رام الله - خاص قدس الإخبارية: لا زالت التسريبات المنسوبة لعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ الحدث الأبرز الذي انتقل مع الفلسطينيين من 2022 إلى 2023، رغم سعي الشيخ للاستفادة من فعاليات الانطلاقة التي قامت بها حركة فتح في عدة محافظات، ليؤكد على علاقته المتينة بقيادات الحركة وأعضاء لجنتها المركزية.
لكن الصور التي انتشرت من خلال مقربي الشيخ، وجمعته مع مدير المخابرات العامة ماجد فرج، والرئيس محمود عباس، وهما كانا قد أُسيء لهما في التسريب، وكذلك وعضو اللجنة المركزية توفيق الطيراوي، يبدو أنها فسرت بما لا يشتهي الشيخ، فقد كان التفسير الشائع لها أنها تعبير عن الأزمة، لكن على شكل تشابك أيدٍ وابتسامات.
الشيخ الذي كان يسعى بشكل محموم لعقد المؤتمر الثامن لحركة فتح، ويحاول توطيد علاقاته مع أقاليم الداخل والخارج، مستفيدا من علاقته المتينة بالرئيس عباس، وجد نفسه مجردا من أهم أسلحته، ففي حين يبدو أنه لا يلقى قبولا في قواعد حركة فتح، كان الشيخ يمضي في المناصب والعلاقات والترتيبات بحكم قربه ووجوده في ظل الرئيس.
تكشف مصادر مطلعة لـ "شبكة قدس" أن أعضاء كبار في اللجنة المركزية لحركة فتح، بينهم جبريل الرجوب، حضروا اجتماعا دعا له الرئيس عباس لمناقشة التسريبات المنسوبة للشيخ، واستمر الاجتماع حتى الساعة 12:30 ليلا، وشاركت فيه قيادات أمنية، بينها مدير جهاز الاستخبارات العسكرية زكريا مصلح، ومدير جهاز المخابرات العامة ماجد فرج.
وبينما كان موقف الشيخ ضعيفا خلال الاجتماع، ولم ينكر قطعا ما ورد في التسجيل، تم الاتفاق على تأجيل النقاش في القضية إلى ما بعد فعاليات الانطلاقة، على أن تبدو قيادة فتح موحدة خلال هذه الفعاليات، وهو ما يفسر ما نشر لاحقا من صور ومقاطع فيديو للأطراف المتخاصمة داخل فتح وهي مجتمعة في إحياء ذكرى الانطلاقة.
ويعتبر مراقبون أن عدم نشر الإعلام الرسمي أو التابع لحركة فتح، نفيا للتسريبات، يؤكد على عدم قدرة الشيخ تجاوز الأزمة في الوقت الراهن. في المقابل نشر مقربون من الشيخ نفيا وتأكيدا على أن هذا التسريب لن يؤثر عليه، فيما نفى هو بنفسه صحة التسريبات في مقابلة مع صحيفة العربي الجديد.
في هذا السياق، يقول المحلل السياسي محمد دراغمة إن التسريبات الأخيرة أحدثت هزة كبيرة في الشارع الفلسطيني كون الكل يدرك أن حسين الشيخ بمثابة الذراع اليمنى للرئيس عباس في إدارة النظام السياسي.
ويستدرك دراغمة في حديثه الإذاعي الذي رصدته "شبكة قدس" مشيرا إلى أن التفسير لهذه التسريبات هو الصراع المتفجر داخل فتح حول الترتيبات الانتقالية لمرحلة ما بعد الرئيس عباس لا سيما في ظل الانقسام وغياب منصب رئيس المجلس التشريعي فإنه من الطبيعي أن تتفجر الصراعات داخل حركة فتح حول من يخلف الرئيس عباس حال غيابه عن المشهد.
ويتابع: "المعركة فتحت المعركة مبكرًا ونزلت إلى الشارع الذي يشارك في النقاش حول من سيخلف الرئيس عباس، وهو الأمر الذي سيؤدي لنقاش واسع على إعادة بناءً النظام السياسي وإجراء انتخابات شاملة بطريقة تداول سلمي للسلطة الفلسطينية".
وبشأن نفي وجود الصراع، يعلق دراغمة بالقول: "النخب السياسية التي لها صلة مباشرة مع صناع القرار تعلم أن هناك صراعا حول منصب الرئيس، لكن الآن الشارع الفلسطيني بات جزءا من الحديث عن هذه المعركة، والشعب الفلسطيني الذي يقدر تعداده بـ 14 مليون حول العالم هو جزء من هذا النظام السياسي مع وجود منظمة التحرير والسلطة، وبالتالي فإن عدم حسم هذا الملف سيسهم في انهيار النظام السياسي.
ويشدد الكاتب والمحلل السياسي على أن مصدر التسريب الصوتي لحسين الشيخ هو حركة فتح مع استخدام منصة تتبع لحركة حماس لأسباب تقنية وفنية وقانونية متعلقة بالصراع الدائر حول معركة الخلافة، والتسريب بهذه الطريقة يهدف إلى خلط الحابل بالنابل. حسب قوله
ويرى دراغمة أن حركة حماس مؤثرة في النظام السياسي وهي لن تعترف بأي انتقال للسلطة دون إجراء للانتخابات وهي تتحضر لمرحلة ما بعد أبو مازن من الخارج مع مجموعة من القوى السياسية وستطلب بإجراء الانتخابات الشاملة والعامة في فلسطين وستشكل لوبيات أو جبهة وطنية بديلة.
تسريبات مسيئة
من جانبه، يقول عضو المجلس الثوري لحركة فتح جمال حويل إن مثل هذه التسريبات خطيرة جدًا في حال كانت صحيحة كونها تمس بالرئيس عباس وزملائه وأصدقائه وحلفائه داخل اللجنة المركزية لحركة فتح.
ويؤكد حويل في تصريحات صحفية رصدتها "شبكة قدس" أن مثل هذه التسريبات لا يجب أن تكون بين القادة الفلسطينيين الذين يصفون أنفسهم بأنهم من قادة الصف الأول في فلسطين ويجب أن يكون هناك احترام متبادل بين القادة حتى ينجحوا.
ويضيف: "ما يجعل هناك إمكانية لوجود تسريبات جديدة في قادم الأيام هو انعدام عمل المؤسسات في السلطة الفلسطينية بحيث لا توجد انتخابات عامة تجدد الشرعيات أو القيادات ولا يوجد رأي للشارع الفلسطيني لاختيار قيادته، وبالتالي تصبح الكولسات هي المحدد لاختيار الصف القيادي".
ويشير حويل إلى أن الحل يتمثل في العودة للشارع الفلسطيني من أجل إجراء الانتخابات العامة بعيدًا عن الموقف الأمريكي أو الإسرائيلي.