شبكة قدس الإخبارية

"ميليشيا بن غبير".. ما وراء تشكيل "الحرس الوطني"

بن غبير - الحرس الوطني.PNG
هيئة التحرير

 

فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: أثار قرار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تشكيل قوات "الحرس الوطني" تحت سلطة وزير الأمن القومي إيتمار بن غبير، مقابل موافقة الأخير على تعليق "الإصلاحات القضائية"، تساؤلات حول طبيعة مهامها خلال الفترة المقبلة.

ويطرح ما يجري مخاوف إسرائيلية من أن تتحول هذه القوات الذي يزعم بن غبير أن مهامها ستكون منحصرة على الداخل المحتلة لتصبح مليشيا مسلحة خاصة بالوزير المتطرف في حكومة نتنياهو، لا سيما في ظل اتساع هوة الخلافات بينه وبين قادة شرطة الاحتلال.

وسيكون "الحرس الوطني" مكلفاً بمواجهة التحديات الأمنية التي تتفجر "خلال ظروف الطوارئ المختلفة، وتحديداً لمواجهة العمليات الفلسطينية في الداخل المحتل ومن أجل تعزيز قدرة الحكومة على ممارسة الحكم في المناطق التي يتطلب الواقع فيها ذلك وذلك خشية من تكرار سيناريو هبة الكرامة في مايو/آيار 2021.

وينص مقترح إنشاء هذه القوات على تكليف وزير الأمن القومي بتشكيل لجنة برئاسة وكيل الوزارة وبمشاركة ممثلين عن ديوان رئيس الحكومة ووزارتي الأمن والقضاء، والشرطة، وجيش الاحتلال، على أن تقدّم هذه اللجنة توصياتها لوزير الأمن القومي في غضون 60 يوماً حول مهام "الحرس الوطني" وأهدافه وصلاحياته وهوية عناصره وغيرها.

وبحسب المقترح فإن هذا الحرس سيتشكل "من قوات نظامية وألوية تكتيكية... بحيث تنتشر على مستوى قُطري، وستعمل في الفترات العادية من خلال استخدام وسائل تكنولوجية واستخباراتية، كما ينص المقترح على إمكانية أن يستعين "الحرس الوطني" بقوات الاحتياط ومتطوعين في أوقات الطوارئ.

 ويقترح بن غبير دراسة نقل سرايا من حرس الحدود إلى "الحرس القومي"، وكتب في اقتراحه أن "الحرس سيشكل قوة متخصصة ومؤهلة ومدربة، للتعامل مع سيناريوهات طوارئ مختلفة، الجريمة القومية، مكافحة الإرهاب، وكذلك تعزيز القدرة على الحكم في الأماكن التي تتطلب ذلك، في إطار المهمات الموجودة اليوم بأيدي الشرطة الإسرائيلية في هذه المجالات".

وبحسب وسائل إعلام عبرية فإن بن غبير يخطط لاقتراح قوة تتألف من حوالي ألفي عنصر، ومجهزة بأسلحة، ويطلق عليها اسم "الشرطة القتالية" وبميزانية تبلغ حوالي 280 مليون دولار. 

خلافات مع الشرطة…

من جانبه، حذر مفوض شرطة الاحتلال من إنشاء الحرس الوطني والذي من المفترض أن تصوت عليه "حكومة نتنياهو" اليوم الأحد وفقاً للاتفاق بين "نتنياهو" و "بن غبير".

وذكر موقع "مكور ريشون" فقد أرسل مفوض شرطة الاحتلال رسالة إلى نتنياهو ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي قال فيها: "إن إنشاء الحرس الوطني إهدار للموارد، ومقامرة لم يثبت أن لها ميزة".

ووضع مفوض شرطة الاحتلال كوبي شبتاي رسالة غير عادية على مكتبي نتنياهو وهنغبي صباح الأحد، كتب فيها أنه "ليس من الواضح على الإطلاق ما هو الغرض من الاقتراح المعروض علينا، هذا إهدار للموارد، ومضاعفة للمقرات الحالية، ورهان لم يثبت أن له ميزة، الاقتراح من شأنه أن يلحق أضرارا جسيمة بالقدرات التشغيلية لنظام الأمن الداخلي في الكيان وقد يؤدي إلى الإضرار بوحدة القيادة".

في الوقت ذاته، فقد وصفت صحيفة "كالكليست الاقتصادية الإسرائيلية" مقترح إنشاء "الحرس الوطني" بـ "ميليشيا بن غبير الخاصة" كونها سيتم تشكيلها من عصابات اليمين العلماني (لافاميليا) ومن عصابات اليمين الديني (لاهافا).

