فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: لم يمضِ بضعة أسابيع على تولي حكومة بنيامين نتنياهو الائتلافية زمام الأمور في دولة الاحتلال الإسرائيلي خلفًا للحكومة الإسرائيلية السابقة برئاسة يائير لابيد ونفتالي بينيت، حتى دخل الإسرائيليون في آتون أزمة سياسية غير مسبوقة.
وتعصف التظاهرات الأخيرة بالاستقرار في دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد صعود "الصهيونية الدينية"، في انتخابات "الكنيست" الأخيرة ثم تولي قادتها مسؤوليات أمنية وسياسية حساسة، وتصاعدت خلال الساعات الماضية التصريحات المتبادلة بين قادة الحكومة والمعارضة.
وفي بداية الأزمة، صرح تسفيكا فوغل من حزب إيتمار بن غبير بأنه يجب اعتقال يائير لابيد وغانتس ويائير غولان وموشيه يعالون بــ"تهمة خيانة لإسرائيل"، حسب تعبيره، وقال: "إنهم أخطر الناس ويتحدثون عن الحرب ضدنا، إنهم يعاملوننا كعدو، هذه خيانة لإسرائيل وهذا مبرر لاعتقالهم".
تهديدات فوغل شجعت نائب الوزير في مكتب رئيس حكومة الاحتلال، ألموغ كوهين على التهديد باعتقال قادة المعارضة قائلاً: "إذا لم يتوقف لابيد وغانتس عن التحريض ضد الحكومة، والرغبة في إراقة الدماء، فسيتم اعتقالهم ويكبلوا بالأصفاد".
رئيس حكومة الاحتلال السابق، يائير لابيد، قال بعد هذه الحادثة لنتنياهو: "في بلد ديمقراطي لا يتم دهس الجمهور، ولا الدوس على نظام القضاء، لقد أصبحت رئيس حكومة ضعيفًا يرتجف خوفًا من شركائه المتطرفين، إنهم لا يحسبون لك حسابا، ويقودون دولة إسرائيل إلى الانهيار".
وبعد تصريحات لابيد، قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو: "في بلد ديمقراطي صحيح لا يتم اعتقال قادة المعارضة، ولكن أيضا لا يتم نعت وزراء الحكومة بالنازيين، ولا يتم تحريض الجمهور لتنفيذ أعمال شغب وعنف".
وخلال العامين الأخيرين حذرت شخصيات إسرائيلية من انهيار الاحتلال من الداخل نتيجة للأزمة السياسية التي يعيشها الاحتلال وحالة الكراهية، وهو ما أيده وزراء سابقين مثل إيهود باراك ويعالون وبني غانتس وزير الحرب السابق.
سلسلة انقسامات
في السياق، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد إن ما يجري حاليًا هو حلقة في مسلسل الانقسامات السياسية التي يعيشها الإسرائيليون في الفترة الأخيرة، في ضوء التحالفات السياسية القائمة المتصلبة التي لا تقبل القسمة على اثنين أو يتداخل مع الطرف الآخر.
ويضيف أبو عواد لـ "شبكة قدس" أن نتنياهو يستطيع أن يتحالف مع الأطراف الأخرى لكن في ظل حاجته للصهيونية الدينية والحريديم هو يبعتد عن الآخرين نتيجة لحالة عدم الالتقاء مطلقًا بين هذه الأطراف والأطراف الأخرى.
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي أن هناك شعورًا لدى الإسرائيليين بالقلق على مستقبل "الدولة"، وهناك "شرذمة" قليلة تتحكم في مصير دولة الاحتلال بعيدًا عن بقية الأطراف وهو ما يساهم في تفاقم الأزمة بالنسبة الاحتلال.
ويواصل أبو عواد قائلاً: "حالة التشرذم في المشهد السياسي الإسرائيلي ستظل قائمة ما دام نتنياهو موجود لا سيما مع استمرار محاكمته، إلا أن تراجع كل من بني غانتس أو يائير لابيد وقررا التحالف معه عندها يمكن أن يختلف المشهد".
