رام الله المحتلة - خاص شبكة قُدس: على الرغم من إصدار محكمة صلح أريحا الثلاثاء 4 أكتوبر\تشرين الأول 2022، قرارًا يقضي بالإفراج عن المطارد مصعب اشتية وعميد طبيلة، غير أن الأجهزة الأمنية رفضت تنفيذ القرار القضائي، وأبقت على اشتية وطبيلة رهن الاعتقال حتى هذه اللحظة.
في الفترة الأخيرة، شهد القضاء الفلسطيني إصدار المحاكم لعددٍ من القرارات المتعلقة بالحريات العامة أو الإفراج عن معتقلين سياسيين مثل صهيب حمدة وأنور السخل ومحمد علاوي في الوقت الذي رفضت وماطلت فيه الأجهزة الأمنية من تنفيذها، أو أعادت اعتقالهم بعد لحظات من الإفراج عنهم.
ويحذر مختصون في الشأن القانوني من أن ما يجري هو سيطرة للسلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وتعدٍ سافر على القانون الأساسي وقوانين السلطة القضائية وهو ما قد يفقد القضاء ما تبقى من هيبته أمام الجمهور الفلسطيني.
في هذا السياق، يقول مسؤول الشؤون السياساتية والقانونية في مركز مساواة إبراهيم البرغوثي، إن عدم تنفيذ قرارات المحاكم هو ظاهرة، وما حدث في عدم تنفيذ حكم المحكمة بإخلاء سبيل الموقوف مصعب اشتية هو استمرار لهذه الظاهرة.
ويرى البرغوثي في حديثه لـ "شبكة قدس" أن التطور الأخطر أن هذا القرار صادر عن محكمة صلح أريحا المختصة في البت بقرارات التوقيف وتمت المصادقة عليه من قبل محكمة الاستئناف، وبالتالي فإن الحكم عندما يصدر عن محكمة الاستئناف يتصف بصفة القطعية والنهائية، ولا يمكن مراجعته قضائيًا وبالتالي هو حكم نهائي وواجب النفاذ.
ويتابع بالقول: "عدم تنفيذ قرار المحكمة المصادق عليه استئنافيًا يشكل انتهاكا صريحا لنص المادة 106 من القانون الأساسي والمادة 82 من قانون السلطة القضائية، والعديد من المواد الخاصة بالعهد الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
وأشار البرغوثي إلى أن الجهة التي وقفت وراء عدم تنفيذ قرار المحكمة تكون أمام موقع مساءلة وفقاً لأحكام المادتين 10 و32 من القانون الأساسي، على اعتبار أنها لم تقم بتنفيذ قرار قضائي، فضلاً عن كون عدم تنفيذ القرار يمثل جريمة وهي لا تسقط بالتقادم.
ووفقاً للحقوقي الفلسطيني فإن هذه "الجريمة" يتمثل عليها العزل من الوظيفة، وتعويض المتضرر جراء عدم تنفيذ حكم قضائي وبمقدور محامي الموقوف مصعب اشتية أن يتجه نحو 3 اتجاهات الأول أمام المحكمة الإدارية طعناً على عدم تنفيذ قرار المحكمة بالإفراج عنه، والتوجه للنيابة العامة لإقامة دعوى جزائية موضوعها عدم تنفيذ قرار قضائي وفي ذات الوقت إقامة دعوى مدنية للمطالبة بالأضرار التي لحقت بموكله نتيجة عدم إخلاء سبيله وعدم احترام القرار القضائي.
في سياق متصل، أكد مدير مجموعة محامون من أجل العدالة مهند كراجة، أن ما حصل مع اشتية وطبيلة فيه مخالفة للقانون الأساسي الذي ذكر تمامًا بعدم جواز حجز حرية أي شخص دون مذكرة قضائية.
وقال كراجة لـ "شبكة قدس" إن المحكمة أصدرت قرارًا بالإفراج عن الموقوفين والأجهزة الأمنية بسلوكها الحالي بعدم تنفيذ قرار المحكمة ترتكب جريمة يعاقب عليها القانون، ويجب على عائلات الموقوفين التقدم بشكوى للنائب العام بسبب حجز حريات أبنائهم بدون شكوى قضائية، ويجب على النائب العام أن يقوم مباشر بفتح قضية وتحويل كل من يحتجز شخصا للنيابة العامة موقوفًا.
إلى ذلك، عبرت الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون " استقلال" عن استيائها الشديد لرفض السلطة التنفيذية تنفيذ قرار محكمة صلح أريحا بتاريخ 4 تشرين أول 2022 القاضي بالإفراج عن مصعب اشتية، حيث تم تأكيد قرار الإفراج عنه من قبل محكمة استئناف أريحا واكتسب صفة القطعية.
وطالبت استقلال النيابة العامة بممارسة اختصاصها القانوني القاضي بوجوب تنفيذ الحكم وضمان الإفراج عن اشتية، داعية إلى الإفراج عنه فورًا دون إبطاء عملاً بما نصت عليه المادة (106) من القانون الأساسي الفلسطيني " الأحكام القضائية واجبة التنفيذ والامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها على أي نحو جريمة يعاقب عليها بالحبس، والعزل من الوظيفة إذا كان المتهم موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة، وللمحكوم الحق في رفع الدعوى مباشرة إلى المحكمة المختصة، وتضمن السلطة الوطنية تعويضاً كاملاً له".
من جانبها، قالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" إنها تتابع تزايد حالات رفض الأجهزة الأمنية، في الآونة الأخيرة، تنفيذ قرارات الإفراج الصادرة عن المحاكم الفلسطينية، والمماطلة في تنفيذ بعضها، فضلا عن استصدار قرارات توقيف على ذمة المحافظين لأشخاص قرر القضاء الفلسطيني الإفراج عنهم، كما حصل مع عدد من الموقوفين في محافظة الخليل.
وأضافت: "تلقت الهيئة منذ بداية شهر أيلول 2022 وحتى اليوم 24 شكوى تتعلق بامتناع أجهزة الأمن عن التنفيذ الفوري لقرارات الإفراج الصادرة عن المحاكم، وقامت بمخاطبة النيابة ببعض هذه الشكاوى".
واعتبرت أن عدم تنفيذ قرارات المحاكم بشكل عام جريمة يعاقب عليها القانون، فضلا عن أن استمرار احتجاز أشخاص خلافا لقرارات القضاء يعتبر احتجازا تعسفيا ويرقى إلى جريمة حجز حرية، مما يستدعي من النيابة العامة التدخل للإفراج عن المحتجزين واتخاذ المقتضى القانوني بحق من يمتنع عن تنفيذ قرارات المحاكم، خاصة وأن ذلك يساهم في تقويض سلطة القانون وسوف تكون له ارتدادات على السلم الأهلي.
وطالبت الهيئة النيابة العامة بالقيام بدورها في متابعة تنفيذ قرارات المحاكم وتحريك الدعوى الجزائية إذا اقتضى الأمر، داعية المحافظين إلى التوقف عن إصدار قرارات حجز حرية مواطنين بقرارات إدارية.