رام الله - خاص قدس الإخبارية: منذ بداية عام 2022، ارتقى 217 شهيدًا، 165 منهم في الضفة الغربية والقدس المحتلتين وفق آخر إحصائية أصدرتها وزارة الصحة الفلسطينية مساء الخميس 8 ديسمبر\ كانون الأول، ليسجل هذا العام الأكثر دموية في حياة الفلسطينيين منذ 16 عامًا.
يأتي هذا الارتفاع بعدما صادق رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي نهاية العام الماضي على تعديلات فى تعليمات إطلاق النار، تفضي إلى تسهيل إطلاق النار صوب الفلسطينيين خلال المواجهات، أو حتى بعد انتهاء الأحداث وانسحاب الشبان من المكان.
إلا أن الميدان في الضفة المحتلة، يشير إلى تسهيلات أكثر دموية يمارسها جنود الاحتلال تجاه الفلسطينيين، إذ ارتقى خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، 20 شهيدًا، جلّهم ارتقوا إثر عمليات إعدام ميدانية، لم يشكلوا فيها أي "خطر" على حياة جنود الاحتلال، مثل الشهيدة الطفلة فلة المسالمة التي ارتقت برصاص الاحتلال أثناء اقتحامه بيتونيا غرب رام الله في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، والشقيقين ظافر وجواد الريماوي اللذين اغتالهما الاحتلال في قرية كفر عين، والشهيد عمار مفلح من بيتا الذي وثقت الكاميرا اغتياله برصاص جندي الاحتلال في بلدة حوارة دون أن يشكل أي تهديد على حياته.
في الوقت ذاته، تتزامن المباركات المستمرة من قادة الاحتلال، وعلى رأسهم رئيس وزراء الاحتلال المنتهية ولايته يئير لابيد، بالإضافة إلى بنيامين نتنياهو، وإيتمار بن غفير، هذا الأخير الذي هاتف قاتل الشهيد مفلح وقال له، وفقًا ما نقلته صحيفة يديعوت أحرنوت: ""أحسنت، عمل دقيق، لقد فعلت ما تم تكليفك به"."
في هذا السياق، يؤكد المختص في الشأن العبري علاء الأعرج أن القواعد الموجودة أن يُقتل أي فلسطيني بإطلاق النار مباشرة، وهو ما دفع أحد الجنود لقتل جندي إسرائيلي قبل فترة لمجرد الاشتباه، بالإضافة إلى ذلك تعتبر واقعة حوارة دليلًا دامغًا على دموية جيش الاحتلال.
ويقول الأعرج لـ "شبكة قدس"و إن حادثة القتل التي جرت بدم بارد في حوارة حظيت بدعم ومباركة كاملة من رئيس الوزراء الحالي يئير لابيد الذي يمثل رأس التيار اليساري الوسطي في الكيان الإسرائيلي سياسياً بالإضافة إلى دعم وزير الحرب المنتهية ولايته بني غانتس عدا عن اتصال ايتمار بن غبير على الجندي وعائلته ورئيس حرس الحدود.
ويلفت الأعرج النظر إلى ما جرى في لجان التحقيق مع الجنود في عمليات نفذها مقاومون فلسطينيون كما جرى في قرار لجنة التحقيق الخاصة بالقوة التي كانت موجودة على حاجز شعفاط بالقدس المحتلة خلال عملية الشهيد عدي التميمي، والتي أدى لفصل 4 أو 5 جنود وضباط إلى جانب النتائج القاسية على جنود الاحتلال الذين لم يطلقوا النار في عملية شافي شمرون.
ويشدد على أن هذه القرارات القاسية بالنسبة للجنود تعكس رسالة خفية أنهم مطالبين بالقتل على الاشتباه وليس أي شيء آخر، وتعكس تغير في الخطاب الإسرائيلي الذي كان يزعم في السابق الرغبة في عدم جر الشارع الفلسطيني في مواجهة أكبر.
ويتابع: "ما يقرأه الجندي الإسرائيلي ورجل الأمن الإسرائيلي هو أن أقتل ولا أحد سيحاسبك ويسألك وحادثة الجندي في حوارة أكبر دليل مع خروج قيادات باركت القتل الذي تم تصويره على مرأى ومسمع على وسائل الإعلام المختلفة بالرغم أن الشباب لم يشكل خطر على حياة الجندي".
مباركة قادة الاحتلال: تسهيلات ضمنية
وليس ببعيد عن طرح الأعرج، يقول الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة إن المسألة ليست بحاجة إلى تعليمات ورقية مكتوبة تعمم على القيادات أو أفراد الجيش الإسرائيلي أو المستوى الشرطي فهذه التعليمات يستقيها الجندي الإسرائيلي مما يجري داخل المجتمع الإسرائيلي وعمليات التجييش الإسرائيلي ومباركة القتل لكل جندي يمارس القتل تجعل هذه الأفعال شرعية ورسمية.
ووفقًا لحديث هلسة لـ "شبكة قدس" عن تغيير قواعد إطلاق النار ضد الفلسطينيين في الفترة الأخيرة، فإن الواقع يتحدث عن ذاته من خلال القتل للفلسطينيين فلا أحد سيحاسب الجندي في المستوى القانوني أو الرسمي داخل المؤسسة الأمنية للاحتلال.
ويستدل المختص في الشأن الإسرائيلي بمباركة كبار الحاخامات في الاحتلال لما يجري عبر الاستدلال بمقولة سابقة لهم: "هناك مقولة راسخة أنه في وجود جريح فلسطيني وإسرائيلي فالأولوية للإسرائيلي ويجب معاملة الإسرائيلي ثم الالتفاف للفلسطينيين إن أردت".
ويلفت هلسة قائلاً: "جزء من الحالة القائمة يتمثل في صعود الحكومة الجديدة حيث بدأت هذه الأفعال تحظى بغطاء نتيجة وجود أركان اليمين الإسرائيلي داخل الحكومة وبدأ الإعلام الإسرائيلي يطرح هذه الرؤية كنتيجة وجود اليمين داخل الحكومة".
ويستدرك هلسة إلى أن كل ما يجري يعكس أن هناك ضوء أخضر للجنود للقتل دون مساءلة من أحد، مع عدم تبرئة حكومات الاحتلال المتعاقبة على مدار ما يزيد من 7 عقود من احتلال فلسطين، كون ذلك امتداد لسياسة الاستعمار الإحلالي في فلسطين.