شبكة قدس الإخبارية

رمز "الإجماع الصهيوني" أمام خطر "التفكك": الصراع على الجيش يحتدم بين قادته و"الصهيونية الدينية"

photo_2022-11-30_11-51-31

فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: "صراع على الجيش" احتدم خلال الأيام الماضية، بين رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي وقادة أحزاب "الصهيونية الدينية" الذين يستعدون لسحب صلاحيات كبيرة من المؤسسة العسكرية، بعد توليهم مسؤولية وزارات سيادية في حكومة الاحتلال المقبلة، بقيادة رئيس حزب "الليكود" بنيامين نتنياهو.

معركة "سحب الصلاحيات" من قادة الجيش إلى وزراء "الصهيونية الدينية"، بدأت قبل أيام خلال مفاوضات "الليكود" مع سموتريتش وبن غفير لتشكيل تحالف يحقق لنتنياهو العودة للحكومة. نتنياهو خضع لمطالب قادة هذه الأحزاب في الحصول على صلاحيات لوزاراتهم تتعلق بالاستيطان في الضفة، والمسؤولية عن قوات "حرس الحدود"، وما تسمى "الإدارة المدنية" المسؤولة أساساً عن قضايا الأراضي ومنح التصاريح للمباني الفلسطينية في المناطق المصنفة "c"، في الضفة المحتلة.

كوخافي "يتحدى"

رئيس أركان جيش الاحتلال، أفيف كوخافي، أكد في جلسة مغلقة إنه "لن يسمح لأحزاب سياسية غير وزير الجيش بتعيين ضباط كبار أو سحب الصلاحيات في الضفة".

اللواء هيرتسي هاليفي رئيس أركان جيش الاحتلال المقبل يتفق مع كوخافي على هذا الموقف، وتكشف مصادر عبرية أنه عارض نقل صلاحيات قوات "حرس الحدود" في الضفة المحتلة، إلى وزارة الأمن القومي التي استحدثت مؤخراً لإقامة الائتلاف الحكومي الجديد.

ملف "الإدارة المدنية" يحتل صدارة الملفات الساخنة في الصراع بين قادة الجيش وبن غفير وسموتريتش. مسؤولون كبار في "الإدارة المدنية" حذروا من نقل مسؤولية منسق العمليات في المناطق المحتلة، إلى وزير من "الصهيونية الدينية"

تفكيك الجيش

"البدعة" التي اخترعها نتنياهو لإرضاء قادة "الصهيونية الدينية"، بتكليف يوآف غالانت بمنصب وزير الجيش وسحب صلاحيات من الوزارة لصالح وزراء من "الصهيونية الدينية"، أثارت انتقادات وسخرية في الصحف الإسرائيلية. "كاريكاتير" صحيفة "معاريف" أظهر هذا التناقض الصارخ في التوليفة الجديدة التي اخترعها نتنياهو: الجانب العملياتي يقرره غالانت والسياسات يضعها سموتريتش.

photo_2022-12-06_09-36-48
 

وزير جيش الاحتلال الحالي، بيني غانتس، حذر غالانت من سحب الصلاحيات منه قائلاً له: "ستكون وزير من الدرجة الثانية في حال قبلت بهذا الوضع".

التحذير من "تفكك" جيش الاحتلال تصاعد مؤخراً، وأبرز الشخصيات التي حذرت من الوصول إلى هذا الوضع، كان رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، غادي آيزنكوت، الذي هدد نتنياهو بإنزال مليون إسرائيلي إلى الشوارع في حال اتخذ قرارات تمس بــ"الأمن القومي الإسرائيلي".

معاقبة جنود في الخليل بعد ضربهم لنشطاء يساريين إسرائيليين، أثارت خلافات كانت تحت السطح بين قادة الجيش ومسؤولين في "الصهيونية الدينية". بن غفير وقادة آخرين في "الصهيونية الدينية" طالبوا رئيس أركان جيش الاحتلال بالتراجع عن العقوبات، وهو ما دفعه إلى إعلان رفض تدخل السياسيين في شؤون سياسات وتعيين الضباط الكبار في الجيش.

