القدس المحتلة - خاص قدس الإخبارية: على مدار عقود من الصراع الدائر في القدس المحتلة عمومًا والمسجد الأقصى على وجه الخصوص، وجهت تيارات دينية يهودية لوضع لافتة رسمية تمنع اليهود من دخول الأقصى تحت مبرر ديني.
وظلت هذه اللافتة محصل صراع بين رأيين إلى أن تم إزالتها، كما حصل في مرتين حتى الآن في 6-2017 ثم في 5-2021، أو تغيير شرطة الاحتلال لمكانها بعد إعادتها كما جرى يوم الإثنين 19-12-2022؛ فهذه كلها مؤشرات على تحول دفة الغلبة إلى التيار الثاني، وفتح باب العدوان على الأقصى أكثر فأكثر في الفترة المقبلة.
وإضافة إلى ذلك هناك خلاف قائم ومستمر حول موقع "الهيكل" المزعوم، فهناك من يرونه في جبل صهيون جنوب غرب البلدة القديمة وهذه كانت النظرية الأكثر شيوعاً من قبل، وهناك من يرونه في مكان المسجد الأقصى بالضبط وعلى كامل مساحته وهي النظرية الشائعة اليوم، وهناك من يرونه على جبل جرزيم في نابلس، والأدلة التاريخية لا تثبت وجود هذا الهيكل الموصوف في التوراة من الأساس على أي من هذه المواقع.
في هذا السياق، يقول الباحث والمختص في شؤون القدس زياد ابحيص لـ "شبكة قدس" إن الحاخامية الرسمية الصهيونية بفرعيها "الأشكنازي" و"السفاردي" في رأيها الديني تقول إن اليهود يجب أن لا يدخلوا إلى المنطقة التي يزعمون أنها "جبل الهيكل".
وبحسب ابحيص فإن السببين يتمثلان في أن عودة "الهيكل" أمر إلهي، فالهيكل إذا ما عاد سينزل من السماء بقدرة إلهية متجلية، وحينها فقط يمكن لليهود دخوله، ومحاولة دخوله قبل هذا الأمر الإلهي الصريح تشكل بوابة لكارثة محققة تلحق بكل اليهود، أما الثاني فيتمثل في أن دخول اليهود إلى "جبل الهيكل" يتطلب تحقيق شرطة الطهارة من "نجاسة الموتى"، وهي مصدر النجاسة الكبرى في التشريع اليهودي، وكل من لمس جسداً بشرياُ ميتاً أو تواجد معه تحت سقفٍ واحد تصيبه هذه النجاسة، وهي تنتقل من شخص لآخر باللمس، والتطهر منها يكون بإحراق رماد البقرة الحمراء الخاصة، وخلطه بالماء والتطهر به على يد كاهن من نسل "الكاهن الأول هارون" وفق الزعم التوراتي.
ويضيف: "بما أن كلا الشرطين لم يتحققا فإن الحاخامية الرسمية -ومعها معظم مرجعيات اليهود التقليدية عبر العالم- تُحرّم أي محاولة لليهود لدخول "جبل الهيكل" المزعوم".
لكن بحسب ابحيص فقد نشأ تيار ديني صهيوني ابتدأ بالحاخام أبراهام كوك ثم ابنه زفي كوك، وهذا التيار هو الصهيونية الدينية التي ينضوي تحت منطقها تيار اليمين الصهيوني بمختلف أحزابه من الليكود إلى يمينا والبيت اليهودي وحتى حزب الصهيونية الدينية والقوة اليهودية والهوية رغم تفاوتها في التدين، وهو الطيف الذي حكم الكيان الصهيوني بين 96-1999 ثم من 2001 وحتى اليوم مع فترات محدودة لخصومهم.
ورأى المختص في شؤون القدس أن التيار الديني الصهيوني، الذي تشكل منظمات الهيكل طليعته المستهدِفة للأقصى، يتبنى رأياً دينياً مخالفاً تماماً، فهو يرى ضرورة المبادرة إلى دخول اليهود إلى "جبل الهيكل" المزعوم، لتأسيس "الهيكل" بأنفسهم.
واعتبر ابحيص أن ما يحصل اليوم هو انقلاب في الموازين لصالح الصهيونية الدينية باعتبارها صاحبة النفوذ الأكبر، على حساب التدين التقليدي الأرذوكسي، مشيراً إلى أن قدوم حكومة تنتمي لجماعات الهيكل بشكل عضوي معناه أن كفة الأمور قد تغيرت وموقف الاحتلال قد تغير.
وتابع قائلاً: "ما يحصل سيفتح الباب على مصراعيه لتهويد الأقصى وأول تحدٍ حقيقي سيكون في شهر رمضان المقبل في الفترة ما بين 6 إلى 14 نيسان الذي يتزامن مع الأسبوع الثالث من رمضان وسيكون الأقصى مركزاً للأحداث والمواجهة بالذات مع تواجد بن غبير على رأس وزارة الأمن القومي".