شبكة قدس الإخبارية

عام على "كاسر الأمواج".. إلى أين يسير المشهد الميداني في الضفة المحتلة؟!

334890635_439471625022773_396142361647753347_n
هيئة التحرير

رام الله - خاص قدس الإخبارية: في مارس/ آذار 2022 أطلق الاحتلال الإسرائيلي عملية أمنية حملت اسم "كاسر الأمواج" في أعقاب سلسلة العمليات الفلسطينية التي ضربت مدن الداخل المحتل والتي أدت في حينه لمقتل 11 إسرائيليًا وكان بعض منفذيها من الضفة الغربية المحتلة.

وخلال 2022، اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي 7 آلاف فلسطيني من الضفة والقدس المحتلتين وهي النسبة الأعلى عند مقارنتها مع عام 2021، وهو نتاج توسيع الاحتلال لحالة الاعتقالات تحت مبرر عمليته الأمنية التي أطلقها.

وسعى الاحتلال الإسرائيلي من خلال "كاسر الأمواج" لتحقيق ثلاثة أهداف وهي: إحباط العمليات قبل وقوعها، وهو ما يتطلب نشاطًا استخباراتيًا دقيقًا، وهو أمر لم يتحقق بالذات مع تصاعد وتيرة العمليات الفردية وتمدد الخلايا والمجموعات المسلحة، أما الهدف الثاني فهو تحقيق ما يسمى الردع، من خلال العمليات الأمنية التي تستهدف اعتقال كل من له صلة بالمنفذين، أو آخرين ممن يخططون لتنفيذ عمليات أو يشتبه بهم لأي سبب، في حين كان الهدف الثالث يتمثل هو سد الثغرات في الجدار الأمني التي تمكن منفذو العمليات وغيرهم من الفلسطينيين من اجتياز الجدار دون رقابة.

وارتفع عدد قتلى جنود الاحتلال والمستوطنين منذ بداية عام 2023 إلى (15) قتيلاً، خلال شهرين فقط، ما يعادل نصف قتلى الاحتلال خلال عام 2022 بأكمله والبالغ عددهم (33) قتيلاً في سلسلة عمليات طالت الضفة والقدس والداخل المحتل.

وشكل تصاعد العمليات الفلسطينية وتمدد الخلايا العسكرية للمقاومة الفلسطينية سواء عبر مجموعات عرين الأسود أو جنين ممثلة في كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس وكتائب القسام وكتائب شهداء الأقصى، صفعة للمنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.

الواقع الميداني.. عملية فاشلة

مدير مركز رؤيا للتنمية السياسية، أحمد عطاونة يقول لـ "شبكة قدس" إن الأحداث الميدانية والوقائع تثبت فشل العملية بشكل كبير وذريعاً حيث أنها لم تتمكن من إحباط المقاومة أو التغلب على الحالة الثورية القائمة بالذات في الضفة الغربية.

ويضيف عطاونة في حديثه أن الحالة آخذة بالتمدد والتصاعد وتتجذر في الضفة لأن الوقائع والسياسات الإجرامية الإسرائيلية تتصاعد وبالتالي فإن السلوك الفلسطيني هو أن تتصاعد مقاومته، وهو ما يحصل من خلال ازدياد العمليات كمًا ونوعًا.

ووفق مدير مركز رؤيا للتنمية السياسية فإن فشل العملية يعتبر نجاح للضفة ومقاومتها بكسر هذه العملية إلى جانب تحدي كل الإجراءات والسياسات الأمنية التي يسعى الإسرائيليين لفرضها في الضفة الغربية المحتلة خلال الفترة الماضية.

وبحسب عطاونة فإن هذا النجاح يأتي في ظل بيئة داعمة للاحتلال الإسرائيلي إقليمياً ودوليًا، بالذات في ظل موجة التطبيع العربي مع العدو الإسرائيلي الذي يتفوق عسكريًا، غير أنه فشل بشكل كبير أمام الفلسطينيين خلال العام الأخير.

أما عن السيناريوهات المتوقعة، فيذكر قائلاً أن الاحتلال ينتقل من خطة إلى أخرى ومن عملية إلى عملية إذ أن لديه بدائل وخطط بحيث تكون أكثر قسوة ووحشية، إلى جانب أنه لا يعتمد على الخطط الأمنية والعسكرية إذ يلجأ للخطط السياسية والاقتصادية في محاولة منه لثني الشعب الفلسطيني عن حقوقه وحرف الفلسطينيين عن بوصلتهم المتمثل في المقاومة.

ويشير إلى أن الحكومات الإسرائيلية استخدمت السلام الاقتصادي وغيرها من الخطط ذات الطبيعة السياسية والاقتصادية بموازاة العملية العسكرية والأمنية التي هدف من خلالها للسيطرة على الفلسطينيين وبث روح فقدان الأمل وهو ما فشل.

ويلفت مدير مركز رؤيا للتنمية السياسية إلى أن الحكومة الإسرائيلية والمنظومة الأمنية والعسكرية لم تتوقع هذا السيناريو والتحدي من قبل الفلسطينيين، إذ كان الاعتقاد والتقدير أنه بجمل من الإجراءات السياسية والاقتصادية يمكن السيطرة على الموقف.

ويستطرد عطاونة قائلاً: "أداء الضفة الغربية سواء المقاوم بالمعنى العسكري أو حتى المقاومة الشعبية في بعض البؤر الاستيطانية وحالة التأييد الشعبي للمقاومة والعمليات الفردية، كان مفاجئاً للاحتلال ولم يتوقعه ولم يهيئ نفسه، وهو ما تعبر عن حالة الارتباك في السلوك الإسرائيلي على الأرض سواء على الصعيد الأمني والعسكري أو حتى السياسي".

