رام الله - قُدس الإخبارية: اتخذت الحكومة الفلسطينية خطوة جديدة في محاولات "كسر إضراب المعلمين"، بعد أن توجهت إلى المحكمة الإدارية التي قررت وقف الإضراب الذي دخل الشهر الثاني، وسط تصميم من جانب حراك المعلمين على المضي فيه حتى تحقيق مطالبه.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية "وفا"، الليلة الماضية، إن المحكمة الإدارية العليا أصدرت قرارا (مستعجلًا)، يقضي بوقف الإضراب في المدارس الحكومية، بعد دعوى تقدمت بها اليوم وزارة التربية والتعليم.
ورد حراك المعلمين على القرار بالتأكيد على الاستمرار في نضاله النقابي، وجاء في بيانه: نعلن الإضراب الشامل مع التوجّه لإثبات الحضور بالبصمة والمغادرة، وندعو جميع المعلمين للوقوف في وجه الغطرسة التي تمارسها الحكومة ضد المعلمين.
واعتبر الحراك أن المحكمة الإدارية العليا "ارتكبت مخالفة إدارية في إصدارها قراراً مخالفاً للقانون هكذا"، حسب وصفه، وأوضح:
حتى ينفذ هذا القرار المستعجل، يجب تبليغه لكل مخاصم، وفي حال تم عدم تنفيذ القرار من قبل المعلمين، ستصبح قضية مخالفة قرار محكمة وغرامتها 5 دنانير، ولكن، ولأننا نتواجد في المدارس ونوقّع بالحضور قانونيًا، فلا يسري علينا القرار الذي يخالف نصوص مواد في قانون الخدمة المدنية.
وأعلن عدد من القانونيين والمحامين اعتراضات على القرار، وقال المحامي شاكر طميزة إن "القانون المنظم للاضراب هو قرار بقانون رقم (11) لسنة 2017م بشأن تنظيم ممارسة حق الإضراب في الوظيفة العمومية"، وأضاف: تنص المادة (6) من القرار بقانون المشار إليه أعلاه: "يجوز لمجلس الوزراء أو لأية جهة متضررة من الإضراب اللجوء إلى محكمة العدل العليا لوقف الإضراب في حال كان الإضراب مخالفاً لأحكام هذا القرار بقانون، أو يلحق ضرراً جسيماً بالمصلحة العامة. 2. تبت محكمة العدل العليا في الطلب بدعوة الفريقين خلال (48) ساعة من تقديم الطلب، وتصدر قرارها في موعد أقصاه ثلاثة أيام من تاريخ تقديم الطلب.
وتابع: عليه فإن ولاية المحكمة الإدارية انصبت على الإضراب نفسه وليس على الجهة مصدرة القرار بالإضراب، وهذا أمر محتمل وممكن سندًا لنص القرار بقانون أعلاه، إلا أن المحكمة الإدارية لم تعمل نص المادة السادسة والتي أوجبت حضور الفريقين، وعليه يمكن الطعن بالقرار لدى المحكمة الإدارية العليا.
من جانبه، وصف الخبير القانوني والدستوري عصام عابدين القرارات بقوانين بأنها "ورق تواليت بإمكان النظام وأزلامه استخدامه عند الحاجة"، حسب تعبيره.
وقال إن المحكمة الإدارية التي أصدرت قرار وقف إضراب المعلمين "مُشَكّلة بقرار بقانون غير دستوري، وقُضاة المحكمة الإدارية مُعَينون من رئيس انتهت ولايته الدستورية، لا قيمة ولا وزن لقضاء إداري اعتاد على انتهاك الحق الطبيعي والدستوري للمعلمين وغيرهم في الإضراب".
وأكد أن "الإضراب حق مكفول للمعلمين في القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) والاتفاقيات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، والشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة".
وأشار إلى أن المعلمين وغيرهم يمكن لهم اللجوء إلى "حق العصيان المدني الشامل".
وعن حيثيات القرار، أوضح المحامي والقاضي السابق أحمد الأشقر أن "القرار اعترف بصحة مخاصمة حراك المعلمين، في حال عدم رده عنه، وهذا يعني الاعتراف بالشخصية القانون للحراك التي تعطيه أهلية التقاضي".
وأضاف: المحكمة وجهت الخصومة أيضاً على ما يبدو إلى المعلمين المضربين بصفاتهم الشخصية، وهم عشرات الآلاف كما يفترض، وبالتالي يجب تبليغهم بالدعوى والسير بها بحضور الفريقين سنداً لأحكام المادة "6" من قرار بقانون إضراب العاملين بالوظيفة العمومية لسنة 2017.
وتابع: لا تسري أحكام الطلب المستعجل على قضايا الإضراب، لكون تنظيم مسألة ولاية القضاء الإداري في النظر بدعاوى وقف الاضراب لها تنظيم قانوني خاص وهو قرار بقانون إضراب العاملين بالوظيفة العمومية لسنة 2017، وبالتالي يجب تبليغ الخصوم بالدعوى والسير بحضور الفريقين.
وأضاف: حتى على الفرض الساقط بصحة انعقاد الخصومة فإن كافة المعلمين المشمولة اسمائهم بالطعن يجب أن يتم تبليغهم بالقرار حتى يسري في مواجهتهم، نحترم القضاء الإداري لكن من حقنا التعليق المهني على أحكامه وكان يتوجب على المحكمة رد الطعن ابتداء لعدم صحة الخصومة أو تأجيلها لحين تبليغ الخصوم تبليغاً صحيحا.
واعتبر المحامي براء العامر أن القرار "لا يعد ملزماً لغير من أُقيم ضده هذا الطَّعن، أي لغير الأسماء المُقام ضدها"، وأشار إلى "وجوب تبليغ المعلمين المقام ضدهم حتى يصبحوا ملزمين بتطبيقه".
وأضاف: في حال تبلغ المعلمون بالقرار بإمكانهم الالتزام به وإنهاء الإضراب والشروع بإضراب جديد فوراً.
ويرى العامر أن "عيباً جسيماً اعترى القرار" وهو أنه "مقام ضد جهة غير إدارية".
ويوم أمس، نظم حراك المعلمين اعتصاماً حاشداً في رام الله شارك فيه آلاف المعلمين رغم الحواجز التي نشرتها الأجهزة الأمنية في مناطق مختلفة بالضفة، وأكد الحراك خلال لقاء مباشر مع وزير التربية والتعليم على مطالبهم وهي التي جاءت في مبادرة الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان العام الماضي، وتتمحور حول: تشكيل نقابة ديمقراطية للمعلمين، ومهننة التعليم، و إضافة ال 15% المتفق عليها على طبيعة العمل ودفعها دون تأجيل وبأثر رجعي، وربط الراتب بجدول غلاء المعيشة بالنسب الحقيقية الواقعية، وصرف الراتب كاملاً مع ضمان عدم المساس به مستقبلاً تحت أي ظرف وجدولة المتأخرات ضمن سقف زمني محدد وواضح.