وخروج البضائع والخضروات والفواكه منها ومحاولة الضغط عليها.

وخلال هذه الفترة يدور الحديث عن تكبد المحافظة خسائر مالية واقتصادية نتيجة للحصار الإسرائيلي المتواصل والذي يأخذ أشكالاً متعددة ومتقطعة بين فترة وأخرى، وصلت إلى قرابة 15 مليون دولار أمريكي وسط توقعات بمزيد من الخسائر الاقتصادية.

أسباب وأهداف.. ما الذي يبحث عنه الاحتلال؟

يرى الباحث حمزة العقرباوي أن الاحتلال يسعى عبر سياسة الحصار التي يقوم بها في منطقة الأغوار وأريحا بشكل عام إلى الاستعراض أمام مستوطنيه بعد سلسلة العمليات النوعية التي ضربت الاحتلال في هذه المنطقة إلى جانب محاولة التنكيل بأهل المنطقة بعد أن تعرضت صورته لهزة غير مسبوقة.

ويقول العقرباوي لـ "شبكة قدس" إن سياسة الحصار الإسرائيلي تستهدف السعي لمحاولة "تأديب المدينة" على الفعل البطولي الذي خرج من أبنائها وجعل الناس يتحدثون عن تكلفة العمل المقاوم وأنه عالي الثمن وهو ما يتضح من أسلوب الحصار الممنهج والمدروس.

ويشير الباحث الفلسطيني إلى أن سلسلة الإجراءات التي اتخذها الاحتلال في الآونة الأخير تعكس نمطًا وخطة مدروسة من خلال التحكم في أوقات دخول وخروج الناس، وجعلهم ينتظرون بالساعات على الحواجز إلى جانب عرقلة إدخال البضائع والشاحنات وغيرها من الإجراءات.

غير أن العقرباوي، يؤكد على أن هذه الإجراءات العقابية لن توقف الفعل المقاوم الفلسطيني وستسهم في دفع السكان والأهالي للمزيد من المواجهة والمقاومة وهو ما سيعجل الاحتلال يحصد ثمار هذه الإجراءات المتطرفة بمزيد من المواجهات والعمليات ضد الاحتلال.

وعن تركز الفعل المقاوم في عقبة جبر، يرجع الباحث الفلسطيني أسباب ذلك إلى كونه بقعة جغرافية فلسطينية تضم لاجئين فلسطينيين اقتلعوا عنوة من بلادهم الأصلية، عدا عن الظروف القاهرة والصعبة التي يعيشها المخيم نتيجة لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي. 

تطور لافت.. حضور مختلف للأغوار وأريحا

من جانبه، يقول الكاتب والباحث وسام رفيدي إن دخول الأغوار وأريحا يعد تطورًا لافتًا بالنسبة للعمل المقاوم الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، وهو ما يشكل تحديا بالنسبة للمنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ويخلق حالة من المواجهة المفتوحة مع الاحتلال.

ويضيف رفيدي لـ "شبكة قدس" أن سياسة العقاب الجماعي دائمًا ما تهدف إلى خلق حالة من الشرخ الاجتماعي بين المقاومين والحاضنة الشعبية بحيث يكون موقف الجماهير مناقضا للفعل المقاوم وهذه سياسة قديمة غير أن هناك تشديدا هائلا وكبيرا في الأغوار وأريحا من خلال استخدام هذه السياسة.

وبحسب الكاتب والباحث الفلسطيني فإن حالة التشديد الإسرائيلي ترجع لكون الأغوار وأريحا بؤرا ناشئة ومتصاعدة مقارنة ببقية البؤر إلى جانب وجود خشية إسرائيلية من تحولها إلى بؤرة اشتباك دائمة على غرار بقية المناطق الأخرى في شمال الضفة الغربية.

ويوضح أن حالة الحصار عادة ما تكون لها تأثيرات اقتصادية واجتماعية وعلى الحياة اليومية للسكان، غير أن السكان اعتادوا على سياسة العقاب الجماعي المتبعة من قبل الاحتلال الإسرائيلي على مدار العقود الماضية وهو ما يجعل الآثار الاستراتيجية لمثل هذه الخطوات محدود للغاية.

ويردف بالقول: "المنظومة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية تدرك أن آثار هذه الخطوات غير مجدية إلا أنها لا تمتلك وسيلة لتنفيذ إجراءات أخرى فتلجأ لمثل هذه الخطوات رغم معرفتها المسبقة بالنتائج التي لن تحقق المرجو بالنسبة لهم في ظل التفاف الحاضنة الشعبية وراء المقاومة".

ويشير إلى أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية تعيش حالة من التناقض ما بين ضرورة اتخاذ الإجراءات كالحصار وسيلة للضغط على الأهالي والسكان، وما بين النتائج التي ستحققها هذه الإجراءات والخطوات والتي لا تؤثر على السكان وعلى التفافهم وراء خيار المقاومة.