الهجوم على قادة الجيش الذي طال أيضاً قائد كتيبة في لواء "جفعاتي"، اشترك فيه يائير نتنياهو نجل رئيس حكومة الاحتلال المقبل بنيامين نتنياهو، في تغريدة له على تويتر انتقد فيها كوخافي، قبل أن يحذفها.

مؤسسة "الإجماع الصهيوني" في خطر

منذ قيام دولة الاحتلال بعد نكبة الشعب الفلسطيني، عام 1948، بقيت مؤسسة الجيش الحاضنة الأساسية لصهر الاختلافات داخل المجتمع الصهيوني، ومصدر وحدة سياسية واجتماعية في مواجهة الأعداء المختلفين للكيان. الانقسامات السياسية في مجتمع المستوطنين امتدت آثارها إلى الجيش، وهو ما خلق تهديداً استراتيجياً لمؤسسة كانت إلى حد بعيد بعيدة عن هذه التجاذبات.

موشيه يعالون رئيس أركان جيش الاحتلال السابق والذي شغل منصب وزير الحرب أيضاً، اعتبر أن عقاب الجنود في الخليل أمر "صائب"، وحذر من الخروج على "تقاليد الجيش".

اللواء احتياط في جيش الاحتلال، تسفيكا فوغل، إن البرقية التي أصدرها رئيس الأركان كوخافي بعد قضية الجنود "غير صائبة"، وقال: لا يجب أن يصدر رئيس الأركان برقية تعليقاً على كل مسألة هذا يضع حدوداً على القضاء.

يعلون لم يوافق فوغل على هذا الرأي، قائلاً في حوار مع القناة "13" العبرية: رئيس الأركان أصدر بطاقة لتحديد الخطوط الحمراء للجنود لأنهم يعملون في الميدان.

بينما قال العميد احتياط في جيش الاحتلال، أمير أفيفي، إنه شعر بــ"عدم ارتياح" بعد مذكرة رئيس الأركان كوخافي، وقال: هذا الأمر كان جنونياً ومتأثراً إلى حد بعيد بضغط الإعلام الدولي، تحدثت مع قادة الجيش وقالوا لي إن تصرف الجندي كان فردياً ولم يكن عاماً، إذا لماذا إصدار تعميم لكل الجنود؟

وسط عاصفة من الانتقادات على مواقع التواصل في "إسرائيل" لقادة الجيش لأنهم "لا يدعمون جنودهم"، حسب وصفهم، اعتبر المراسل العسكري ألون بن ديفيد الذي يعمل في هذه الأوساط منذ عقود أن هذا الجيل من جنود الاحتلال "مختلف تماماً" لأنه يقبل الخضوع للأوامر والتقييدات بشكل أقل من الأجيال السابقة في الجيش.

بن ديفيد يرى أن صراعاً يدور بين ما يتعلمه الجندي من "الانترنت" وبين "القيم" و"الأوامر" التي يتلقاها من الضباط الكبار، وقال: هذا يضع الضباط أمام تحديات كبيرة، لأن الرأي العام يؤثر على الجندي، رئيس الأركان يقول إن هذا السلوك غير جيد بينما على وسائل التواصل الاجتماعي يؤكدون أن السلوك ممتاز، هنا يبرز التحدي.

العقيد أفيفي يرى أن التيار "الديني الصهيوني" يريد ضرب "شرعية الجيش"، ويشير إلى أنه طوال الوقت حاولت جهات مختلفة ضرب هذه "الشرعية"، وأكد أنه يجب ترك الجيش "خارج السياسة" والصراع بين ما يسمى "اليمين و"اليسار".

