غزة - خاص قدس الإخبارية: جاءت مناورة "الركن الشديد 3" التي نفذتها الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة خلافًا للمناورتين السابقتين من ناحية الإعلان والأسلوب المتبع في التنفيذ من قبل الأذرع العسكرية.
وحملت المناورة هذه المرة طابع السرية لا سيما على صعيد توقيت الإعلان للمناورة والتكتيكات المتبعة في المناورة الميدانية، فضلاً عن منع التغطية الصحفية العامة والاقتصار على ما نشرته الغرفة المشتركة من صور ومقاطع فيديو من إعدادها.
وجاءت المناورة التي شارك فيها 13 فيصلاً عسكريًا، تنضوي جميعها تحت إطار الغرفة المشتركة قرب السياج الفاصل شمال القطاع، مُحاكيةً من خلالها سيناريوهات إغارة على مواقع العدو، وأسْر جنود منه لمبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين.
وكان الهدف بحسب بيان الغرفة المشتركة قياس تعزيز جاهزية المقاوِمين واستجابتهم، لأيّ طارئ، واختبار جهوزية المقاتلين للتعبئة والتصدّي للعدوان، حيث إنها تأتي تتويجاً لفترة من التدريب المتقدّم المشترَك لنخبة من مُقاتلي الفصائل، واستُخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسّطة.
في السياق، يقول الكاتب والمختص في الشأن العسكري أحمد عبد الرحمن إن مناورة "الركن الشديد 3" تأتي في ظروف شديدة التعقيد، خصوصًا على مستوى التحديات التي تلوح في الأفق نتيجة تشكيل الحكومة الأكثر تطرفًا في تاريخ الاحتلال.
ويضيف عبد الرحمن لـ "شبكة قدس" أن المناورة من ناحية المضمون فهي تأتي ضمن خطة طويلة المدى وضعتها غرفة العمليات المشتركة، للاطمئنان على الجاهزية القتالية لمقاتليها، والاطمئنان على فعالية الخطط التي تم وضعها مسبقا لمواجهة أي طارئ، وهي مناورات شبه دورية.
أما على مستوى التوقيت، فرأى المختص في الشأن العسكري أنها تحمل رسائل حاسمة للعدو وحكومته المتطرفة تقول إن المقاومة بكافة فصائلها على جهوزية كاملة لمواجهة أي عدوان تحديدًا في المسجد الأقصى وهو صاعق التفجير الأساسي لأن مواجهة قادمة أو في مدن الضفة المحتلة التي تشهد عدوانا مستمرا ومرشحا للتصاعد خلال العام الجديد.
ويتابع: "سينعكس أي تطور أو ارتفاع لمنسوب الاعتداءات على قطاع غزة بالتأكيد، كما أن غرفة العمليات المشتركة تساهم بشكل فعال في تعزيز الحاضنة الشعبية للمقاومة والوحدة والانسجام بين الفصائل العسكرية بما يشمل تبادل الخبرات بين بعضها البعض بما يخدم مشروع التحرير".
ويشدد المختص في الشأن العسكري على أن "الشعب الفلسطيني وربما الإقليم مقبلون على صعوبات جَمة تتطلب الجهوزية العالية، وتعزيز الوحدة الميدانية، والتوافق في الخُطط العملياتية والتكتيكات العسكرية؛ لمواجهة أي مخاطر تصعيد قادمة".
من جانبه، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي أحمد الطناني، أن المناورة تحمل عدة رسائل مهمة، أولها مرتبط بالتأكيد على مشروع الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة باعتباره مشروعًا استراتيجيًا ويخضع للتطوير والتحديث ويعكس حجم التنسيق بين الأذرع العسكرية وتطور هذه العلاقة وصولاً لإنشاء مواقع تدريب مشتركة.
ويقول الطناني لـ "شبكة قدس" من جانب آخر فإن تزامن المناورة مع مناورات يجريها جيش الاحتلال على حدود القطاع الشمالية وعلى مسافة قريبة من مكان تنفيذ مناورة الركن الشديد، يحمل رسالة تحد وتأكيد على أن المقاومة ترصد سلوك الاحتلال وتدريباته ومناوراته وتطور خططتها وتكتيكاتها اللازمة للتعامل مع خطط الاحتلال.
ويردف: "سبقت المناورة جلسة الكنيست لنيل الثقة بالحكومة اليمينية الفاشية الجديدة التي تحمل في طياتها بذور التصعيد والعدوان تجاه الشعب الفلسطيني، وهنا تقول المقاومة كلمتها، إنها ستكون جاهزة للدفاع عن شعبها وأرضها في وجه آلة الحرب الصهيونية والطموحات التوسعية لحكومة الاستيطان اليمينية".
ويشير إلى أن المناورة حملت في تفاصيلها العملياتية على الأرض مجموعة من الصور التي تعكس أولويات المقاومة في الفترة القادمة، وفي المقدمة منها ملف الأسرى وتحريرهم عبر عمليات خطف الجنود التي حاكتها المناورة، والإشارة لترابط الجبهات والساحات بوجود صورة الشهيد الأسير ناصر أبو حميد، وشعارات عرين الأسود وكتيبة جنين مع المقاتلين في الميدان، إضافة لمحاكاة المناورة لاقتحام مواقع عسكرية لوحدات النخبة في جيش الاحتلال، وهو ما يعكس دلالة أن المقاومة لن تكون في حالة دفاعية فقط، بل إن سيناريوهات الإنزال خلف الخطوط واقتحام مواقع الجيش وثكناته هو حاضر وعلى طاولة العمليات في أي معركة قادمة قد تنشب مع الاحتلال في عام قادم يحمل معه كل إشارات التصعيد والمواجهة.