رام الله - قدس الإخبارية: يوم أمس كان البحث عن اسم مجاهد حامد (النجار)، يمنحك إشارة تقنية واضحة: رائج الآن. بالفعل كان مجاهد يوم أمس حدثا صامتا بين الناس، مدويا على أبواب مستوطنة عوفرا شمال شرق رام الله. كتب على صفحته في الفيسبوك: حان لقاء الله. بعدها انطلقت حملة للتعريف به والدعاء له، فعرف الناس الشهيد قبل أن يغادر، فكان الشهيد الحي الذي يتحرك بين الأحياء مودعا ومقاتلا.
خلال 24 ساعة فقط، استطاع مجاهد أن ينفذ ثلاث عمليات إطلاق نار، أعادت لمستوطني عوفرا "ذاكرة أليمة" من زمن الانتفاضة. البداية كانت باستهداف حافلة للمستوطنين، ثم بعدها بساعات استهداف لقوة من جيش الاحتلال على مدخل المستوطنة، وآخرها التي وقعت ظهر اليوم، والتي تمكن فيها من استهداف نقطة عسكرية قرب المستوطنة، ليسجل في تاريخ المستوطنة والجيش الذي يحميها؛ فشلين: استخباراتي وميداني.
مجاهد.. من السجن إلى قلق المستوطنة
ولد مجاهد محمود جمعة حامد (32 عامًا) بتاريخ 29 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1990م في بلدة سلواد قضاء رام الله. تعرض لتجربة الاعتقال عندما كان في سن العشرين، وتحديدا في عام 2010، وحُكم عليه بالسجن مدة سبع سنوات، لكن الاحتلال عاد ورفع حكمه إلى تسع سنوات بعد ثلاث سنوات من اعتقاله.
وبعد قضائه ثلاث سنوات تم رفع الحكم إلى 9 سنوات. ونقل فترة اعتقاله إلى عدة سجون، أنهى دراسة الثانوية العامة داخل سجون الاحتلال، كما واعتقلت قوات الاحتلال خلال مكوثه في السجن والده وشقيقه لمدة عام.
وفي تاريخ 21 أيار/ مايو 2019 أفرج عن مجاهد بعد أن أنهى فترة محكوميته، وبعد خروجه التحق بدراسته الجامعية، وتزوج ورزق بطفله الأول "محمد"، ولم يلبث أن يفرح بولادة طفله حتى أعاد الاحتلال بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر 2020 اعتقاله إدارياً، حيث كان عمر ولده شهرين.
أصدر الاحتلال بحقه حكمًا بالاعتقال الإداري لـ6 شهور وتم تمديد اعتقاله لـ 6 شهور أخرى، وعند تسليمه أمر الاعتقال الإداري الثالث قرر مجاهد خوض مواجهة مفتوحة مع الاحتلال عنوانها؛ الإضراب عن الطعام رفضاً لسياسة الاعتقال الإداري، واستمر في إضرابه لمدة 43 يومًا قبل أن يخضع الاحتلال لشروطه، وينتزع قرارًا يقضي بالإفراج عنه في 19 كانون الثاني، لكن الاحتلال نكث وعوده ومدد اعتقاله 4 أشهر إضافية، ليفرج عنه بعد عامين من الاعتقال الإداري بتاريخ 19 مايو 2022.
تقول والدته المكلومة وهي تنظر في عيني ابنها الشهيد، إنه أكد لها قبل استشهادهع تصميمه على عدم العودة للسجن، لسبب واحد: "لا يريد أن يعود للإذلال". ثم تتابع مشهدة الله وملائكته أنها أفدته لفلسطين ولمسرى النبي محمد. وتدعو لنفسها بأن يفرغ على قلبها الصبر.
المطاردة القصيرة.. المقاومة المكثفة
لم تستطع أعوام السجن الـ 11 التي قضاها مجاهد في الاعتقال، من كي وعي الشاب الذي قضى ثلث عمره في الاعتقال. ابن سلواد التي عرفت بأنها البلدة التي عادة ما ترد على جرائم الاحتلال، وابن حركة فتح التي حاول أن يستنهض في كوادرها قيمة وفكرة المواجهة، قرر أن يكون خلية إطلاق نار نشطة؛ خلية كل عناصرها مجاهد، وسلاحها بندقية واحدة، وفارق التوقيت بين عملياتها ساعات فقط.
تبيت "عوفرا" على فعل مجاهد، وتصحو على صوت رصاصه. تلك المستوطنة التي يُعرف عن مستوطنيها بأنهم الانتهاك المستمر لحياة الفلسطيني في تلك المنطقة، التي أصبحت شاهدة على فعل شهداء، كما صالح البرغوثي، وأسرى كما شقيقه عاصم، ومطاردون من طراز عنيد كما في حالة مجاهد، الذي تزفه فلسطين اليوم مقاتلا عنيدا، وبأسا شديدا على جيش الاحتلال ومستوطنيه.