لازالت الأوضاع في قطاع غزة حذرة وفي حالة ترقب بعد العدوان الصهيوني الذي استهدف العديد من الأهداف في القطاع؛ استخدم فيها الاحتلال مئات الأطنان من المتفجرات خلال القصف الصاروخي وتسبب بأضرار مادية سواء لمواقع المقاومة المستهدفة أو لمنازل المواطنين وممتلكاتهم.
لم تقف المقاومة صامتة أو عاجزة عن رد الطيران الحربي المغير على القطاع فاستهدفته بصواريخ أرض جو، إضافة إلى قصفها لمستوطنات الغلاف برشاقات صاروخية لم تتوقف إلا بعد توقف الغارات على القطاع.
المقاومة هنا تقول للاحتلال: إن القصف سيقابله قصف، وإن العدوان على الأقصى والمصلين سيُواجه من قبل المقاومة بالقصف الصاروخي كما حدث في الأيام الثلاثة الماضية وهي معادلة ثبَّتت استراتيجية حاول الاحتلال كسرها، وهي ربط الساحات الفلسطينية، وأن غزة كالقدس، والضفة كأرض فلسطين المحتلة عام ال48، والجديد هو دخول جبهة جديدة من جبهات المقاومة هي جبهة جنوب لبنان والتي كانت مفاجئة للاحتلال أربكت حساباته.
الاحتلال من خلال إرهابه بحق الأقصى والقدس والمصلين والمعتكفين يظن أن بإمكانه أن يستفرد بالقدس والأقصى لتحقيق ما يخطط له من فرض سيطرته على القدس والعمل على إنهاء الوجود الفلسطيني فيها، ولكن يبدو أن الاحتلال فشل في تحقيق هدفه الأساس؛ هو فرض السيادة الكاملة على المدينة، وربما السبب الأول في هذا الفشل هو أهلنا في القدس وفلسطين المحتلة والضفة الغربية ممن شدوا الرحال ورابطوا واحتشدوا وتصدوا للاحتلال رغم إرهابه وجبروته بحق المرابطين والمعتكفين والمصلين، والسبب الآخر هو الشعب الفلسطيني ومقاومته سواء في الضفة الغربية والتي اتسعت مقاومتها بشكل كبير، والمقاومة في غزة والتي أكدت أن القدس خط أحمر وقامت بإرسال رسائل من خلال قصف المستوطنات الصهيونية مع كل اعتداء على الأقصى والمصلين فيه، وعنصر ثالث هو دخول جبهة جديدة من جنوب لبنان تقول بأن القدس ليست وحدها والاعتداء عليها هو اعتداء على كل المسلمين.
الحذر بعد توقف الغارات الصهيونية على قطاع غزة وجنوب لبنان مطلوب، ولا يعني اكتفاء الاحتلال بما قام به بل هناك مؤشرات تقول إن الاحتلال لديه نوايا بعدوان واسع على القطاع أو تنفيذ عمليات اغتيال لقيادات عسكرية مقاومة أو سياسية لها علاقة بالمقاومة ظانا أن هذا الأمر قد يشكل رادعا للمقاومة الفلسطينية وحتى اللبنانية، ويبدو أن الاحتلال لا يقرأ التاريخ الماضي القريب والذي سُطر في سطوره أن الاغتيالات تزيد من المقاومة وقوتها ومن انتشارها والالتفاف الجماهيري حولها، ولكن يبدو أنه سيقع في نفس الأخطاء التي وقع فيها في الماضي.
المعركة مع الاحتلال لم تنتهِ وقد تشهد نوعا من الهدوء الحذر، والأمر مرتبط بسلوك الاحتلال على الأرض، فإذا لم يوقف عدوانه وارهابه بحق القدس والأقصى والمصلين فلن ينعم بهدوء خاصة في جبهة غزة تحديدا، ولكن لو التزم بالهدوء وأوقف عدوانه فلربما نرى هدوءا محسوبا من قبل المقاومة التي تراكم القوة وتعد العدة لمعركة تكون هي فيها صاحبة اليد القوية، ونسأل الله أن يكون ذلك اليوم قريبا.