القدس المحتلة - خاص قدس الإخبارية: في غضون أسبوعين، قُتل 10 مستوطنين في عمليتي مقاومةٍ فلسطينية في أحياء استيطانية في مدينة القدس، نفذها مقدسيون: عملية الشهيد خيري علقم في مستوطنة "النبي يعقوب" قرب بيت حنينا، وأسفرت عن مقتل 7 مستوطنين في 27 كانون الثاني\ يناير، وعملية الشهيد حسين قراقع في حي راموت الاستيطاني، وأسفرت عن مقتل 3 مستوطنين في 10 شباط\ فبراير 2023.
وجاءت العمليتان في أعقاب مجزرتين إسرائيليتين في الضفة المحتلة، أسفرتا عن استشهاد 15 فلسطينيًا، عشرةٌ منهم في مخيم جنين، وخمسة مخيم عقبة جبر في مدينة أريحا، الأمر الذي وصفه الفلسطينيون في منصات التواصل الاجتماعي بـ "القدس ترّد على المجازر الإسرائيلية"، ما يدفع للسؤال حول السيناريوهات المتوقعة لإجراءات الاحتلال مع القدس المحتلة.
"استرضاء المستوطنين"
المختص في الشأن الإسرائيلي علاء الأعرج يقرأ مجموعةً من الإجراءات والعمليات الإسرائيلية في الأيام القادمة، والتي ستهدف بشكلٍ عام إلى "استرضاء المستوطنين" وإقناعهم بأن حكومة الاحتلال تعمل باتجاههم وتدعمهم في الميدان، وستكون هذه الإجراءات عامة، حيث لا أحد يمكنه أن يمنع منفذ عملية فردية من تنفيذ عمليته.
ويوضح الأعرج في حديثه لـ "شبكة قدس" بعضًا من الإجراءات المتوقعة مثل تكثيف القبضة الأمنية على المقدسيين، من خلال التفتيش الحواجز الاعتقالات المكثفة، تصاعد الإبعادات عن المسجد الأقصى، وهدم البيوت في الأحياء المهددة في سلون وغيرها.
ويضيف الأعرج سيتم تكثيف "الضجة الإعلامية حول الاستيطان في القدس، على الرغم من أن الاستيطان في المدينة لم يتوقف، بل ويسير بوتيرة متسارعة، إلا أنه سيتم تكثيف الضجة حول، خاصة في شرق القدس، كما وستزيد الاقتحامات للمسجد الأقصى، مع تعزيز الظهور الإعلامي للاقتحامات، وممكن أن يشارك فيها إيتمار بن غفير."
ويتوقع الأعرج أن تتصاعد وتيرة الاعتقالات بناءً على منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، سيّما أن الفترة الأخيرة شهدت تواجد للمنفذين على هذه المنصات، مع وجود إشارات لتوجهاتهم، "وهو ما يثير جدلًا حاليًا في الوسط الإسرائيلي عن ضعف الرقابة الأمنية لحسابات الفلسطينيين."
استشعار الخطر
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي عامر المصري، أن ما يحصل من عمليات مقاومة في القدس خاصة ما يطلق عليها الاحتلال "الذئاب المنفردة"، والتي ليس لها بعد تنظيمي فهي دليل على استشعار أهالي القدس الخطر الوجودي المحدق والمتنامي في ظل صعود اليمين المتطرف.
ويضيف المصري في حديثه لـ "شبكة قدس": "إن الجانب الصهيوني يسارع من وتيرة التصعيد وعملية التهويد، وهناك حديث عن هدم مجموعة من المنازل، كما يحاول نتنياهو كبح جماح بن غفير، وباعتقادي ستخرج الأمور عن السيطرة حاليًا، وسيكون هذا اختبار للجانب الفلسطيني وردة فعل المستوى السياسي والمقاومة الفلسطينية ستكون في دائرة الاختبار الصهيوني كما نسميها نحن."
وفي ظل تصاعد الأصوات الإسرائيلية المطالبة بسحب جنسية الفلسطينيين المقاومين وعائلاتهم في الآونة الأخيرة، يقول المصري إن "الإعلام الصهيوني العنصري يحاول البحث عن محرضين يقفون وراء العمليات، حتى يكون هناك ذريعة لسحب جنسيات لمحاولة ترحيل مجموعة من الفلسطينيين لمناطق السلطة."
ويستدرك المصري: "لكن كون منفذي العمليات من "الذئاب المنفردة" فهو يعرقل سحب الجنسية أو الهويات، ولكن باعتقادي أن الفترة المقبلة ستشهد تضييق على النخب الفلسطينية خاصة فيما يخص المسجد الأقصى، سواء الرموز الوطنية أو الدينية"
مزيدًا من القبضة الحديدية
بدوره، يقول المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد لـ "شبكة قدس" إن الاحتلال لا يمكن أن يعترف أن العمليات جاءت كردٍ على الاحتلال وإجراءاته، ولا يمكن أن يعترف بفشله بمنعها، وبالتالي سيذهب في نفس الاتجاهات في الخيارات السابقة، ولكن بوتيرة أغلظ وأكثر عنفًا.
ويتابع شديد: "إن الاتجاه في التعامل مع تصعيد المقاومة، مرتبطٌ بجوهر مشروع الحكومة الصهيونية الدينية للرد على العمليات بمزيد من المستوطنات ثم مزيد من القبضة الحديدية وهدم منازل وقتل وتنكيل بالفلسطينيين، والفرصة المتوفرة لهذه الحكومة لم تكن متوفرة للحكومات السابقة، بمعنى نفس الوسائل بشكل أغلظ وأعنف، وليس سكان القدس وحدهم من سيواجهونه، بل كل الفلسطينيين سواء على الحواجز وعمليات التنكيل والتفتيش وما شابه."
ويرى شديد أن استمرار هذه العمليات يربك الحكومة من جهة، ويظهر أنها ليست بأقوى من السابقة، وأن الشعار الذي رفعته بأنها سيدة الأمن ثبت بأنه غير صحيح، وأن الأمن الإسرائيلي لن يتحقق إلا عبر مسار سياسي، خاصةً أن هذه العمليات نتاج غياب الفصائل، ورأي عام شعبي داعم للمقاومة.