فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: تاريخياً، شكلت علاقة الفلسطينيين مع السلاح أحد أهم مكونات هويتهم الفكرية والاجتماعية، ويمكن العودة للدلالة على هذا إلى أزمان بعيدة أو قريبة، إذ يروي المؤرخون أن الفلسطينيين كانوا خلال مختلف مراحل الدول التي حكمت المنطقة يحرصون على اقتناء مختلف أنواع الأسلحة البدائية منها أو الحديثة، وهذا الاحتفاء بالسلاح صار أكثر "قداسة" بعد التحدي الاستعماري الصهيوني الذي شتت الشعب الفلسطيني ودمر حياته، حتى صار لبعض أنواع الأسلحة "رمزيتها" في الوعي الفلسطيني، لارتباطها بالعمليات الفدائية خاصة الكبيرة منها، وتجلياتها في سعي الفدائيين الدائم للبحث عن "سند مادي" يواجه فيه بطش الآلة العسكرية الإسرائيلية.
في المرحلة الجديدة أو المتجددة من المقاومة، في الضفة والقدس والداخل، انضم سلاح "المسدس" إلى "الكارلو" في قائمة الأسلحة التي امتشقها الفدائيون في عملياتهم في قلب دولة الاحتلال، ورغم ضآلة هذا السلاح في "المقياس العسكري الجاف" إلا أنه كانت له آثار في الميدان وفي رفع الوعي الجماعي الفلسطيني كبيرة، تتجاوز التفاصيل التقنية حول نوعيات الأسلحة.
يوم أمس، بعد ساعات من مجازر ارتكبها الاحتلال في مخيم جنين خرج الفدائي خيري علقم بسلاح "المسدس" إلى مستوطنة "النبي يعقوب" قرب بيت حنينا شمال القدس المحتلة، وأطلق النار نحو تجمع للمستوطنين وقتل منهم 7 وأصاب آخرين، وترك دولة الاحتلال في صدمة ظهرت على وجه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وأركان حكومته التي وصلت إلى القيادة وهي مدججة بمخططات ووعودات بدفع المشروع الاستعماري، خاصة في الضفة، إلى مراحل متقدمة على حساب القضاء على وجود الشعب الفلسطيني.
مصادر إسرائيلية قالت إن "دقة" الشهيد علقم في الإصابة ومهارته في استغلال كمية الذخيرة القليلة التي بين يديه، خلال العملية، في إيقاع إصابات كبيرة بين المستوطنين أثار قلق المنظومة الأمنية والاستخباراتية لدى الاحتلال.
وبذات السلاح، اقتحم فدائي يبلغ من العمر (13 عاماً) بؤرة استيطانية في بلدة سلوان التي تعتبر أحد أبرز مواقع الصراع مع الاحتلال، وأصاب مستوطنين أحدهما ضابط في لواء المظليين في جيش الاحتلال، وقد أصابت رصاصاتها في البعد المعنوي كل تهديدات قادة الاحتلال والإعلانات المتتابعة من قبل قادة الجيش والشرطة عن رفع حالة التأهب وتوجيه "ضربات قاسية" للمقاومة، في مقتل.
وفي هذه المرحلة الثورية من تاريخ المقاومة الفلسطينية، كان هذا السلاح رفيق عدد من منفذي العمليات الفردية النوعية. في عملية الشهيد رعد خازم الذي انطلق من مخيم جنين إلى قلب دولة الاحتلال في "تل أبيب" حيث يعيش المستوطنون حالة "الرفاهية والأمن المصطنعة"، وقتل 3 مستوطنين قبل أن ينسحب من المنطقة ويستشهد بعد ساعات قرب مسجد في يافا المحتلة.
وفي عملية الشهيد عدي التميمي، أظهرت المقاطع المصورة التي انتشرت للعملية شجاعته الكبيرة بعد أن نزل من المركبة حاملاً المسدس وأطلق النار نحو جنود الاحتلال من مسافة صفر وهربوا من أمامه، قبل أن ينسحب بسلام بعد أن حقق فيهم إصابات مباشرة، وبعد أيام من العمليات الميدانية والاستخباراتية والأمنية المكثفة خرج لهم من حيث لا يتوقعون، عند مدخل مستوطنة "معاليه أدوميم" شرقي المدينة المحتلة، وفتح النار نحو عناصر الأمن قبل أن يستشهد.
وفي أبعاد أخرى، يتخوف الاحتلال من أن يصبح هذا السلاح أداة رئيسية في العمليات الفدائية المقبلة، نظراً لسهولة إدخاله إلى الداخل المحتل مقارنة بباقي الأسلحة، وانتشاره الكبير نسبياً في تلك المناطق، وقدرة حامله على التمويه عليه بسبب حمل نسبة من المستوطنين له.
كما يخشى أن تصبح هذه العمليات نموذجاً للفصائل الفلسطينية بحيث تعتمد على هذا السلاح في العمليات والتضليل الأمني لمخابرات الاحتلال.
السلاح المستخدم في عملية سلوان
سلاح الشهيد خيري علقم