ووفق الصحيفة فإن ميزانية ميليشيات "الحرس القومي" سيتم تخصيصها عبر اقتطاع ميزانيات من وزارات أخرى، حيث سيتم اقتطاع 40 مليون شيكل من الرعاية الاجتماعية، و 50 مليوناً من الصحة، و 130 مليوناً من التعليم، ومن المتوقع أن توافق الحكومة اليوم على اقتطاع هذه المبالغ والتي تقدر بنسبة 1.5% من موازنات جميع الوزارات لتمويل إنشاء الميليشيات الخاصة لوزير الأمن الوطني- مقابل بقائه في الحكومة.

في هذا السياق، ذكر المفوض السابق لشرطة الاحتلال موشيه كرادي أن "بن غبير قد يستخدم الحرس القومي لتنفيذ انقلاب، ولا أحسد رئيس الشاباك على وضعه".

وأضاف: "من الواضح أن بن غبير مُصر على تشكيل مشروع حلمه، وشرعنة أذرعه الإرهابية، ودمجها في "السلك الأمني الإسرائيلي، لكن بقيادته هو مباشرة، كي يغذيها بالأيديولوجية المناسبة له؛ ويدل على إصراره ما قاله أمس في لقاء مع القناة 13 إنه: "إذا لم تؤسس الشرطة الحرس القومي فسوف أسسه بنفسي".

ما وراء تشكيل "الحرس الوطني".. قراءة تحليلية 

في هذا السياق، يقول الصحفي والباحث في الشأن الإسرائيلي محمد بدر إن اليمين الإسرائيلي سعى منذ عقود لتشكيل مليشيات مسلحة لهدفين الأول موجه للداخل بهدف إحداث نوع من الفرق في القوة بين مكونات ما يسمى بالمجتمع الإسرائيلي لصالح اليمين القومي الديني ومن هذه المجموعات "لافاميليا" و"لاهافا".

ويضيف بدر لـ "شبكة قدس" أن هناك تحقيقات سابقة أجرتها شرطة الاحتلال الإسرائيلي تشير إلى دور بن غبير في قيادة ميليشيا "لافا ميليا" إذ تتبنى هذه المجموعات شعارات اجتماعية عنصرية.

ويلفت إلى أن هذه الميليشيات شعارات تمارس العنف تجاه طرفين:  ضد الفلسطينيين بكثافة لتوسيع قاعدة جمهورهم الداخلي وتعزيز صورتهم بأنهم أداة ردع وقمع للفلسطينيين وهو أمر يتم بالتنسيق مع المؤسسة الأمنية التي قامت باستدعائهم في الداخل المحتل في هبة مايو/2021.

ويلفت الصحفي والباحث في الشأن الإسرائيلي إلى أن هذه المجموعات تمارس العنف داخل ما يسمى المجتمع الاسرائيلي، وحتى وإن كان ذلك غير ملاحظ حتى الآن، إلا أنه كان من الممكن أن ينفجر خلال التظاهرات الأخيرة الخاصة بـ "الإصلاحات القضائية" بعد اعتداء لاهافا ولافاميليا على المشاركين ضد الخطة.

ووفق بدر فقد شهدت الآونة الأخيرة تشكيل ميليشيا جديدة اسمها "الخلايا الأمنية" والتي يتم تدريبها وتسليحها من أجل التدخل في الأحداث الأمنية ولديهم صلاحيات مثل صلاحيات الشرطة ومخولين بالقتل حال اشتبهوا في أي شخص.

ويشير إلى أن غالبية هذه المجموعات هي "تطوعية" وهو أمر معروف ضمنياً بالنسبة للإسرائيليين أن من يتطوعون في هذه المليشيات معظمهم من أنصار "التيار القومي الديني" الذين يحاولون أن يكون لهم ثقل معين في الجيش والمليشيات في إطار رؤيتهم لـ "القوة اليهودية".

ويوضح بدر أن وزير الأمن القومي بن غبير يسعى من خلال ما يقوم به حاليًا من تدشين لقوات "الحرس الوطني" إيجاد إطار قانوني لغالبية هذه المجموعات وحمايتها وإعفائها من أي مسائلة من خلال تحويلها لـ "مليشيا" تابعة للحكومة والنظام السياسي الإسرائيلي الرسمي.

وبمحاذاة هذا الأمر فإن بن غبير في خطته يسعى لإيجاد تمويل كامل لهذه المليشيا واقتطاع أموال لها من الوزارات والمؤسسات الحكومية الإسرائيلية الرسمية، كونه اكتشف هو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتيش أن هناك رواسب للدولة العميقة في المؤسسات وهو ما يجعل النظام غير متكيف مع أفكارهم، وفقًا للصحفي والباحث في الشأن الإسرائيلي.

ويتابع: "هذه الخطوة التي تتم والمتعلقة بتدشين مليشيا "الحرس الوطني" ستكون موازية لجهاز الشرطة في الاحتلال وهذه هي طبيعة التيارات الأيدلوجية التي تصل للحكم، حيث تسعى لخلق مؤسسات موازية لها خشية من الدولة العميقة وهو ما يعمل عليه بن غبير حالياً".

#الحرس الوطني"