رام الله المحتلة - خاص شبكة قُدس: ستة أيام مرت على قرار السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، على خلفية ارتكاب قوات الاحتلال مجزرة في مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة ارتقى فيها 10 شهداء بينهم سيدة مسنة وأصيب العشرات بجراح.
المحلل السياسي ساري عرابي، قال في حديث لـ "شبكة قُدس"، إن خطوة وقف التنسيق الأمني لا ينظر لها الفلسطينيون بصورة جدية، بمعنى أن الجمهور الفلسطيني ينظر بنوع من الشك لهذه الخطوة.
وبحسب عرابي، فإن هناك عدة اعتبارات لنظرة الفلسطينيين لهذه الخطوة، أهمها أن السلطة هددت أكثر من مرة بوقف التنسيق الأمني واتخذت قرارات بوقفه في وقت سابق، ولم يتم الالتزام بهذه القرارات والتوصيات، وتم استئناف التنسيق الأمني على الرغم من الظروف العصيبة التي أحاطت بالقضية الفلسطينية طوال السنوات الماضية، كون المفاوضات متوقفة منذ عام 2009 بمعنى أن مشروع السلطة أصبح بلا أفق سياسي.
ونوه إلى أن حكومة نتنياهو الحالية عادت لمخططات أكبر من السابق، وتحاول التوغل في دماء الفلسطينيين، وسط الارتفاع في عدد الشهداء الفلسطينيين، الذي يتزامن مع تصاعد حالة المقاومة، معتبرا أن اتخاذ قرار من هذا النوع جاء فقط لتعبئة الفراغ السياسي ولكي تقول السلطة للفلسطينيين إنها تفعل شيئا في واقع صعب.
ويرى عرابي أنه يستحيل على السلطة أن توقف التنسيق دون الخروج من مسار عملية التسوية، وفي المحصلة فإن السلطة في ظل الاحتلال، يجعلها غير قادرة على اتخاذ مواقف جدية وجذرية، والوقف الحقيقي للتنسيق يعني مواجهة مع الاحتلال وواضح أن السلطة حتى اليوم لا تتعاطف مع فكرة المواجهة مع الاحتلال، والمواجهة مع الاحتلال تحتاج إلى وحدة وطنية وبرامج نضالية وهناك الكثير من الخطوات المطلوبة لكي تثق الجماهير الفلسطينية بخطوة من هذا النوع، بحسب عرابي.
وأكد عرابي، أن عملية التنسيق الأمني عملية غير واضحة معالمها بشكل علني، ولا يعرف أحد تفاصيلها وكيف تجري.
ويعتقد عرابي، أن هذه الخطوة لن تطول بسبب إمكانية تعرض السلطة لضغوطات عربية ودولية وإقليمية، وقد يتم التراجع عنها في حال أعطيت السلطة ضمانات بتحسينات اقتصادية وإفراج الاحتلال عن بعض الأموال التي تستولي عليها شهريا من أموال المقاصة، مؤكدا أن إمكانية التراجع عن قرار وقف التنسيق الأمني يستند إلى التطورات السياسية، ولكن في حال كانت الأمور معقدة أكثر مما هي عليه قد تجد السلطة حرجا في التراجع عن الخطوة.
في المقابل اعتبر المحلل السياسي هاني المصري، أنه حتى الآن يتم التعامل مع القرار باعتباره يرسل رسائل عدة أولاها إلى الشعب الفلسطيني الذي لن يرضى بأقل من هذه الخطوة بعد مجزرة جنين وكل الجرائم التي قامت بها أو تحضر للقيام بها الحكومة الإسرائيلية.
والرسالة الثانية بحسب المصري، إلى العالم والإدارة الأميركية بشكل خاص، من أجل دفعها إلى التحرك قبل فوات الأوان لوقف التصعيد الإسرائيلي الذي بدأ مع تولي حكومة الاحتلال الجديدة الحكم، وهو مرشح للتصاعد.
وأكد، أنه أرادت السلطة الاستمرار في وقف التنسيق الأمني، عليها أن لا تكتفي بهذا القرار، بل من المفترض أن تعيد النظر بكل المقاربة السياسية التي تبنتها منذ توقيع اتفاق أوسلو وحتى الآن، وتتبنى مقاربة جديدة تقوم على عدم وجود حل ولا مفاوضات في المدى المنظور، وعلى الوحدة والصمود والمقاومة الشاملة بوصفها القاطرة الرئيسية تضاف إليها قاطرات أخرى كثيرة لتغيير موازين القوى، بما يسمح بإنهاء الاحتلال وإنجاز الحقوق والأهداف الفلسطينية، وعليها بشكل أخص أن تعيد النظر في طبيعة السلطة وشكلها ووظائفها والتزاماتها وموازنتها، فهناك حاجة بالتأكيد إلى وجود سلطة لإدارة شؤون الناس، ولكن لا بد أن تكون من طراز جديد.