شهد صباح الأحد 16-10-2022 إدخال المستوطنين للقرابين النباتية بشكلٍ علني لأول مرة منذ احتلال المسجد الأقصى المبارك، بعد محاولات متعددة لـ"تهريبها" إلى داخل الأقصى منذ عام 2016، إذ استعرض المستوطنون القرابين قبل إدخالها على باب المغاربة، وأدخلوها واستعرضوها بشكل علني في الساحة الشرقية للأقصى وأدوا صلوات "تقديمها"، وتركوها على السور الشرقي للمسجد الأقصى لتأكيد أن ذلك قد تم بالفعل.
وهنا لا بد من وقفاتٍ ثلاث:
أولاً: من الناحية التوراتية فإن الاعتقاد اليهودي الحلولي يرى في الهيكل المزعوم "محل سكن روح الرب"، ولذلك فإن الهيكل هو مركز العبادة القربانية، وإليه تجلب القرابين بأنواعها لتقدم إلى روح الرب، وإدخالها للأقصى هو رسالة تستهدف تثبيت الزعم الصهيوني بأن الأقصى هو ذاته الهيكل بأدوات طقوسية عملية. والقرابين النباتية تتشكل من "الأصناف الأربعة" وهي برعم نخل تجدل عليه أوراق الصفصاف وورود الآس وتضاف لها ثمرة حمضيات "أترج" ويشار لها بالعبرية اليوم باسم "لولاف" أي برعم النخيل، اختصاراً.
ثانياً: جاء تقديم القرابين النباتية تتويجاً لتحرك منسق يوضح منهجية تكامل الأدوار التي تتبناها حكومة الاحتلال لتهويد المسجد الأقصى، حيث قدمت جماعات الهيكل المتطرفة التماساً لمحكمة الاحتلال "العليا" في 9-9-2022 لإدخال القرابين و"أدوات مقدسة" أخرى إلى الأقصى، ثم يوم الثلاثاء 11-10 مع بداية أيام العرش "هربتها" جماعات الهيكل إلى الأقصى، فردت شرطة الاحتلال باصطحاب "المهرب" إلى خارج الأقصى، في اليوم التالي الأربعاء 12-10 علقت جماعات الهيكل عريضة مطبوعة على باب المغاربة طالبت فيها بوقف تفتيش المقتحمين والسماح بإدخال القرابين، معتبرةً التفتيش عملاً "غير قانوني"، في اليوم التالي الخميس 13-10 حمل قائد شرطة الاحتلال في البلدة القديمة القرابين على باب الأقصى واعتبر حملها "عملاً قانونياً"، ثم في يوم الاقتحام التالي الأحد 16-10 تم إدخالها علناً.
باختصار إدخال القرابين إلى الأقصى هو هدف متفق عليه بين مختلف الأطراف، وُضع سيناريو لـ "إخراجه"، فجاءت السوابق بهذا الشكل المتتالي، لتبدو كأنها تفاعلات متتالية لكن الواضح في سرعتها وتتاليها أنها محبوكة مسبقاً وليست "تفاعلات" ولّدت "نتيجة"، وهذا ما ينبغي إدراكه في إدارة المواجهة مع أذرع الاحتلال المختلفة في الأقصى.
ثالثاً: إدخال القرابين النباتية إلى الأقصى يشكل في وعي اليمين الصهيوني تمهيداً لإدخال القرابين الحيوانية إليه، وهو ما سيجدد المعركة في "عيد الفصح" العبري القادم والذي سيقع بين 6 و12-4-2023 وسيوافق الأسبوع الثالث من شهر رمضان.