تعودنا في هذه البلاد أن نكتب عن أساطير الأبناء في مقارعة الأعداء تعودنا أن نكتب في وصف أفعالهم وبطولاتهم التي هزت الأرض والسماء.
تعلمنا في هذه البلاد منذ نعومة أظافرنا أن الأوطان لا تتحرر إلا بالإنسان وأن الإنسان هو أغلى ما تملكه الأوطان وكنا في مدارسنا نردد أمام العلم " فدائي يا أرضي يا أرض الجدود" وكانا نكبر وتكبر في مخيلتنا شكل دولتنا وشكلنا نحن عندما نكبر تحت ظل علمها.
كبرنا وكبرت معنا مطامحنا التي ربيناها بكل عناية منذ صغرنا على أن الفلسطيني على هذه الأرض لا يهان ولا تهان كرامته ولا يسحل في الشوارع التي نزف فيها الدماء برصاص الأعداء.
هذه البلاد التي تربينا فيها على الغالي وهذه البلاد التي دفعنا من أجلها وقدمنا كل غالي على قلوبنا من أجل أن تبقى بخير ها هي اليوم تسرقنا وتجلدنا وتسحلنا وتضربنا وتمنعنا حتى من حضور ولادة أطفالنا.
بالأمس منع الشاب النبيل ابن العائلة النبيلة أحمد هريش الأسير المحرر من سجون الاحتلال من حضور ولادة ولي عهده كرم، كرم الذي سيربيه أبيه على أن يصبح جندياً مدافعاً عنها حتى النهاية منعه الحراس والجند من حضور ولادته وتلقينه الشهادة.
واليوم المحامي العنيد ابن البلاد أحمد الخصيب الأسير المحرر من سجون الاحتلال هذا الفلسطيني العظيم الذي اختار القانون تخصصاً ليسيج بقلبه العدالة التي نسعى لها جميعاً طحنته البلاد ظلاماً وضرباً وشتماً، واليوم "منى" الطفلة الأولى القادمة من الحياة الاخرى إلى البلاد سترى النور دون أبيها.
نعم بالأمس أحمد هريش واليوم أحمد الخصيب وغداً أحمداً جديداً سيكون تحت مقصلة الجند في زنازين مسيجة بظلم القريب.
وسط كل هذا الظلم الذي يضربنا على رؤوسنا في بلادنا المستباحة من عدو أهلك الحرث والنسل يخرج علينا أحد القادة من بين حرسه وعسسه ليخبرنا أن البلاد بخير بهمة شبابها أي شباب يا صاحب السعادة؟ شبابنا في سجونك يطحنون.
أحمد يا ابن الخصيب ستخرج وكلنا على يقين أنك ستخرج وأجزم أن البلاد لو قدر لها ربها أن تنطق لاعتذرت لك بصرخات تملئ الكون.
لكل المعتقلين السياسيين في بلاد يستبيحها المحتلين أنا آسف.. آسف على كل الأحلام التي حلمتها في صغري أن الاوطان لا تتحرر إلا بالانسان ولكن أخوتي في هذا الزمان لا مكان للإنسان الحر أمثالكم، ليتني لم أكبر وليت هذا الزمن ينسف من ذاكرتي الصغيرة.