شبكة قدس الإخبارية

الشباب: ما بين الاحتلال والاستقلال

5
دلال صائب عريقات

عُقد بالأمس مؤتمر حول الإطار الوطني للقرار الأممي 2250 وتم تناول واقع الشباب الفلسطيني تحت الاحتلال.

جاء المؤتمر بتنظيم من اتحاد جمعيات الشابات المسيحية في فلسطين YWCA Palestine بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للسكان وغيرها من المؤسسات الشريكة.

قبل الحديث عن واقع الشباب الفلسطيني، هناك مجموعة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تؤكد على أهمية دور الشباب حول العالم ومنها:

- اليوم العالمي للشباب والذي جاء بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة ١٩٩٩/٨/١٢. الثاني عشر من آب من كل عام يذكرنا بأن الشباب شركاء أساسيون في التغيير، وبضرورة التوعية وتسليط الضوء على التحديات والمشكلات التي تواجه الشباب في كافة أنحاء العالم. الهدف العام الذي أقرته الأمم المتحدة بهذه المناسبة هو أهمية تحسين وتطوير المشاركة والعمل الشبابي على المستويات المحلية والوطنية والعالمية، فضلاً عن استخلاص العبر والدروس لتعزيز تمثيلهم ومشاركتهم في مختلف القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

- قرار مجلس الأمن 2250 عام 2015. قرار دولي حول الشباب والسلم والأمن.

ويعترف القرار بالدور الإيجابي والمهم الذي يلعبه الشباب في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وتعزيزهما. ويدعو إلى تعزيز مسؤولية الشباب في صنع القرار على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية والنظر في إنشاء آليات من شأنها أن تمكّن الشباب من المشاركة بشكل هادف في عمليات السلام، مع التركيز بشكل أساسي على خمس ركائز رئيسية: المشاركة، الحماية، الوقاية، الشراكات، وفك الارتباط وإعادة الإدماج.

- برنامج العمل العالمي، الذي طورته الأمم المتحدة عام 1995 يشتمل على توجيهات عامة لاتخاذ إجراءات وتدابير لازمة على المستوى الوطني، للنهوض بأوضاع الشباب، ويركز على أهمية تعزيز وجود فرص تنموية تعظم من حضور الشباب في كل مستويات المشاركة المجتمعية والسياسية.

- الخطط الوطنية للميثاق الأوروبي حول مشاركة الشباب الحياة المحلية الذي طالب بأن يكون للشباب الحق في الحماية الاجتماعية والقانونية والاقتصادية، وحقهم في توفير التدريب والتمكين وحمايتهم من الاستغلال، والعنف، وتعزيز مشاركتهم السياسية.

- أهداف التنمية المستدامة 2015 جميعها وبالتحديد الرابع بما فيه من تركيز على التعليم الجيد والنوعي والشامل لعام 2030.

على المستوى الوطني الفلسطيني لدينا العديد من المواثيق التي تؤكد على أهمية دور الشباب ومنها:

- الأجندة والسياسات الوطنية بموجب متطلبات القرار 2250 عام 2015

حيث اكدت الاجندات ٢٠١٧-٢٠٢٠ و ٢٠٢١-٢٠٢٣ على اهمية تعزيز مشاركة الشباب في مستويات صناعة القرار وإدماجهم في صنع السياسات العامة، وإشراكهم في حفظ السلام والأمن.

- القانون الأساسي الفلسطيني المعدل 2003، ووثيقة إعلان الإستقلال 1988 التي نحييها في 11/15 من كل عام تشكلان مرجعاً مهماً للإطار القانوني المحلي الذي عملت من خلاله المؤسسات الرسمية والأهلية على بناء تدخلاتها في قطاع الشباب، انطلاقاً من التأكيد على أن القانون الأساسي كفل جملة الحقوق التي يتمتع بها المواطن وبالتالي ضمنياً شمل فئة الشباب، ومنها الحقوق المدنية، والسياسية، والصحية، والاجتماعية والثقافية، والتعليمية، والسكن، والعمل.

