شبكة قدس الإخبارية

سلواد.. المراكمة المستمرة على فعل التحرر

artworks-s5s4cS2qOpQPFE2W-PCPKlw-t500x500-500x430
شذى حمّاد

تكررت عمليات إطلاق النار مجدداً التي تستهدف جيش الاحتلال والمستوطنين في محيط بلدة سلواد شرق الله، الليلة الماضية - 20 آب- استهدفت عملية اطلاق نار الجديدة حافلة للمستوطنين في شارع الحرامية الشارع الذي يحمل ارثاً عظيماً متوارثاً، جيلاً بعد جيل في سلواد منذ الثلاثينيات، ولذلك فإن هذا الخبر يحمل معنيين، الأول المتعلق بنا كفلسطينين وما تحمله من إرث مقا*وم في المنطقة، وتعزيز لهذا التاريخ، الذي نراه تاريخنا كساعيين للتحرر. والمعنى الثاني، معنى هزيمة للمستعمر، الذي ما زال هذا الشارع، وهذه النقطة تحديداً تحت تهديد بارود المستَعمر الذي لا تكف محاولاته المتراكمة سعياً لانتزاع حريته.

عملية إطلاق النار الأخيرة لا تُقرأ إلا ضمن سياق متواصل منذ شهرين، كما لا تُقرأ بانتزاعها من بيئة سلواد المق*اومة، ولا تُقرأ أيضاً بعيد عن التأثر بجنين ونابلس. فتحديداً ومنذ ٢٥ حزيران تصاعدت عمليات اطلاق النار بعد إعلان استشهاد الفتى محمد عبد الله حامد، وقد تكررت العمليات التي تستهدف نقطة جيش الاحتلال العسكرية وشارع 60 الاستيطاني بعد تشييعه على أكتاف عشرات المسلحين الذين ألتزموا بعد إطلاق النار في الهواء، وكانت السابقة في تشييع الشهداء في البلدة.

وخلال الشهرين الماضيين شنت قوات الاحتلال حملات اعتقال واسعة في صفوف شبان البلدة، طالت العشرات منهم وقد اعتقل جيش الاحتلال في إحدى المرات 30 شاباً دفعة واحدة. فيما حول الاحتلال عدداً كبيراً من المعتقلين إلى الاعتقال الإداري، كما أخضع عدداً آخر للتحقيق الذي وصل لنحو الشهر ، ما يؤكد عبثية هذه الاعتقالات وعدم وصولها للنتيجة التي يسعى لها الجيش.

وفي ظل استمرار الاحتلال بحملات الاعتقال واقتحام المنازل وتصعيد العنف الاستعماري خلال هذه العمليات. يتكرر تنفيذ عمليات إطلاق النار ونجاح انسحاب منفذيها، مؤكدين على فشل جيش الاحتلال بالوصول إليهم، ومؤكدين على أن كل هذه الحملات وما تحمله من سياسة ردع وعقاب جماعي، لا تثنيهم. وفي ظل ذلك، بدل الجيش قيادة المنطقة، بإبعاد القائد الذي يحاول فرض سيطرة جيشه على المنطقة منذ سنين، بضابط جديد يسعى لتفكيك معادلة استمرارية هذه العمليات وتصاعدها في الشهرين الأخيرين. وقد افتتح مهمته بإرسال رسائل هاتفية تهديدية بفرض مزيد من العقاب الجماعي إذا استمرت عمليات إطلاق النار.

فيما أصبح المنفذون يتبعون استراتيجيات متنوعة ولا تقوم على رتم واحد في تنفيذ عمليات إطلاق النار، بدءاً من اختيار الأماكن، والتوقيت، وصولاً إلى استدراج قوات الاحتلال ومعاودة استهدافها.

عملية عيون الحرامية الأخيرة كان لها رتم مختلف عن العمليات في الآونة الأخيرة، ورغم أنها تشابه كثير من العمليات التي نفذها أبناء البلدة سابقاً في المنطقة. إلا أنها كانت المختلفة بين العمليات الأخيرة، إذ أن منفذي العملية اختاروا المكان أولاً، ثم حددوا هدفهم المتمثل بمركبة مستوطنين في طريقها بين مستوطنتين وذلك بعد انتهاء السبت. وتمكن المنفذ من استعادة المكان والزمن الذي يصادره المستعمر ويستولي عليه. وهو ما تمثل بإعادة فرض الفلسطيني معادلة مكانية زمانية جديدة يقودها ويتحكم فيها متحرراً من السيطرة الاستعمارية.

جيش الاحتلال استنفر مجدداً، أعلن سلواد منطقة عسكرية مغلقة، وبدأ بعمليات استعراضه العسكري بنصب الحواجز واقتحام البلدة بأعداد كبيرة، وإطلاق للقنابل الصوتية، ومصادرة تسجيلات الكاميرات - والتي قلما توجد في البلدة- . ويبدو جلياً مدى عشوائية فعله وتخبطه، سواء إذا تمثل ذلك بفشل مستمر بالوصول إلى المنفذ/ المنفذين، أو محاولاته المستمرة بفرض قمع على سلواد واقتلاع مقاومتها التي لا تنفك عن الانبعاث.

وتبعاً لما سبق، نقف اليوم عند سؤال الجدوى هو سؤال لا ننكف عن التفكير فيه، ولا نتوقف عن طرحه والتفكر حوله، هو سؤال مهم نبني عليه الوعي حول فعل التحرر المتراكم. ففعل مقاوم واحد ربما لا يستعيد وطناً، ولكنه يراكم على سابقه، ويبني تاريخياً متواصلاً. كما يركب سردية لسنا المنهزمين فيها. والأهم أنه ينشأ حصناً متيناً حول الجغرافية - كسلواد- ويحددها كبؤرة مواجهة لا تهدأ، ولا يُتوقع فعلها بزمانه ومكانه، وقد احتفظت بعنادها الذي لا يلين.

#سلواد