الصراع يأخذ مستويات أعمق عند النظر إلى التغييرات الاجتماعية التي أصابت المجتمع الصهيوني، منذ ثمانينات القرن الماضي، كما يؤكد البروفسور يغيل ليفي، الذي يشير إلى أن التحول نحو "الخصخصة" و"السوق الحر" في دولة الاحتلال، خلق طبقة وجهت أبنائها نحو وظائف "أقل خطورة"، أي بعيداً عن الوحدات القتالية في الجيش إلى تلك التي توفر لها "الأمان" و"الراحة" والمستقبل في الشركات الإسرائيلية والعالمية، مثل الاستخبارات و"السايبر" وغيرها.

في المقابل، منذ سنوات توجهت طبقات محسوبة على "الصهيونية الدينية" نحو الوحدات القتالية في الجيش، لذلك فإن نسبة غير قليلة من الجنود يتفقون مع مواقف بن غفير وسموتريتش، وهو ما يتفق معه موشيه يعلون قائلاً إن كثيراً من الجنود الشبان صوتوا لقادة "الصهيونية الدينية" لأنهم يعدونهم بحلول من قبيل "أبيض، أسود"، حسب وصفه.

"قتل العرب" هذا ما يريده كثير من الجنود الصغار الذين ينضمون إلى جيش الاحتلال، كما يؤكد يعلون، بينما يكشف الجنرال نيتسان ألون عن تواطؤ الجنود مع ميلشيات "تدفيع الثمن" التي ترتكب جرائم ضد الفلسطينيين في الضفة المحتلة.

القناة "13" العبرية، تدعي أن نقطة كسر "الإجماع" على الجيش كانت في شهر آذار/ مارس 2016 عندما قتل الجندي أليؤور أزاريا الشهيد عبد الفتاح الشريف بعد أكثر من 10 دقائق على اعتقاله والسيطرة عليه، بعد إصابته بجروح.

احتجاز أزاريا من قبل الشرطة العسكرية في جيش الاحتلال وتحويله إلى المحاكمة، دفع نشطاء "الصهيونية الدينية" وعلى رأسهم بن غفير إلى الشارع للمطالبة بالإفراج عنه. الاحتجاجات وصلت إلى تهديد رئيس أركان جيش الاحتلال حينها، غادي أيزنكوت، بالقتل، وهذا ظهر في هتافات المستوطنين: جادي يبدو أن رابين اشتاق إلى رفيق.

البروفسور ليفي اعتبر أن جيش الاحتلال بعد هذه القضية شعر أنه لم يعد عامل "إجماع فوق السياسة" وأيقن بالتهديد الاستراتيجي الذي لحق به كمؤسسة جامعة في المجتمع الصهيوني.

يكشف يعلون أن الجيش عاش مرحلة "تخبط" في تلك المرحلة: الضباط يصفون تصرف أزاريا بالسيء بينما يحتضنه السياسيون على أنه "بطل".

يعلون اتهم نتنياهو الذي كان يشغل منصب رئيس الحكومة حينها بأنه "احتضن" الجندي بدلاً من أن يقدم الدعم لقادة الجيش، بينما يعتقد العقيد احتياط في جيش الاحتلال، أمير أفيفي، أن أخطر ما حصل في تلك المرحلة هو "الانفصال" بين المستويات العليا والمجتمع.

وأوضح: المستوطنون كانوا يتعرضون لعمليات يومية في الشوارع، تصرف الجندي لم يكن مقبولاً، لكن قادة الجيش هاجموه قبل أن يصدر تحقيق الشرطة العسكرية.

الجنرال تسفيكا فوغل، اعتبر أن المسؤول عن الجيش هو "الحكومة" التي تقرر السياسات له وليس رئيس الأركان المسؤول عن "هيئة الأركان العامة".

 وعن هذه "الديناميكية" بين القيادة السياسية والجيش وتوقعاته للمرحلة المقبلة بعد تولي هليفي رئاسة الأركان في ظل وجود حكومة فيها سموتريتش وبن غفير، يقول يعلون: هرتسي لديه قوة شخصية، ولست قلقاً منه، أنا قلق من نتائج الصدامات التي ستقع بين الطرفين، ليس فقط مع رئيس الأركان بل مع رئيس "الشاباك"، المستوى العسكري خاضع للمستوى السياسي لكن عندما يتصرف الأخير بشكل "شاذ" نصل إلى حالة يضطر فيها قادة الأجهزة الأمنية للرد.

