شبكة قدس الإخبارية

اللقاء الموسع بين حماس والجهاد.. كيف يمكن قراءته في ضوء المعركة الأخيرة؟

إيال زمير (23)
هيئة التحرير

غزة - خاص قدس الإخبارية: فتح إعلان حركتي حماس والجهاد الإسلامي عن اجتماع مشترك عقد بينهما في مدينة غزة الإثنين 22 أغسطس 2022، بمشاركة قيادات من الصف الأول على المستويين السياسي والعسكري والأمني، باب السؤال عن أبرز النتائج والأهداف من وراء الاجتماع.

ولم توضح الحركتان في بيانهما المشترك الفحوى التفصيلية للاجتماع باستثناء بعض النقاط العامة التي تتضمن التأكيد على خيار المقاومة كخيار استراتيجي إلى جانب الغرفة المشتركة، ورفض الاعتقال السياسي والتنسيق الأمني.

ويبرز حضور شخصيات أمنية وعسكرية للقاء إلى جانب الشخصيات السياسية الأهمية، في الاجتماع الذي جاء بعد معركة وحدة الساحات، والتي تبعها جدل واسع واستقطاب حاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين القاعدتين التنظيميتين لحماس والجهاد.

غير أن ما جرى في الآونة الأخيرة يعيد فتح الاستراتيجيات المختلفة لكلا التنظيمين وإن كانا يتكاملان في هدف المقاومة، ففي الوقت الذي تتبنى فيه الجهاد استراتيجية المشاغلة ضد الاحتلال، تتبنى حركة حماس منذ عقد ونيف استراتيجية مراكمة القوة والدخول في مواجهات واسعة تحقق من خلالها أهدافا سياسية وعسكرية.

ولن يقتصر الأمر على الاجتماع الذي عقد مؤخراً بين قيادات الصف الأول من الحركتين بل سيشمل مستويات أخرى من الحركتين للتنسيق السياسي والعسكري بشكل أكبر، ومعالجة أية رواسب أو سلبيات شهدتها العلاقة في الفترة الأخيرة.

وخلال المعركة وبعدها حافظت الحركتان على خطاب الوحدة الوطنية والتأكيد على العلاقة التكاملية وهو ما ظهر جلياً في خطاب الأمين العام للجهاد الإسلامي زياد النخالة الذي وصف حركة حماس بعمود المقاومة الفقري.

في الأثناء، يقول الكاتب والمختص في الشأن السياسي ساري عرابي إن الاجتماع يعتبر أكبر من فكرة احتواء أزمة أو تطويق ما جرى، إذ لا يوجد أمام الحركتين أي خيار إلا تطوير العلاقة وسد أي ثغرات قد تنتج وتسمح لأحد بالتسلل من خلالها.

وبحسب عرابي الذي تحدث لـ "شبكة قدس"، فإن حماس التي تدير شؤون القطاع لا يمكن أن تسمح بشرخ كبير مع الجهاد، كما أن الأخيرة لا يمكن أن تمارس العمل المقاوم في قطاع غزة بكفاءة واقتدار دون علاقة جيدة مع حماس.

وأتبع قائلاً: "الحركتان مشتركتان في رؤية واحدة بشأن المقاومة وإن اختلفتا في موضوع آليات المقاومة وطريقة عملها داخل القطاع، لكن القضية ليست قضية خلاف عابر بين عناصر الحركتين بل لا بد من توحيد رؤية العمل المقاوم داخل القطاع".

ويعتقد عرابي أنه لا بد من تقييم التجربة بالرغم من أن حركة الجهاد الإسلامي هي من قادت المعركة الأخيرة لكنها تخص كل الفلسطينيين وبالتالي فإن أي عمل مقاوم من داخل القطاع يهم الكل الفلسطيني، لذلك مطلوب ممن يمارس المقاومة أن يقيم التجربة.

ويلفت الكاتب والمختص في الشأن السياسي إلى أن هناك نوعا من التوازن بين رؤية الحركتين فمنذ عام 2014 إلى عام 2021 أصبحت المواجهات محدودة للغاية وكانت هناك غلبة لرؤية حركة حماس من أجل مراكمة القوة، وفي محطات أخرى قادت الجهاد قضية المشاغلة.

ويستطرد عرابي قائلاً: "قضية المشاغلة أو المراكمة تحتاج إلى نقاش معمق بين الحركتين خصوصاً وأن أصل فكرة المقاومة هي المشاغلة وليس المراكمة ولكن تبقى هذه الاستراتيجية متحركة وغير ثابتة وفقاً للظروف والأحوال".

ويتساءل قائلاً: "السؤال المطروح هل بالإمكان ممارسة مشاغلة من داخل القطاع تستنزف الاحتلال ولا تستنزف الجماهير الفلسطينية والقواعد داخل القطاع، لكن يبدو أن هذا الأمر غير متاح، وبالتالي فإن رؤية حركة الجهاد صحيحة لكن يبقى السؤال هل يمكن تطبيقها من غزة، خصوصاً وأن أي مشاغلة قد تقود لحرب طاحنة في بيئة ضيقة ومحاصرة".

ويؤكد عرابي في حديثه على أن الحركتين تحتاجان للعمل سوياً من أجل تطوير العلاقة على صعيد القواعد التنظيمية بطريقة أكبر من مستوى العمل على الصعيد القيادي، خصوصاً أن هناك ما يجمع الحركتين على الصعيد السياسي.

من جانبه، يرى الكاتب والمختص في الشأن السياسي حسن عبدو، أن مستوى اللقاء بين الحركتين يعكس حجم قوة العلاقة بين التنظيمين وفشل محاولات الاحتلال الإسرائيلي الذي أراد إحداث شرخ في العلاقة خلال معركة وحدة الساحات.

ويقول عبدو لـ "شبكة قدس"، إن الاحتلال كان قد وضع هدفاً لنفسه بعزل حركة حماس عن الجهاد الإسلامي ولذلك فإن الاجتماع نسف كل الجهود الإسرائيلية لضرب هذه العلاقة التي تعتبر استراتيجية بالنسبة لكلا الحركتين.

أما عن حالة الاستقطاب والتباين، فيعلق قائلاً: "حالة الاختلاف والتباين موجودة حتى داخل التنظيم الواحد فحركة حماس يوجد داخلها تباين في المواقف وكذلك الأمر داخل الجهاد الإسلامي، لكن هذا التباين لا يمكن أن يضرب الوحدة الفلسطينية".

ويشدد عبدو على أن الاحتلال كان يريد أن يعمق الشرخ بحيث يجعل هناك خلاف حاد بين حماس والجهاد الإسلامي وبالتالي فإن عنوان اللقاء الأبرز كان إفشال الاحتلال الإسرائيلي وضرب كل جهوده، مع الإشارة إلى أن التباينات الداخلية ستبقى دون أن تمنع تطور العلاقة.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي أن حالة الاستقطاب التي حدثت عبر منصات التواصل الاجتماعي بين القواعد التنظيمية لكلا الحركتين حاول الاحتلال لاستغلالها، لكن ما حدث كان أمراً عادياً ويمكن طي هذه الصفحة بسهولة دون التأثير على العلاقة.

وبشأن مشاركة قادة أمنيين وعسكريين، يقول عبدو: "هذه المشاركة تعكس وجود بعض الملفات الهامة التي تحتاج لإيضاح بين كلا التنظيمين وبالتالي فهذه المشاركة تندرج في إطار استيضاح كل الحالة وعرضها أمام القيادة بشكل واضح".