ويرى أن الحراك ضد الائتلاف الحكومي برئاسة نتنياهو ما يزال دون المستوى الذي يمكن أن يؤدي إلى انهياره أو سقوطه، مع الإشارة إلى المشاكل الموجودة داخل الائتلاف الحكومي حاليًا على الصعيد الداخلي.
أزمة سياسية
من جانبه، يؤكد المختص والباحث في الشأن الإسرائيلي جمعة التايه على أن الاحتلال الإسرائيلي يعيش أزمة سياسية حقيقية عميقة منذ 4 سنوات حيث ذهب الإسرائيليون إلى 5 جولات انتخابية وهو دليل على عدم الاستقرار في نظام الحكم السياسي.
ويقول التايه لـ "شبكة قدس" إنه رغم نجاح نتنياهو في تشكيل الحكومة الأخيرة إلا أن وجود شخصيات مثل ايتمار بن غبير وسموتيرتش يعكس محاولات هاتين الشخصيتين على فرض أجندتهما السياسية على الدولة كدولة إن جاز التعبير.
ويتبع قائلاً: "هناك تغيير للقيم حاليًا وتغيير للفكر الصهيوني على حساب الدولة من أجل فرض وقائع جديدة على السياسة الإسرائيلية خصوصاً من بن غبير وغيره من الشخصيات المحسوبة على الصهيونية الدينية التي صعدت في الانتخابات".
ويتوقع التايه أن تتطور الاحتجاجات الإسرائيلية الأخيرة خلال الفترة المقبلة بشكلٍ كبير وسريع لأن الأحزاب السياسية المحسوبة على الوسط والعلمانيين يرون أن الأحزاب الدينية قد سحبوا دولة الاحتلال إلى التطرف وإلى الدولة الدينية.
وعن إمكانية انهيار الائتلاف الحكومي في المرحلة الحالية، يتحدث قائلاً: "ربما لن نشهد أحداثًا دامية داخل الاحتلال، لكن التظاهرات والاحتجاجات ستستمر خلال المرحلة المقبلة، إلا أن المؤكد أن الائتلاف لن ينهار على الأقل في المنظور القريب".
في الوقت ذاته، لا يستبعد التايه فرضية حدوث انهيار من الداخل على مستوى الائتلاف الحكومي الحالي على غرار ما حصل في الحكومة السابقة برئاسة بينيت ولابيد، من خلال انسحاب بعض الشخصيات في حال لم يستطع نتنياهو لجم كل من بن غبير وسموتريتش.
في سياق متصل، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة أن المشهد السياسي في الاحتلال يتضح من خلال تصريحات كل من غانتس ولابيد التي تحدثوا فيها أن الإسرائيليون يدمرون أنفسهم بأنفسهم من خلال ما يعرف بـ "الحرب الأهلية".
ويقول جعارة لـ "شبكة قدس" إنه لا توجد قضية أو ملف يحظي بأي اتفاق بين الأحزاب الإسرائيلية في الاحتلال، فعلى صعيد الملف الفلسطيني هناك اختلاف وعلى صعيد الملف العربي هناك اختلاف وعلى صعيد الموقف الخارجي هناك اختلاف.
وبحسب المختص في الشأن الإسرائيلي فإن ثمة تحذيرات إسرائيلية من إمكانية انهيار "الدولة" من الداخل نتيجة لما يروجه الإسرائيليون بما يعرف بـ "كراهية" اليهود لليهود استنادًا لانهيار دولتهم المزعومة الأولى والثانية.
ويواصل قائلاً: "هناك تحذير إسرائيلي مما يعرف بالكراهية المجانية استنادًا لما يعرف عندهم بـ "التناخ" والذي أكد على أن الدولة اليهودية الأولى والثانية انهارت بسبب الكراهية المجانية وهو ما قد يؤدي لانهيار دولتهم الثالثة الآن".