المراسل العسكري، ألون بن ديفيد، أكد أن تحديات وصفها بأنها قوية مثل "الباطون" تنتظر رئيس أركان جيش الاحتلال الجديد، هرتسي هليفي، وقال: أفيف كوخافي حاول شق طريق قوية أمام هيلفي عندما قرر خوض التصادم الصعب مع السياسيين، وكان واضحاً أنه يدير حواراً مع بن غفير، لشق هذه الطريق.

نتنياهو يعطي سموتريتش "الجمل بما حمل"

وعن صلاحيات وزراء "الصهيونية الدينية" في الحكومة المقبلة، قالت القناة "12" العبرية إن سموتريتش سيتولى مسؤولية تقديم رد الحكومة للمحكمة العليا حول القضايا المتعلقة بالمستوطنات، بالإضافة لتعيين منسق عمليات حكومة الاحتلال في الضفة ورئيس ما تسمى "الإدارة المدنية".

ومنح نتنياهو لرئيس حزب "الصهيونية الدينية" تعديلاً عن القانون الأساسي لحكومة الاحتلال، يمنحها هيئة مستقلة داخل وزارة الجيش، بالإضافة إلى تعيين سبعة مستويات من المستشارين القانونيين في الوزارة للتعامل مع قضايا المستوطنات وغيرها.

الاتفاق بين "الصهيونية الدينية" ونتنياهو ينص أيضاً على أن يتولى الأخير مسؤولية اللجنة الوزارية لشؤون الاستيطان، وأن يكون سموترتيش البديل الوحيد عنه، كما نص على تقديم مشروع في "الكنيست" لتثبيت الأوامر الصادر عن قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، وتعديل المسؤوليات الأمنية في الضفة المحتلة ويكون المسؤول عنها سموتريتش أو مستشار ينوب عنه.

قرارات نتنياهو: طريق لإراقة الدماء

قادة سابقون في وحدة تنسيق عمليات حكومة الاحتلال في الضفة انتقدوا تحويل هذه الصلاحيات إلى "الصهيونية الدينية". اللواء في جيش الاحتلال عاموس جلعاد وصف القرار بأنه "خطير".

وقال إن المسؤول عن منصب منسق العمليات يكون في رتبة "عقيد"، وقائد "الإدارة المدنية" في رتبة "مقدم"، وكلاهما يتبعان لرئيس الأركان في جيش الاحتلال.

جلعاد حذر من أن مشاريع "الصهيونية الدينية"، في الضفة المحتلة، ستزيد من حدة الصراع مع الفلسطينيين، ومقدمة إلى الدخول في أوضاع "لا رجعة عنها"، حسب وصفه.

يعقوب أور الذي شغل أيضاً سابقاً منصب "المنسق"، أكد أن سحب الصلاحيات لصالح "الصهيونية الدينية" تمهيد للضم الزاحف للضفة، وحذر من صدام بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية المختلفة المسؤولة في الضفة المحتلة، جراء منح سموترتيش صلاحيات واسعة هناك.

اللواء احتياط في جيش الاحتلال، إيتان دانغوت، الذي شغل ذات المنصب سابقاً قال إن قرارات نتنياهو تجعل "إسرائيل" في مواجهة العالم وخاصة الاتحاد الأوروبي 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

#نتنياهو #إسرائيل #الاستيطان #الضفة #يعلون #جيش الاحتلال #كوخافي #أيزنكوت #المنسق #الصهيونية - الدينية #سموتريتش #الإدارة - المدنية #هليفي #ضم - الضفة #فتية - التلال #تدفيع - الثمن #عاموس - جلعاد #يعقوب - أور #إيتان دانغوت