القدس المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: في 25 سبتمبر 1996 اندلعت هبة النفق، التي جاءت كرد فعل فلسطيني شعبي على افتتاح الاحتلال الإسرائيلي النفق الغربي أسفل المسجد الأقصى، لتشكل معها أوسع هبة جماهيرية ضد مخططات الاحتلال.
الهبة التي جاءت في فترة حكم بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال الأسبق، الذي كلّف رئيس بلدية الاحتلال آنذاك إيهود أولمرت بافتتاحه، لتشتعل فلسطين من شمالها إلى جنوبها، حيث استشهد 63 فلسطينيًا: 32 منهم في الضفة الغربية و31 في قطاع غزة، بينما أصيب 1600 آخرون بجروح متفاوتة.
ورغم أن عملية افتتاح النفق قد سبقتها محاولتين الأولى عام 1986 عند باب الغوانمة والثانية عام 1994، عند المدرسة العمرية وهو نفس المدخل الحالي، إلا أن المشهد كان مختلفًا تمامًا عام 1996 إذا جاءت ضمن مخططات حكومة الليكود في برنامجها الانتخابي آنذاك، كما أنها جاءت عشية الاحتفال بعيد الغفران وكأن هذه العملية جاءت كهدية للشعب اليهودي إلا أن نتائجها لم تكن في حسبان الحكومة حيث أفشلت الهبة الجماهيرية الإستراتيجية الإسرائيلية القائمة على سياسة الصفقات حيث لا يتم إغلاق النفق إلا بشروط محددة.
ويرى مراقبون أن هبة النفق نجحت كما بقية الهبات التي تلتها أو سبقتها في حشد الشارع الفلسطيني تجاه ما يجري في القدس، إلى جانب التأكيد على أن الأقصى هو جوهر الصراع مع الاحتلال الذي يسعى لتحويله إلى كنيس يهودي بشتى السبل والوسائل.
في هذا المضمار، يؤكد الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب أن هبة النفق كان لها نتائج إيجابية على صعيد الوحدة الجماهيرية وحضور الفصائل الفلسطينية وتحديدًا فصائل المقاومة، إلى جانب المشاركة الواسعة في فعاليتها طوال فترة اندلاعها.
وبحسب حديث أبو دياب لـ "شبكة قدس" فإن مشاركة الفصائل وقوى المقاومة في أي هبة مرتبطة بالقدس المحتلة تضع الاحتلال تحت الضغط كما حدث في السنوات التي تلت الهبة سواء في معركة سيف القدس عام 2021 أو رمضان الماضي.
ويضيف: "صمود وانتباه أهل القدس خصوصًا وفلسطين عمومًا أدى إلى إفشال مخططات الاحتلال لتغيير وفرض وقائع تاريخية في المسجد الأقصى، سواء في هبة النفق أو هبة باب العامود أو هبة الأبواب الإلكترونية التي فشل الاحتلال في تمرير مخططاته".
لكن اللافت بحسب أبو دياب هو عدم استسلام الاحتلال لما يجري من نجاحات فلسطينية خلال هذه الهبات وانتصارات يتم تحقيقها، من خلال السعي لإفراغها من مضمونها أو محاولة تنفيذ مشاريع ذات أبعاد استراتيجية لامتصاص الموقف الفلسطيني.
في سياق متصل، يرى رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي أن الهبات الشعبية والجماهيرية التي اندلعت في القدس المحتلة وتحديدًا التي ارتبطت بالمسجد الأقصى حققت نجاحات على المستوى الآني القريب.
ويقول الهدمي لـ "شبكة قدس" إن هبة النفق اكتسبت طابعًا خاصًا نظرًا للزخم الشعبي الذي كان موجودًا وحجم المشاركة فيها والحشد الكبير من الفصائل للوقوف في وجه المخططات الإسرائيلي الرامية لاستهداف الأقصى وأساساته.
غير أن رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، يعتقد أن ثمة تراجع على المستوى الفلسطيني في مراكمة النجاحات المتعلقة بالهبات الشعبية سواء هبة النفق أو ما تلاها من هبات وتحويلها إلى نجاحات سياسية تغير من الواقع القائم.
ويستدرك الهدمي: "لكن حضور المقاومة الفلسطينية وأذرعها العسكرية يكسب الهبات زخمًا مختلفًا ويجعل التعامل الإسرائيلي معها مغايرًا، تمامًا كما حصل في سيف القدس وهبة باب العامود وغيرها من الهبات التي كانت الفصائل تدعم أهالي القدس".
ويعتقد أن هبة النفق كانت إيجابية على مستوى إفشال المخططات الإسرائيلية في ذاك الحين، غير أن الشيء السلبي هو أن الاحتلال استبدل هذه المخططات بأخرى ذات أبعاد استراتيجية لتمرير مخططاته وتعزيز تهويد الأقصى والقدس.
ووفقاً لحديث الهدمي، فإن الفلسطينيين وتحديدًا القيادة السياسية في رام الله وغزة مطالبة بموقف مختلف يعزز من الهبات الشعبية ويكسبها زخمًا أكبر في مواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي، التي تستهدف بشكل واضح الأقصى ومعالمه.
ويعتقد الهدمي أن المطلوب البناء على النتائج التي تم تحقيقها ميدانيًا خلال هبة النفق وهبة الأسباط وباب العامود وغيرها، وعدم السماح للاحتلال بإفراغها من مضمونها تحت أي ظرف كان وأن يكون للقيادة السياسية دور مغاير عما هو حاليًا.