الضفة المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: شهد ملف الحريات وحقوق الإنسان في الضفة المحتلة في عام 2022 تراجعًا كبيرًا إذ ارتفعت معدلات الاعتقالات السياسية والاستدعاءات على خلفية الانتماء السياسي إلى جانب الاعتقال على ذمة المحافظ.
وبمحاذاة ذلك، فقد رفضت الأجهزة الأمنية الفلسطينية عشرات القرارات الصادرة عن الجهات القضائية وهو ما اعتبره مراقبون جريمة يعاقب عليها القانون الأساسي، عدا عن استدعاءات تتم للأسرى المحررين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وشهدت الأسابيع الأخيرة كثافة ملحوظة في عمليات الاعتقال السياسي والاستدعاء على خلفية احتفاء حركة حماس بذكرى انطلاقتها، عدا عن اعتصام نفذها طلبة جامعة بيرزيت خشية من اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية أو جيش الاحتلال الإسرائيلي.
في السياق، يقول مدير مجموعة محامون من أجل العدالة مهند كراجة إن عام 2022 كان من أسوأ الأعوام على الصعيد القانوني والحريات منذ تأسيس السلطة ويعيد للأذهان ما حصل في الفترة ما بين عامي 2006 و2007 على صعيد الضفة الغربية.
ويوضح كراجة لـ "شبكة قدس" أن أعداد المعتقلين السياسيين لعام 2022 تجاوزت 700 حالة اعتقال سياسي عدا عن الاستدعاءات التي كانت بالمئات، إذ من الممكن أن يبلغ أعداد الاعتقالات والاستدعاءات في مختلف مناطق الضفة الغربية قرابة 1500 شخص ما بين اعتقال واستدعاء.
ويشير مدير مجموعة محامون من أجل العدالة إلى عمليات المحاكمة التي تتم بحق الحقوقيين فيما يتعلق بقضية نزار بنات، إلى جانب استهداف الطلبة في جامعة بيرزيت وجامعة النجاح وجامعات الخليل بشكل عام، فيما برز استهداف الأسرى المحررين بشكل واضح عبر اعتقالهم سياسيين.
وينوه كراجة إلى أن عام 2022 شهد تزايدًا كبيرًا في أعداد المعتقلين على ذمة المحافظ حيث لا تزال هناك مجموعة من الأشخاص الذين تم اعتقالهم على خلفية نشاطات عرين الأسود في مدينة نابلس وهو موقفين على ذمة المحافظ في أريحا ونابلس.
وبحسب مدير مجموعة محامون من أجل العدالة فإن هناك الكثير من قرارات الإفراج التي رفضت الأجهزة الأمنية تنفيذها، إلى جانب استدعاء وتوقيف لصحافيين ومحامين بالإضافة إلى القرارات بقانون التي استهدفت العمل الحقوقي هذا العام.
ويرجح كراجة أن يكون عام 2023 أشد سوءً من عام 2022 عبر زيادة ملاحقة المعارضين لها من مختلف الفصائل الفلسطينية الأخرى، والسعي إلى إيصال رسالة بقوة قبضتها الأمنية في الضفة الغربية من خلال الملاحقة والاعتقال السياسي.
وكان لافتًا خلال عام 2022 توجه عائلة المعارض السياسي نزار بنات نحو القضاء الدولي لملاحقة السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية على خلفية قضية اغتياله في يونيو 2021، بعدما رأت العائلة أن السلطة تماطل في محاكمة المتورطين في اغتياله.
ويتفق المحامي والناشط الحقوقي الفلسطيني مصطفى شتات مع كراجة بأن عام 2022 كان الأسوأ على صعيد الحقوق والحريات العامة وتعاظم الاعتقالات السياسية في مختلف مناطق الضفة، لا سيما عند مقارنته بأعوام سابقة شهدت أحداث مماثلة.
ويقول شتات لـ "شبكة قدس" إن قرابة 100 معتقل سياسي ما يزالون رهن الاعتقال والتوقيف لدى الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، حيث أن اللافت أن عددًا كبيرًا منهم لديه قرارات إخلاء سبيل من المحاكم الفلسطينية ترفض الأجهزة تنفيذها.
ووفقاً للمحامي والناشط الحقوقي فإن طلاب جامعة بيرزيت الذين دخلوا أسبوعهم الرابع على التوالي وهم معتصمين داخل الجامعة خشية من الملاحقة الأمنية المعلنة من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي والتي تستهدفهم.
أما عن أبرز ملامح الحريات، يلفت شتات إلى أن أبرز معالم الانتهاك خلال عام 2022 كان انتهاك حق الطلبة في التعليم العالي بشكل صارخ وواضح عبر اعتقالهم أيام الاختبارات أو في أوقات نهاية الفصول الدراسية، إلى جانب انتهاك حرية الرأي والتعبير والانتماء السياسي إذ لا يوجد في القانون الفلسطيني أي فصيل سياسي مجرم.
ويتابع: "القانون الفلسطيني لم يجرم أي فصيل فلسطيني، ومع الأسف تم تجريم بقرار بقانون في 2007 الأذرع العسكرية للفصائل لكن هذا التجريم لم يلتفت له أحد، وهنا يجب الإشارة إلى أن كل المعتقلين السياسيين موقوفين على خلفية انتمائهم السياسي".
ويشير إلى أن هناك الكثير من المعتقلين السياسيين الذين تم مصادرة أموالهم تحت إدعاء أنها أموال فصائلية في مخالفة واضحة للقانون الفلسطيني الأساسي وسيقوم القاضي في المحكمة بإعادة هذه الأموال للموقوف لأن الفصائل غير مجرمة.
ويؤكد شتات على أن العام 2023 لن يكون أفضل حالاً من عام 2022 من خلال تصاعد حالات الاعتقال السياسي والاستدعاءات وعدم تنفيذ القرارات الصادرة عن الجهات القضائية واستمرار احتجاز الموقوفين دون سند قانوني وفي مخالفة حقيقة للقانون.
ولعل أحد أبرز الشواهد على ملف الحريات العامة كان الانفجار الذي وقع في السادس من حزيران/ يونيو 2022، وقع انفجار في منجرة منذر رحيب في المنطقة الصناعية في بلدة بيتونيا، غرب مدينة رام الله. منذ اللحظة الأولى للحادثة، سارعت الأجهزة الأمنية إلى تهويل الأخبار، معلنةً على لسان الناطق باسم الشرطة "مباشرتها بإجراءات البحث والتحرّي، والتحفظ على مالك المنجرة".
وبالتزامن مع ذلك، باشرت الأجهزة الأمنية بحملة اعتقالات واسعة في بلدة بيتونيا طالت نحو 20 معتقلاً، أفرجت عن معظمهم فيما بعد، بينما أبقت على ستة معتقلين واجهوا تعذيباً قاسياً وظروف احتجاز صعبة، وهم: أحمد هريش، ومنذر رحيب، وقسام حمايل، وأحمد الخصيب، وخالد نوابيت، وجهاد وهدان، قبل أن يتم الإفراج عن معظمهم. وإلى جانب منجرة بيتونيا، تحضر وقائع الاعتداء على مواكب الأسرى المحررين ومنعهم من رفع الرايات لا سيما أسرى حركة حماس إذ تكررت هذه الاعتداء على معظم الأسرى ومنهم عنان بشكار وفراس مريش من محافظة الخليل عدا عن عشرات الحالات الأخرى.