وبشأن المطلوب فلسطينيًا، يؤكد أنه يجب التوافق على بلورة قيادة تنسجم مع الحالة الشعبية الفلسطينية، إلى جانب توقف السلطة وقياداتها عن الأمل بمسار التسوية الذي انتهى ولا يوجد له أي أفق حقيقي، عدا عن ترتيب البيت الداخلي والخروج من مربع الانقسام.

قراءة في أسباب وعوامل الفشل..

أما سليمان بشارات مدير مركز يبوس للاستشارات والدراسات الإستراتيجية فيؤكد على أن العملية فاشلة بناءً على ما أعلنه الاحتلال أنه سيقوم بمنع وإنهاء أي مظاهر من مظاهر المسلحة للمقاومة أو تمدد الخلايا التابعة لها في الضفة.

ويرجع بشارات في حديثه لـ "شبكة قدس" أسباب ذلك إلى أن المقاومة نجحت في التمدد وأصبحت أكثر من ناحية العدد والانتشار في مدن ومناطق الضفة، وهو بخلاف ما كان قائمًا عن بداية عملية "كاسر الأمواج" فبعد أن كان المشهد منحصرًا في جنين أصبح هناك مجموعات في نابلس وأريحا وطولكرم.

ويستكمل قائلاً: "هناك دعوات إعلامية إسرائيلية بضرورة الاعتراف بفشل هذه العملية، إذ شهدت الساحة الفلسطينية مزيد من الوعي في المواجهة وهو ما يلاحظ في عمليات التصدي للقوات الإسرائيلية وتم إنعاش الحاضنة الشعبية الفلسطينية بدلاً من إنهاكها وهو مؤشر على فشل العملية العسكرية".

وعن السيناريوهات المتوقعة، يرى بشارات أنه إذا ما استمرت الاحتجاجات الداخلية وحالة عدم التوافق في الأطروحات بين برنامج الحكومة وبين ما تذهب إليه حكومة نتنياهو وبقية الشرائح الإسرائيلية فمن الممكن أن تعمل الحكومة الإسرائيلية على توتير الميدان بهدف تحويل الصراع الداخلي إلى حالة صراع مع أي طرف من الأطراف الخارجية وهو أحد الأهداف التي تبرز كيفية تعاطي الاحتلال مع الضفة في الآونة الأخيرة.

وبحسب مدير مركز يبوس للاستشارات والدراسات الإستراتيجية فإن من بين السيناريوهات هو سيناريو متعلق بالحكومة الإسرائيلية في صورتها الحالية التي تضم الأحزاب الدينية التي تقوم بابتزاز نتنياهو لتمرير خططها الانتخابية، في الوقت الذي لا يبدو الأخير معنيًا بتفكك الحكومة لأنه معني بتمرير التعديلات القانونية.

ويلفت إلى أن المحدد الآخر مرتبط بالحالة الفلسطينية لا سيما المجتمع الفلسطيني من خلال رفض الجرائم الإسرائيلية الحاصلة وعودة لمفهوم العمل المقاوم والمسلح بالإضافة لتحرك الحاضنة الشعبية، وهو ما يعجل في تصاعد الحالة الميدانية.

ويتوقع بشارات أن الحالة الميدانية بعد تجاوز شهر رمضان ستكون إلى تصاعد أكبر في ظل ما يشهده الميدان من تطورات في الفترة الأخيرة، لا سيما مع تصاعد الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية وحالة الانغلاق في الأفق على الصعيد السياسي.

كيف يبدو المشهد بعد عام؟…

في السياق، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة إن الإسرائيليين ما يزالون متمسكون بمصطلح "عملية كاسر الأمواج" بدليل الاعتقالات اليومية في الضفة الغربية وما يتم الإعلان عنه في نشرات الأخبار عبر الشاشات الإسرائيلية الرسمية بالإعلان عنها في إطار مصطلح هذه العملية.

ويوضح جعارة لـ "شبكة قدس" أن هناك خشية إسرائيلية من دخول المقاومة في غزة على خط كما حصل في سيف القدس عام 2021، في ظل تصاعد حدة الأحداث ميدانيًا خلال العام الأخير بالضفة الغربية المحتلة، وهم يسعون بكل السبل لإبقاء غزة خارج المشهد.

ويلفت إلى أن فشل "كاسر الأمواج" يتضح في عدم وصول المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية إلى "صفر" قتلى و "صفر" عمليات كما سعوا لذلك عند الإعلان عن العملية قبل نحو عام، إلى جانب تصاعد العنف والقتل وخطاب التحريض الرسمي وغير الرسمي ضد الفلسطينيين.

ويشير جعارة إلى أن الإسرائيليين لا يمكنهم الحديث عن تحقيق الأمن بأي نسبة مئوية كانت وهو ما تثبته الإحصائيات من خلال الإعلان الإسرائيلي عن مقتل 16 إسرائيلياً منذ بداية العام، في حين أن مجموع الشهور الثلاثة الأخيرة من العام 2022 مع شهري يناير وفبراير من العام الحالي فقد تم تسجيل قرابة 180 شهيدًا فلسطينيًا في مقابل 36 قتيلاً إسرائيليًا وهو يعكس أن الإسرائيليين فاشلين في تحقيق أهدافهم.

#الضفة #المقاومة #كاسر الأمواج