في ظل الأحداث المتصاعدة على امتداد جغرافيا الوطن، من الواجب أن نولي التسلح بالمعرفة اهتمام كبير، وأن نعي أهداف الاحتلال ووسائله التي يستخدمها في حربه معنا، لنكون قادرين على مواجهتها وإحباط أثرها، ولن يتأتى ذلك إلا بالمعرفة والوعي، لآليات عمله والوقوف على الإستراتيجية التي يتبعها في حربه ضد شعبنا الثائر المنتفض.
وفي محاولة لفهم هذه الاستراتيجية التي أسميتها " ثلاثية القضاء على الثورة " والتي يتبعها الاحتلال في مواجهة شعبنا ووأد أي حراك مقاوم، ولعلها أكثر وضوحا اليوم في الضفة الغربية وذلك لقدرة الاحتلال على تطبيق الثلاث وسائل مجتمعة.
وهنا لابد الإشارة لمقابلة أجريت قبل يومين مع قائد جيش الاحتلال الأسبق " جادي ايزنكوت " عبر القناة ال 12 والتي أوجز خلالها هذه الاستراتيجية، مؤكدا على ذات الثلاث وسائل وفق العقيدة الأمنية والعسكرية، وهي تأتي على النحو التالي :-
1- العمل على عزل الحالة الثورية عن المحيط الشعبي والجماهيري، وذلك عبر إطلاق عليها مسميات مثل " شغب ، فلتان ، اعتداء على الممتلكات ... إلخ " من المسميات المختلفة التي تترك انطباع سلبي لدى المستمع، وهو الأسلوب الأول الذي تبنى عليه الأساليب الاخرى، فعزل المقاوم عن حاضنته الشعبية هو الهدف الأول للاحتلال للقضاء على الحالة الثورية، وهنا لابد من الإشادة بالذكاء التي تظهره المقاومة في الضفة والذي تبدع فيه عرين الأسود وجنين في التواصل بينها وبين الحاضنة الشعبية، حتى اتسعت حاضنة العرين وجنين، باتساع حدود فلسطين وقلوب كل الأحرار في هذا العالم.
2- سياسة التلويح بفقدان المكتسبات الاقتصادية التي تتطور للحرمان والتضييق والعقاب الجماعي في حالات تصاعد الحالة الثورية، في محاولة لربط التضييق بالثورة والانفتاح والامتيازات باللامبالاة، فكلما كان الإنسان لا يقيم وزن لقضاياه الوطنية ، كلما كان مرشح لأخذ المزيد من الامتيازات، وهنا لا أجد عبارة يمكن أن تصف هذه المعادلة أدق من عبارة د. محمد اشتية رئيس وزراء السلطة الفلسطينية عندما قال : " بدكم وطن أكثر ولا مصاري أكثر " وكأن المال والوطن مادتين للمقارنة!
وهنا يمكن أن نفهم مقاصد الاحتلال من حصار نابلس، ومحاولات عقاب أهلها على الحواجز مثلها مثل شعفاط وكل المناطق المشتعلة.
٣- أما الوسيلة الثالثة فهي عبر تشجيع السلطة الفلسطينية والضغط عليها، لممارسة مزيد من العمل الجاد، في إطار التعاون والتنسيق الأمني، لمحاولة إحباط العمل المقاوم، وعزل المقاومين بالاعتقال والملاحقة والتجريم، فوجدنا مثلا المطارد المختطف مصعب اشتية يحاكم بتهمة حيازة سلاح من قاض فلسطيني ووجدنا أحمد هريش وأحمد خصيب يحاكمون هم وآخرين لأنهم أسرى محررون.
وفق هذه الثلاثية يحاربنا الاحتلال، قد تختلف أساليبه مكانا وزمانا وحسب الأحداث الجارية، وسمات كل منطقة من المناطق الفلسطينية، لكنه لا يحيد عن استراتيجيته المعلنة في حربه على ثورة شعبنا المتصاعدة، لذا من الواجب أن نعي هذه الأهداف والوسائل ونواجها بتوعية الجماهير لخبث الاحتلال وخداعه، الذي يحاول أن يمارسه علينا، فالأعمار والأرزاق بيد الله وحده، لا الجُبنْ يزيد الفتى عمراً ولا الإقدام قَتْاَلْ.