رام الله - خاص قدس الإخبارية: تصاعدت حدة الأزمة السياسية التي يعيشها الاحتلال الإسرائيلي على خلفية حالة التجاذب بين الأحزاب الإسرائيلية بسبب قانون "الإصلاح القضائي" ورفض القوى المحسوبة على المعارضة لهذا القانون في حين يسعى الائتلاف الحكومي للانتهاء من تمريره سريعًا.
وتقضي الخطة بتقويض المحكمة العليا والالتفاف على قراراتها والحد من صلاحيات السلطة القضائية، مقابل تعزيز مكانة وصلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية (الحكومة والكنيست)، من خلال إجراء تغييرات جذرية في السلطة القضائية من شأنها المس بنظام الحكم في "إسرائيل"
وتمكن الخطة، الحكومة والأحزاب السياسية من التحكم في لجنة اختيار القضاة في المحاكم الإسرائيلية عبر تعيين أعضاء في اللجنة من الأحزاب والسياسيين، ومنع إشراك القضاة في عضويتها، إلى جانب الحد من صلاحيات المستشار القضائي للحكومة، وكذلك المستشارين القضائيين لمختلف الوزارات، حيث تمنح الصلاحية للوزير تعيين أو إقالة أي مستشار قضائي في مكتبه.
كما وستسهم في تشريع ما يسمى "قانون فقرة التغلب" الذي سيؤدي إلى تقويض صلاحيات المحكمة العليا وتقييدها في كل ما يتعلق بإلغاء قوانين للكنيست أو قرارات للحكومة أو قرارات وأوامر صادرة عن المؤسسة الأمنية والعسكرية، من خلال تصويت أغلبية عادية في الكنيست (61 عضوا) على قرارات المحكمة.
وعكست التظاهرات الأخيرة التي شهدتها مدن مختلفة بالداخل المحتل مثل تل أبيب وغوش دان بالإضافة إلى حيفا والقدس المحتلة والتعامل الأمني مع المتظاهرين حجم الشرخ السياسي الذي وصلت إليه المنظومة السياسية الإسرائيلية في الفترة الأخيرة.
وتصاعدت وتيرة التحذيرات الأمنية والشرطية الإسرائيلية بالإضافة إلى رئيس الاحتلال من إمكانية ولوج الإسرائيليين في حرب أهلية داخلية، فيما تحذر المنظومة الأمنية المتمثلة في جهاز أمن الاحتلال العام "الشاباك" من تصاعد إمكانية حدوث عمليات اغتيال سياسي.
وقبل الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة في شهر نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي أبدى عددًا من الساسة الإسرائيليين وقادة الجيش السابقين وبعض المسؤولين في المنظومة الأمنية ومفكري الاحتلال خشيتهم من عدم وصول دولتهم المزعومة عمر الثمانين استنادًا للواقع السياسي وآخر مرتبط ببعد توراتي.
في السياق، يقول الصحفي والمختص في الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي إن المشهد الإسرائيلي يعيش حالة شرخ عميق في ظل تصاعد الخلافات والاتهامات المتبادلة بين أحزاب اليمين برئاسة نتنياهو والمعارضة برئاسة يائير لابيد.
ويضيف الريماوي لـ "شبكة قدس" أن ما يجري ينظر إليه من المعارضين على أنه محاولة من نتنياهو لعمل اختلال في الدولة والسيطرة عليها وإلغاء مهام المستشار القضائي للاحتلال وتوفير الغطاء القانوني الكافي لرئيس الحكومة الحالي.
وبحسب الصحفي والمختص في الشأن الإسرائيلي فإن ما يجري هي محاولة من قبل المعارضين لمنع حالة التحول والجنوح نحو اليمين المطلق في الاحتلال، وهو ما ترى فيه أحزاب المعارضة تغيير بيئة وهوية "الدولة" وجنوحها نحو اليمين بشكل كامل.
ولا يتوقع الريماوي أن تصل الأمور نحو حرب أهلية بالمعنى الحرفي والمطلق في الاحتلال، مع الإشارة إلى إمكانية اتساع التظاهرات وحدة الغضب في مكونات ما يعرف بـ "المجتمع" الإسرائيلي بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة مع استمرار محاولة تمرير قانون "الإصلاح" القضائي.
في الوقت ذاته، يعتقد الصحفي والمختص في الشأن الإسرائيلي أن تماسك الحكومة الحالية ورغبتها في تمرير التعديلات القانونية يعزز من بقائها في الوقت الذي تستعد فيه لشهر ساخن يتمثل في رمضان وهو ما سيثقل كاهل المنظومة الأمنية الإسرائيلية.
من جانبه، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور إن المشهد الإسرائيلي يزداد نحو التأزم بوتيرة متسارعة والأمور تتجه أكثر نحو التصادم في ظل ارتفاع حدة الخطاب بين نتنياهو وأحزاب المعارضة الإسرائيلية على خلفية قانون القضاء.
ويضيف منصور لـ "شبكة قدس" أن خطاب نتنياهو ووصفه للمتظاهرين بأنهم مثل المستوطنين الذين نفذوا اعتداء حوارة هو بمثابة تحريض لليمين وأنصاره على المتظاهرين المعارضين له عدا عن التصريحات والإجراءات التي نفذها إيتمار بن غبير.
ويرجح المختص في الشأن الإسرائيلي أن تذهب الأوضاع أكثر نحو التأزم والتصادم على المستوى السياسي والجماهيري داخل الاحتلال الإسرائيلي ما لم يتم التوصل لاتفاق ينهي الأزمة المتفاقمة على خلفية التشريعات الأخيرة التي يسعى الائتلاف لتمريرها.
ووفق منصور فإن من بين السيناريوهات المطروحة أن يتراجع نتنياهو ويقبل بحل وسط وهذه الصيغة قائمة لكن حظوظها ضعيفة لا سيما مع تصاعد وتيرة التظاهرات ورغبة اليمين في تمرير التشريعات، فيما السيناريو الأرجح سيكون في تأزم الأوضاع أكثر خلال الفترة المقبلة وستخلق التظاهرات موجة من العنف ما سيخلق حالة من الفوضى ستسهم في إجراء حوارات.