فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: في أوج "مأزق سياسي" قرر الرئيس السوداني السابق عمر البشير فتح اتصالات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، هكذا يزعم كتاب إسرائيلي حول علاقات التطبيع التي تصاعدت في السنوات الأخيرة، بين النظام السوداني و"إسرائيل".
كتاب المراسل السياسي لموقع "والا" العبري، باراك رافيد، يدعي أن الرئيس السوداني السابق عمر البشير فتح خط اتصالات مع رونين ليفي الملقب بـــ"ماعوز"، الذي قرر نتنياهو مؤخراً تعيينه مديراً عاماً لوزارة الخارجية بعد سنوات من العمل في "الظل"، لفتح علاقات مع دول عربية وتطبيعية.
وفقاً للرواية الإسرائيلية فإن البشير قرر فتح الاتصالات مع دولة الاحتلال بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضده، وقد أخبر "ماعوز"، وقال له إنه يريد علاقات مع "إسرائيل" وطلب منه التحدث إلى رئيس المخابرات السودانية، صلاح قوش.
وكانت وسائل إعلامية كشفت أن صلاح قوش اجتمع مع مسؤولين إسرائيليين بينهم رئيس "الموساد" السابق يوسي كوهين، في ألمانيا، في عام 2019.
رافيد يروي أن العلاقات مع السودان بدأت من بوابة تشاد، ويوضح أن نتنياهو سعى إلى فتح طريق طيران مباشر مع أمريكا اللاتينية، فوق إفريقيا، لتقصير الرحلة إلى ثلاث ساعات، وهو أمر يحتاج إلى موافقة السودان وتشاد وليبيا، وهي دول لا تقيم علاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وقرر نتنياهو أن تشاد هي "الوجهة المناسبة" في هذا المسار، لأنها ارتبطت سابقاً بعلاقات مع "إسرائيل".
وكشف رافيد أن دولة الاحتلال حاولت سابقاً تجديد العلاقات مع تشاد، في أعوام 2005 و2016 و2018 عبر وزارة الخارجية والموساد ومجلس الأمن القومي، وعبر مستشار الأمن القومي التشادي جيدي صالح، وعبد الكريم ديبي نجل رئيس تشاد وسكرتير حكومته، الذي التقاه ماعوز في أحد العواصم الأوروبية، قبل الاتصال الهاتفي المباشر بين "ماعوز" والرئيس إدريس ديبي.
وأضاف أن نجل ديبي وصل إلى "إسرائيل" حاملاً رسالة من الرئيس تفيد برغبته في تجديد العلاقات، ثم أجرى محادثة هاتفية مع نتنياهو عن إمكانية تجديد العلاقات، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، زار الأخير باريس، والسبب الرسمي هو الاحتفال بالذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى، لكن السبب الأقل رسميًا هو لقاء سري بين نتنياهو ونجل رئيس تشاد لتجهيز زيارة والده إدريس ديبي لدولة الاحتلال.
وخلال هذه المرحلة، أجبر نتنياهو على قطع زيارته لباريس بعد اكتشاف قوة إسرائيلية خاصة من قبل القسام، في غزة، واندلاع مواجهة، وبعد أسبوعين زار رئيس تشاد دولة الاحتلال ثم قام نتنياهو بزيارة لتشاد بحماية مئات من جنود القوات الخاصة التشادية، وخلال الزيارة عرض الرئيس التشادي إجراء جهود للمضي قدما في التطبيع مع السودان، هكذا ولدت المكالمة الهاتفية في كانون الثاني/ يناير 2019 بين ماعوز والبشير، والعلاقة بين مستشاري نتنياهو ورئيس المخابرات السوداني صلاح قوش.
ويضيف أن الاحتلال طلب من قوش إذناً بعودة نتنياهو عبر أجواء السودان، وقد حصلوا على هذا القرار مباشرة من قوش، دون العودة إلى سلطة الطيران.
وفي تطور آخر في العلاقات، يشير الكتاب إلى دور المحامي الإسرائيلي البريطاني نيك كوفمان الذي طرح مسألة مقابلة الجنرال عبد الفتاح برهان، بعد سقوط البشير، في الخرطوم وإرسال رسالة له من نتنياهو، وذكر أن "ماعوز" أراد استخدام اتصالات كوفمان في إفريقيا وفي ليبيا تحديداً، خاصة مع "نجوى قدح الدم" التي تربطها علاقات مع النظام السوداني الجديد.
نجوى قدح الدم طلبت من المسؤولين الإسرائيليين إحضار رسالة من نتنياهو للبرهان، ثم زار كوفمان الخرطوم ونقل الرسالة وأجرى جولة مع ضباط المخابرات السودانيين، وبعد ساعات قليلة التقى مع نجوى قدح الدم بالبرهان، وعبَر الأخير عن موافقته لإقامة العلاقات، وفي 6 كانون الثاني/ يناير 2020 وصل "ماعوز" إلى عنتيبي لعقد اجتماع سري مع قدح الدم وأحد كبار مساعدي البرهان.
وفي أوغندا، في 3 شباط/ فبراير 2020 تحديداً عقد نتنياهو اجتماعاً مع البرهان، ويكشف الكتاب أن عناصر "الموساد" لم يعجبهم أن تجري الاتصالات من "خلف ظهورهم" بعد أن كانوا على "اتصال بعناصر من المخابرات السودانية خلال سنوات حكم البشير"، وذكر أن رئيس "الموساد" السابق كوهين "تذمر" وقال للبرهان إن "إسرائيل لا تستطيع تقديم وعود له بأن ترفع الولايات المتحدة الامريكية اسم السودان من قائمة العقوبات"، وقد ظهر أنه يتحدث بــ"طريقة عدوانية"، حتى اضطرت قدح الدم للتدخل، وطالبت كوهين بتخفيف حدة اللهجة، وكاد أن ينفجر الاجتماع.
هذه الأجواء لم تمنع "ماعوز" من إكمال الاتصالات مع البرهان ومستشاريه، بهدف بناء علاقات وثيقة معهم، وصولاً إلى موافقة النظام السوداني في آذار/ مارس 2020 على فتح أجوائه أمام الطائرات الإسرائيلية.
رئيس المخابرات التشادية الذي زار دولة الاحتلال لاحقاً طرح قضية "التطبيع" مع السودان، وتناقش مع المسؤولين الإسرائيليين حول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الذي التقى مع مسؤولين في "الموساد" لاحقاً، وهو ما أثار استياء البرهان، ودفعه للمطالبة بمعرفة إذا ما كانت "إسرائيل" تحصر التواصل معه من خلال نائبه.
وبعد اتفاق التطبيع مع الإمارات، يذكر رافيد أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أراد بناء خطوة خاطفة مع السودان، بالتزامن مع تحمس الإماراتيين للفكرة، الذين أكدوا موافقتهم على المساعدة في المحادثات ثم كلف جاريد كوشنر، الجنرال ميغيل كوريا من مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض بقيادة المحادثات مع السودان.
وبعد الإعلان الرسمي عن العلاقات بين النظام السوداني ودولة الاحتلال، شهدت البلاد مسيرات واحتجاجات من قبل القوى الشعبية التي أعلت رفضها للتطبيع.
ترجمة: عربي 21