فلسطين المحتلة - خاص شبكة قُدس: بعد الأزمة السورية، اختارت حركة حماس الخروج من العاصمة دمشق والانتقال إلى الدوحة عام 2012 في ظل مطالبات النظام آنذاك بإصدار موقف واضح تجاه ما يجري، وهو ما رفضته الحركة تمامًا كونه يتعارض مع سياسات الحركة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
أصدرت حركة حماس، اليوم الخميس 15 أيلول/سبتمبر 2022، بيانًا بعنوان "أمة واحدة في مواجهة الاحتلال والعدوان"، ليؤكد مضيها في استعادة علاقتها بالنظام السوري بعد قرابة 11 عامًا من القطيعة التامة.
تحدثت الحركة في بيانها، عن "إدانتها بشدة العدوان الصهيوني المتكرر على سوريا، وخاصة قصف مطارَيْ دمشق وحلب مؤخرًا، ووقوفها إلى جانب سوريا الشقيقة في مواجهة هذا العدوان إلى جانب تقديرها للجمهورية العربية السورية قيادةً وشعبًا؛ لدورها في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وأنها تتطلع أن تستعيد سوريا دورها ومكانتها في الأمتين العربية والإسلامية، وندعم كل الجهود المخلصة من أجل استقرار وسلامة سوريا، وازدهارها وتقدمها".
يأتي بيان حماس اليوم، بعد إشاراتٍ من الحركة في الفترة الأخيرة عن الحاجة لبناء محور "القدس" ومواجهة محور التطبيع بشكل كامل، في ظل قيام عدد من الدول العربية بفتح علاقات رسمية مع الاحتلال الإسرائيلي على رأسها الإمارات والمغرب إلى جانب البحرين.
في هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن إن سياسات حركة حماس الخارجية وعلاقاتها بالدول تقوم على تصفير المشاكل مع جميع الدول، والوقوف في مربع الحياد الإيجابي بما يخدم القضية الفلسطينية.
ويضيف محيسن لـ "شبكة قُدس" أن الموقف من سوريا انتابته خلال السنوات الأخيرة عثرات ودخل في مسارات متعددة، دفع بالحركة لإحداث مراجعات في الآونة الأخيرة، خصوصًا وأن الواقع في سوريا بدأ يأخذ حالة من الاستقرار الأمني والسياسي.
ويستكمل: "حماس معنية بتوطيد علاقاتها مع كل من له موقف إيجابي من القضية الفلسطينية، وتاريخيًا فإن سوريا كانت لها مواقف متقدمة في دعم النضال الفلسطيني وهو ما فرض على حركة حماس بعد هذه السنوات من القطيعة أن تعيد حساباتها في إعادة العلاقات مع دمشق".
ووفقاً لحديث محيسن فإن محاولات عدة جرت منذ سنوات لتفكيك ما علق من اضطرابات في طبيعة هذه العلاقة، إذ أن الحركة معنية بعدم الدخول في مساحات التعارض الداخلي الموجودة بين التباينات القائمة داخل الدول وعدم التدخل في شؤون الدول.
وعن النقد الموجه لها، يذكر الكاتب والمحلل السياسي أن حماس معنية باستجلاب كل منابع الدعم وتوطيد علاقاتها بما يخدم القضية في مواجهة الاحتلال، ومواجهة مسار التطبيع القائم وهو ما يلقي بمسؤولية كبيرة عليها كونها أبرز حركات المقاومة الفلسطينية.
ويردف قائلاً: "حماس سابقًا عندما وجدت أنها في موقف محرج في بداية الأزمة السورية نأت بنفسها عن الدخول في مثل هذه المواقف، وتحملت تباعت كبيرة، والكل كان يعلم ماذا تحتل حماس في القطر السوري قبل الأحداث في سوريا".
من جانبه، يقول رئيس تحرير صحيفة الاستقلال والكاتب خالد صادق إن حركة حماس تريد تعزيز حلفائها ضمن ما يعرف بـ "محور المقاومة" في المنطقة والسعي لتقريب وجهات النظر مع كل الدول التي من الممكن أن تساعد القضية الفلسطينية.
ووفقاً لحديث صادق لـ "شبكة قُدس" فإن هناك تغيرًا واضحًا في الموقف السياسي بين كل من حماس وسوريا، إضافة إلى أن الموقف الروسي يدفع باتجاه أن تكون هناك علاقات مشتركة وتوافقية وتعزيز الشراكة بين سوريا وحركات المقاومة الفلسطينية ولبنان.
ويرى أن هناك قواسم مشتركة تدفع باتجاه تحسين العلاقات بين القيادة السورية وحركة حماس وعلى رأسها ملف التطبيع خصوصًا وأن الحركة فقدت الكثير من الدعم واعتقل أنصارها في عدة دول عربية نتيجة للتطبيع بين الاحتلال وهذه الدول.
وبحسب رئيس تحرير جريدة الاستقلال فإن حركة حماس تحاول الاقتراب من أي دولة قريبة من القضية الفلسطينية وبالتالي فهي عندما رأت أن هناك تقاربا في المواقف بشأن العدوان في سوريا ولبنان دفعها باتجاه الاقتراب من هذا المحاور.
ويعتقد صادق أن الحركة من الممكن أن تحقق مكاسب على المستوى السياسي والعسكري واللوجستي بما يخدم القضية الفلسطينية، وهي لديها القدرة على استغلال هذه الحالة في الفترة المقبلة لتحقيق مكاسب للشعب الفلسطيني.
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن هناك تحولات سياسية مهمة لدى حركة حماس في اتجاه الوطنية الفلسطينية، ففي سابق الوقت كانت حركة حماس في قلب حركة الإخوان المسلمين وأخذت موقفها بشأن سوريا بسبب ارتباطها بالجماعة.
ويقول عوكل لـ "شبكة قُدس" إن حركة حماس حاولت في السنوات الماضية الحصول على شرعية عربية ودولية وإقليمية ولم تحصل عليها وحاولت أن تشكل قطبا بديلا مواز لمنظمة التحرير، وهو ما دفعها باتجاه توطين سياستها ومشروعها السياسي باتجاه الداخل الفلسطيني.
ويضيف: "الحركة اليوم باتت توافق على الانتخابات وتقبل بأي توافق فلسطيني يسمح لها بالشراكة في منظمة التحرير أو السلطة وهو أمر له محددات لعل من أبرزها أن منظمة التحرير ليست على حالة عداء بالدول العربية".
ويعتقد أن أحد الأسباب التي تدفع الحركة باتجاه استئناف علاقاتها بسوريا هو أنه لم يعد هناك سبب وجيه ومقنع لاستمرار حالة العداء والقطيعة مع النظام، لا سيما أنها جزء من محور المقاومة الذي تتصاعد فيه علاقات بين مختلف الأطراف في إطار هذا المحور.
ويبين عوكل أن هناك تحولات كثيرة في الإقليم وطبيعة الصراع والعوامل المؤثرة في الصراع دفعت الحركة باتجاه القرار، وبالتالي من الطبيعي أن يكون لهذا القرار مؤيدون ومعارضون وأن تحدث حالة من التناقض حتى داخل أروقة الحركة نفسها.