قُدس الإخبارية: عميل جديد وقع في قبضة السلطات الأمنية اللبنانية، كشف عن وسائل التجنيد والتواصل التي كان جهاز "الموساد" يتبعها في تجنيده والتواصل معه، وهو ما يندرج في سياق ما كشفته وسائل إعلام لبنانية خلال الشهور الماضية عن اعتقال عدد من العملاء، وتجنيد معظمهم من مدخل المال وتوفير الوظائف.
علاقة "حسن" مع "الموساد" بدأت في حزيران/ يونيو 2020 بعد اتصال من رقم أجنبي عبر "الواتساب"، من شخص يدعي أن اسمه "سامر"، كما كشفت صحيفة "الأخبار"، وذكرت أن المدعو "سامر" زعم أنه لبناني يعمل مسؤولاً عن "التوظيف في شركة أمن متخصصة بتأمين الحماية لرجال الأعمال في كل أنحاء العالم".
بعد سؤاله عن الراتب قال "سامر" لــ"حسن" إن هذا يحدده "الاختبار"، وقد طلب منه أن "يفترض أنه مرافق رجل أعمال يريد عقد اجتماع في مطعم في صور، وعليه أن يختار المكان المناسب، ويجري دراسة مسبقة يحدد فيها إحداثيات موقع المطعم مع مداخله ومخارجه، وعدد طوابقه وموظفيه، ومواقع كاميرات المراقبة، مع رسم توضيحي لكيفية توزّع الطاولات... وبعدها تحضير خطة لإخلاء الشخصية من المكان في حال حدوث أي طارئ".
ويروي "حسن" في محضر التحقيق أن "المشغل" زوده "بتعليمات يجب اتباعها كعدم التصريح عن سبب قدومي إلى المطعم وعدم السؤال مباشرة عما أريد معرفته"، وبعد اختياره مطعماً ونفذ ما طلب منه بالحذافير، سأله "سامر" عن إن كان لديه معرفة بالقضايا الأمنية والعسكرية فكشف له أنه "قاتل سابقاً في صفوف حزب الله وعمل متطوعاً مع الصليب الأحمر اللبناني".
وبعد ذلك، قال "المشغل" لــ"حسن" إن شخصاً اسمه "ألكسي" سيتولى مهمة تدريبه، وفي تموز/ يوليو 2020 بدأ التواصل مع "ألكسي" الذي كان يتكلم لغة عربية "مكسرة"، وزعم أنه من أصول مصرية وقد هاجر إلى روسيا منذ طفولته، وخدم كضابط في الجيش الروسي، قبل إلى العمل في شركة الأمن، كما تذكر صحيفة "الأخبار".
"حسن" الذي كان يعمل في تلك الفترة سائق أجرة توقف عن العمل بسبب تدني الراتب، وهو ما أثار غضب "ألكسي" الذي أخبره أن هذا العمل يحقق له التنقل بين المناطق دون إثارة شبهات، وأخبره أنه مستعد لمساعدته مادياً، قبل أن يرسل له 1000 دولار مع أحد الأشخاص قرب مسجد محمد الأمين في وسط بيروت.
ويكشف العميل أن "المشغل" طلب منه شراء هاتف خليوي من نوع "سامسونغ" وشريحة خط جديدة غير مسجلة باسمه لاستخدامهما في التواصل معه حصراً، وأكد عليه أن لا يشتري الشريحة والهاتف من مكان سكنه.
وبعد اكتشافه أن الجهات التي تواصلت معه هي من "الموساد"، بعد أن سأله "سامر" عن المواقع التي خدم فيها خلال انتسابه لحزب الله، قرر "حسن" الاستمرار في العلاقة وتضخيم خدمته في الحزب، رغم أنه لم ينتسب له سوى في الفترة بين 2006 - 2008، وزعم لمشغليه أنه انخرط منذ صغره في "كشافة المهدي"، ثم حصل على دورات عسكرية في لبنان وسورية وإيران، وشارك في القتال في الحرب السورية، علماً أنه خضع لدورة دينية ودورة محو أمية سلاح ودورة مقاتل، وقاتل في سوريا عام 2015 في صفوف "لواء أبو الفضل العباس" وليس حزب الله، كما تقول الصحيفة.