الأجندة الوطنية تخرج عن الحكومة وتؤكد دون استثناء على أهمية تنمية القطاعات لتقديم خدمات نوعية للشباب، وخلق الوظائف اللازمة في سوق العمل، لتحقيق طموحاتهم ورغباتهم، وتعزيز اندماجهم ومشاركتهم السياسية، تطبيقاً للقرار الأمني 2250. كما وجاءت السياسة العامة رقم 21، وبشكل صريح على أهمية تمكين الشباب، من خلال التزام الحكومة كأحد المشغلين الرئيسيين في فلسطين، وتعهد الحكومة برعاية ودعم المشاريع الريادية للشباب، وتعزيز مشاركتهم في الحياة العامة مما يعكس ما جاء في القرار على ضرورة تضمين فئات الشباب في الخطط القطاعية. وتضمنت الخطة الاستراتيجية الوطنية للشباب بنسختيها 2017-2020 و 2021-2023 أهمية المشاركة المجتمعية، وتفعيل مستويات المشاركة السياسية والمدنية لفئات الشباب، من الجدير بالذكر أن أجندات السياسات الوطنية لا ترقَ لمستوى الخطط الاستراتيجية فهي تشمل أهداف دون أدوات قياس الأداء دون مراجعة دون تقييم وهذا ما يجعل الأهداف مثل الأحلام.

عام 2020 أعلن رئيس الوزراء محمد اشتية أنّه سيكون عام الشباب، في الواقع، يمثل الشباب الفلسطيني خمس المجتمع الفلسطيني أي 22% من اجمالي السكان، حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الذي يعرف الشباب هم من اعمارهم بين (18-29) عاما. بالرغم من أن 68% من الشعب الفلسطيني أصغر من 30 عاما، وأن نسبة الشباب في فلسطين مرتفعة، ولكن الشباب يعكس حالة من التهميش السياسي والبطالة وعدم الاندماج؛ لو نظرنا لمراكز صنع القرار، نرى حسب الإحصاء المركزي الفلسطيني ان تمثيل الشباب لا يتجاوز 1% في مواقع صنع القرار. الشباب مغيب ومهمش تماماً في مواقع صنع القرار لا سيما في تشكيل الحكومات ولجان منظمة التحرير والمناصب العليا في الفصائل والمحافظات والتمثيل الدبلوماسي.

المتابع للشأن الفلسطيني يعي تماماً تردي الوضع السياسي على مختلف الأصعدة وأهمها الانقسام الداخلي والتطبيع العربي العلني والمجاني دون التنسيق مع الفلسطينيين! يعي خطر المستوطنين والحقائق على الأرض بما يخص القدس والاستيطان واللاجئين وخطط الضم ومصادرة الاراضي والسياسات العنصرية المتزايدة وتهجير السكان الاصليين قسراً والاعدامات الميدانية في صفوف الشباب تحديداً. يعي خروج القضية الفلسطينية من قائمة أولويات الدول القريبة والبعيدة.

الاحتلال هو أول وآخر المعيقات في حياة أي فلسطيني كما أن الاحصائيات تفيد استهداف الاحتلال لفئة الشباب بشكل مكثف سواء في الاعدامات الميدانية في الأسر في الاضطهاد او السياسات العنصرية، في ظل استهداف الشباب من قبل الاحتلال، علينا اعادة ترتيب بيتنا الداخلي والارتقاء بهذه الفئة بما يعكس دور وحقوق الشباب.

المتابع يعي حاجة القيادة الفلسطينية اليوم لتجديد شرعيتها بطرق ديمقراطية، وفي ظل عدم وجود انتخابات، لا بد من إرادة سياسية لدمج الشباب تماماً كما المرأة في التعيينات فعلى المستوى الوطني والتشريعي فنسبة تمثيل الشباب شبه منعدمة. لا بد من رفع الوعي حول قرار مجلس الأمن رقم 2250 الذي يعزّز دور الشباب وإنشاء آليات تساعد الشباب على القيادة والدعم. حلم مشاركة الشباب في النظام السياسي الفلسطيني لن يتحقق الا بقرار سياسي ينعكس في تمثيل 68% من المجتمع وهذا ممكن أن يترجم بكوتا خاصة للشباب على غرار المرأة ولو بشكل انتقالي مؤقت أو في ظل غياب الانتخابات لا بد من قرار سياسي بدمج الشباب في التعيينات على المستويات المختلفة.

نتمنى أن تصل الرسالة لآذان صاغية تنعكس في صنع القرار.