رام الله - خاص قدس الإخبارية: أثارت تصريحات رئيس الحكومة محمد اشتية التي تحدث فيها الثلاثاء عن انخفاض البطالة في الضفة من 19% عند استلامه الحكومة لتصبح 12.6% خلال الشهور الأخيرة، حفيظة مراقبين اقتصاديين.
وتكشف الأرقام والإحصائيات التي أشار لها اشتية محاولته تجميل المشهد الاقتصادي الذي يعيش حالة من التراجع الواضحة في السنوات الأخيرة مع استمرار الأزمة الاقتصادية التي تمر بها السلطة الفلسطينية وعدم صرف الرواتب كاملة واقتصارها على نسبة لا تتجاوز 80% مع بعض المتراكمات.
ووفقاً لذات البيانات فإنه وعندما تسلم اشتية الحكومة في مارس 2019، كان عدد العمالة الفلسطينية في الأراضي المحتلة 127 ألف، بينما اليوم يبلغ عددهم 197 ألف أي أن عدد العمالة الفلسطينية في الأراضي المحتلة ارتفع خلال فترة اشتية بمقدار 70 ألف عامل.
وبمحاذاة هذا الأمر فإن بيانات ومؤشرات القوى العاملة للربع الثالث من عام 2022 تشير إلى أنه عند تسلم اشتية الحكومة كان من يتقاضون دون الحد الأدنى للأجور البالغ 1450 شاقل يقدرون بـ 30% بينما اليوم هناك 40% يتلقون دون الحد الأدنى للأجور.
في السياق، يقول أستاذ علم الاقتصاد نصر عبد الكريم إن البيانات الصادرة عن الحكومة ورئيسها فيما يخص البطالة لا تعكس صحة أو سلامة السياسات الحكومية، فالدور الحكومي في التشغيل وخفض نسبة البطالة هو دور محدود جدا والسبب الرئيسي في انخفاض نسبة البطالة هو استمرار تدفق العمال إلى داخل الأراضي المحتلة.
ويضيف عبد الكريم لـ "شبكة قدس" أنه لا يجوز أن تعطى الحكومة الفضل في انخفاض نسبة البطالة، إضافة إلى أن البيانات الأخرى لم تحمل أي جديد ولا يوجد بها ما يمكن تسميته بالإنجاز وهي استمرار لذات السياسات والنهج المتبع خلال السنوات الأخيرة.
ويشير أستاذ علم الاقتصاد إلى أن الأرقام التي تصدرها الحكومة تعكس الأزمات التي يعاني منها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من عقدين من الزمن فهناك أزمة في الميزان التجاري إلى جانب العجز المستمر في الموازنة العامة عدا عن محدودية الاقتصاد الفلسطيني على خلق فرص عمل.
ويتابع: "النمو في الاقتصاد الفلسطيني دون المأمول لأن نسبة النمو الإثني 3.5% حسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء في الوقت الذي تحدث فيه اشتية سابقاً عن الحاجة لنمو سنوي يتراوح ما بين 6 إلى 7% لتخفيض نسبة البطالة".
وبحسب عبد الكريم فإن العائد المادي للعمالة داخل الأراضي المحتلة عام 1948 يتراوح ما بين 17 إلى 18 مليار شاقل سنوياً وهو ما يطرح سوالاً أمام الحكومة ورئيس الوزراء عن خططها لاستقبال هذه العمالة فيما لو قررت الحكومة المقبلة للاحتلال وقف استقبال الأيدي العاملة الفلسطينية تحت أي سبب كان.
من جانبه، يؤكد الصحفي والباحث في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر على أن هناك فرقا بين القوى العاملة في الأراضي الفلسطينية وبين القوى العاملة في الأراضي المحتلة عام 1948، وبالتالي فإن القوى العاملة في فلسطين هي التي تشير لنسب البطالة والنمو أو الناتج المحلي.
ويقول أبو قمر لـ "شبكة قدس" أن العاملين في الأراضي المحتلة عام 1948 يتم قياسهم ضمن الناتج القومي كونهم يعملون في أراضي غير الأراضي الفلسطينية، وبالتالي فإن اشتية في إحصائياته الأخيرة يقوم بجمع العمال العاملين في الأراضي المحتلة على أنهم جزء من العاملين في الأراضي الفلسطينية.
ويعتبر الصحفي والباحث في الشأن الاقتصادي أن تصرف الحكومة ورئيس وزرائها فيما يخص نسب البطالة يتعارض مع خطط الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال الإسرائيلي التي لطالما تحدث عنها اشتية ووزراء حكومته أو حكومة رامي الحمد الله سابقًا.
ويشدد أبو قمر على عدم وجود أية مؤشرات متعلقة بهبوط نسبة البطالة أو تحسن الناتج المحلي، خصوصًا أن العمال الذي يخرجون للعمل في الأراضي المحتلة ووفقاً للمعايير الاقتصادية لا يتم إدراجها ضمن الناتج المحلي في الوقت الذي تقوم الحكومة بإدراجهم ضمن الناتج وهو أسلوب تضليلي.
ويتابع بالقول: "العمال رغم خفضهم لنسب البطالة لا يؤدون إلى خلق اقتصاد فلسطيني كونهم يعملون في اقتصاد آخر - الاقتصاد الإسرائيلي- والتحسن الوحيد قد يكون في خفض نسبة المتعطلين عن العمل عبر استيعابهم من قبل السوق الإسرائيلي".
ويرى الصحافي والباحث في الشأن الاقتصادي أن ما تحدث به رئيس الحكومة مؤخرًا هو عملية مزج بين بعض الأرقام والإحصائيات التي تجمع الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي وهو ما يؤدي لنتائج أو أرقام مهولة تتنافى مع الواقع الاقتصادي الحقيقي.
وبحسب تقرير صدر مؤخرا عن الإحصاء المركزي، فإن البطالة، لا سيما بين الخريجين الشباب، لا زالت أبرز التحديات على الرغم من التعافي التدريجي في أداء الاقتصاد الفلسطيني خلال النصف الأول من عام 2022، والارتفاع الذي سجل في عدد العاملين في معظم الأنشطة الاقتصادية، إلا أن معدل البطالة لا يزال مرتفع، ويعود الارتفاع في معدل البطالة إلى الارتفاع الكبير في معدلات البطالة في قطاع غزة حيث ما يقارب نصف المشاركين في القوى العاملة 45% هم عاطلون عن العمل مقارنة مع حوالي 14% في الضفة الغربية، وما زال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الذكور والإناث؛ 21٪ بين الذكور و39% بين الإناث. يذكر أن البطالة بين الخريجين الشباب (20-29) سنة من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى بلغت 48% بواقع 28% في الضفة الغربية و73% في قطاع غزة.