لاحقاً عمل "حسن" سائق شاحنة في شركة مقاولات في قضاء مرجعيون، وطلب منه "ألكسي" تحديد المسارات التي يمر منها خلال العمل فأخبره أنها الطريق بين شقرا وميدون وبيروت، ولكنه ترك العمل بعد شهر الأمر الذي أثار غضب "المشغل"، فأخبره حسن انه له أصدقاء في الشركة فطلب منه "ألكسي" تزويده بعدد الآليات في الشركة وأنواعها وصورها وأرقام لوحاتها وإحداثيات المكتب الرئيسي لها ومواقع تثبيت كاميرات المراقبة، إضافة الى عدد العمال وأسمائهم وأرقام هواتفهم، ونوع جهاز إرسال الـ«وايفاي» واسم الشبكة وكلمة المرور الخاصة بها. وبعد تأمين هذه المعلومات، ثم أرسل «ألكسي» إليه 2000 دولار تسلّمها من الشخص نفسه في محلة الدورة في بيروت.
المهمة التالية لــ"حسن" كانت جمع معلومات عن مجمع تجاري، في صيدا، لكنه لم ينفذها بسبب الإغلاق العام بعد تفشي "كورونا"، ثم طلب منه "ألكسي" شراء مركبة أجرة للعمل عليها وبعد أن أرسل له مواصفات المركبة، قال له إنه لا يمكن إرسال الأموال إلى لبنان، تروي "الأخبار"، ويجب عليه اختيار بلد لزيارته فاختار تركيا، ثم طلب منه اختيار سبب للسفر وتحضير جواز للسفر، وبعد أن قرر أن يدعي أن مسافر لشراء قطع غيار للشاحنات زوده "المشغل" الإسرائيلي برقم شخص يقول إنه يعمل في بيع قطع غيار الشاحنات، في تركيا، وأجرى تواصلاً مكتوباً معه من أجل التمويه.
سافر "حسن" إلى تركيا في نيسان/ إبريل 2021، وخلال وجوده هناك أعطاه "ألكسي" 3000 دولار وطلب منه أن يحجز غرفة في فندق آخر غير الذي كان ينزل فيه، وشراء هاتفين خلويين، أحدهما من نوع "سامسونغ" والآخر من نوع "شياومي" وبطاقة ذاكرة (usb) ذات مدخلين توصل بالهاتف مباشرة.
ويذكر "حسن" في محضر التحقيق الذي نقلت عنه الصحيفة أن متخصصاً من جانب "الموساد" تواصل معه، عبر "الواتساب"، وعلمه على تعديل إعدادات الهاتف عبر إنشاء second zone بكلمة سر منفصلة، وطلب منه تحميل برنامج video maker لتصغير حجم الصور ومقاطع الفيديو للتمكن من إرسالها عبر البريد الإلكتروني، وبرنامج gps logger الذي يحفظ إحداثيات المواقع التي يوجد فيها لإرسالها إلى مشغّليه لاحقاً، وبرنامج mobile hidden camera للتصوير بشكل خفي، وبرنامج لتشفير الرسائل، وبرنامج maps me الذي يمكنه من استخدام الخرائط دون الاتصال بشبكة الإنترنت، وتحميل خريطتَي إسطنبول وبيروت.
ثم خضع لتدريبات ومهام تجريبية مثل تصوير صيدلي داخل صيدليته، وإحصاء الموظفين وكاميرات المراقبة في مركز موسيقي، والتدرّب على التمويه بعدم الذهاب إلى الهدف مباشرة، وكيفية تغيير مظهره بارتداء كمامة ونظارة شمسية وقبعة وسترة، وخلعها ووضعها في كيس قبل الانتقال الى نقطة أخرى.
في اليوم السابع لتواجده في تركيا، خضع "حسن" لاختبار فحص الكذب، وسأله ضابط "الموساد" إذا كان ما يزال يعمل لمصلحة حزب الله أو أحد الأجهزة الأمنية، وفي نهاية الاختبار قال له بلكنة فلسطينية: "مبروك يا بطل"، وأعطاه 9000 دولار، قبل أن يعود إلى بيروت ويكلفه "ألكسي" بالتقصي عن مستودعات صواريخ لحزب الله، في بلدة قانا، واعترف بأنه زود مشغله بإحداثيات لفيلّا مهجورة ومركز للحزب ومنزل أحد المشايخ ومزرعة دواجن في بلدة عيتا الشعب، وأسماء عناصر في الحزب من أبناء قانا وعمل كل منهم.
وتقول الصحيفة إن "حسن" قرر الصيف الماضي وقف التواصل مع "المشغل"، وتوجه إلى أن حزب الله لكنه لم يعترف بارتباطه بــ"الموساد"، وزعم أنّه تلقّى عرض عمل من شركة أجنبية تعمل في مجال حماية الشخصيات في لبنان وخارجه، وأن شكوكه ثارت في أن تكون الشركة تابعة للاستخبارات الإسرائيلية، بعدما طُلبت منه معلومات تتعلق بحزب الله، قبل أن يعتقله فرع المعلومات ويدلي باعترافاته كاملة.