شبكة قدس الإخبارية

كيف نفهم الهجمات الإلكترونية في إطار حربنا مع الاحتلال؟

5666665.JPG
نداء بسومي

فلسطين المحتلة - خاص شبكة قُدس: خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، تعرض موقع الجبهة الداخلية للاحتلال لهجوم سيبراني أدى لتعطيل الموقع لفترة زمنية وفق ما نقلته قناة كان العبرية، هذا الموقع الذي تصدر من خلاله تعليماتٌ خاصة للمستوطنين لكيفية التعامل في ظل التصعيد والأزمات. 

في الآونة الأخيرة، زادت وتيرة الهجمات السيبرانية التي تعرضت لها مؤسسات الاحتلال، والتي تنفذها المقاومة الفلسطينية، أو مجموعات خارجية مناصرة للقضية الفلسطينية كما في حالة الهجوم العراقي على موقع وزارة صحة الاحتلال، ما أدى لتوقف خدماته عن المتصفحين من خارج فلسطين المحتلة، أو الهجمات الإيرانية التي تنشط بين الفنية والأخرى، فما هي الهجمات السيبرانية؟ وكيف يمكن أن نفهمها في إطار صراعنا مع الاحتلال؟ 

حول الهجمات السيبرانية يصنف الأستاذ في دائرة الحاسوب في جامعة بيرزيت مصطفى جرار الهجمات السيبرانية إلى نوعين، أولهما يهدف إلى الحصول على معلوماتٍ مثل صور وتسجيلات صوتية أو ملفات على أجهزة، وهي اختراق للحصول على معلومات عبر تسجيل الكاميرات في الهواتف الذكية، أو اختراق البنوك، والثاني يهدف إلى تعطيل المؤسسة أو الشركة.

ويوضح جرار في حديثه لـ "شبكة قدس" أن هذه الهجمات السيبرانية قد تؤدي إلى تعطيل المؤسسات لفترة تصل إلى أشهر في بعض الأحيان، وتتعطل أعمالها وتؤثر على الاقتصاد، فضلًا عن إمكانية تسريب معلومات أمنية أو اقتصادية، مؤكدًا على أن الاختراق لا يحتاج إمكانياتٍ كبيرة، وبإمكان أي شخص اكتسبَ المهارات أن ينفذه بشكلٍ عام. 

وينوّه المحاضر في جامعة بيرزيت إلى أن الدول أصبحت لها جيوشٌ إلكترونية، بعيدًا عن الشكل المعتاد للجيوش الذي يحمل السلاح والعتاد، مشددًا على أن الأسلحة التقليدية تقّل فعاليتها بدون جيوش إلكترونية، وأن الدول تمتلك أجهزة أمنية إلكترونية لا تعلن عنها للدول الأخرى. 

وحول الهجمات السيبرانية التي تعرض لها الاحتلال، يلفتُ جرار إلى أن الاحتلال بمؤسساته الأمنية والمدنية والعسكرية يتعرض لهجمات سيبرانية، "وهناك دول مثل إيران اخترقت الاحتلال في أكثر من مستوى، وقاموا بتصوير مفاعل ديمونا، وهذه الاختراقات لا تحتاج للكثير من المؤسسات الكبيرة للقيام بها، وعلى الفلسطينيين التركيز ومحاولة القيام بذلك". 

على غرار جرار، يربط الصحفي المتابع للشأن الإسرائيلي محمد بدر الهجمات السيبرانية التي تتعرض لها دولة الاحتلال تبعًا للجهة التي نفذتها وأهدافها، فالمقاومة الفلسطينية تنشط في مجال الهجمات التجسسية وجمع المعلومات خاصة تلك المتعلقة بالمقاومة وتصوير الأماكن العسكرية، والنوع الثاني المرتبط بالدول، مثل الهجمات التي تنفذها إيران والعراق ضد "إسرائيل"، والتي تسبب أضرارًا مباشرة على المستوى الاقتصادي والمنشآت والبنية التحتية ومحطات الكهرباء والمياه، وهي تحتاج لإمكانيات عالية، لم تصلها المقاومة الفلسطينية بعد.

ويعزي بدر، في حديثه لـ "شبكة قدس"، سبب تعرض الكثير من المؤسسات "المدنية" لدى الاحتلال للهجمات السيبرانية إلى أنها تعتمد على نظامٍ خاص بها للحماية  الإلكترونية، وكثير من هذه المؤسسات غير مستعدة لتحسين نظامها الإلكتروني ودفع الأموال مقابل ذلك، على اعتبار أن برامج الحماية الإلكترونية مكلفة، وستتحول إلى تكاليف مستمرة، لذلك وفي ظل تساهل هذه المؤسسات تجاه أنظمة الحماية الخاصة فيها،  يسهل على المقاومة الفلسطينية والمجموعات الإيرانية والعراقية اختراقها. 

وعلى العكس من ذلك، وفقًا لبدر، فإن هناك برامج حماية إلكترونية أمنية وعسكرية، وهذا ما تراعاه الدولة والمؤسسة الأمنية للاحتلال ومراكز الأبحاث والتي هي متطورة في هذا المجال، وهو أكثر قوة، ويتعلق بشركات التصنيع الإسرائيلية والمنشآت الحساسة الإسرائيلية.

ومع ذلك ، يقول إن الحرب السيبرانية تمتاز بأنها مجهولة الإمكانيات، حيث لا يمكن كشف إمكانيات أي طرف إلا بعد وقوع الهجمات، هذه الهجمات التي قد توقع "ضحايا" إذا ما استهدفت أنظمة التحكم في الطائرات، أو إطلاق الصواريخ، أو المنشآت البيولوجية والنووية على سبيل المثال. 

ويضيف بدر: "أن عالم الهجمات الإلكترونية مجهول الإمكانيات، وهنا إشكالية مرعبة للاحتلال حول إمكانية أن تتعرض مؤسساته لهجوم كبير يؤدي للإضرار بمنشآت ضخمة أو إحداث أضرار مباشرة بالمستوطنين وشروط حياتهم، مثلا حاولت إحدى الهجمات الإيرانية الخطيرة التحكم في نسبة الكلور في المياه، وهو ما دفع الاحتلال حينها للرد بشنّ هجوم إلكتروني مباشر ضد أحد الموانئ الإيرانية". 

ويضيف:" من هذا المنطلق أصبح موضوع الحرب الإلكترونية أمرًا مزعجًا بالنسبة لدولة الاحتلال، لكنها حتى الآن لا تصنف بنفس خطورة الحرب العسكرية، وليست بديلا عنها، والتقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن المستقبل سيكون للحرب الإلكترونية جنبًا إلى جنب مع الفعل العسكري". 

بدورها، قد تُحدث الهجمات الإلكترونية إرباكًا في دولة الاحتلال، كما حدث في شهر يونيو/حزيران الماضي، حين انطلقت صافرات الإنذار في مدينتي القدس وإيلات المحتلتين، ما اضطر حينها المستوطنين إلى الهروب للملاجئ، وبحسب إذاعة جيش الاحتلال، فإن هذا الهجوم السيبراني نفذته مجموعاتٍ إيرانية استهدفَ نظام الإنذار لدى الاحتلال. 

وعن استهداف موقع الجبهة الداخلية في جولة التصعيد الأخيرة مع قطاع غزة، يقرأ بدر تخوفاتٍ إسرائيلية من هذا الهجوم، وتصنيفه لدرجة الخطورة، موضحًا: "المستوطن هنا إذا لم تصله المعلومات أو تم التلاعب نظام صفارات الإنذار يصبح عرضة للهجوم المباشر". 

ويشدد على أن الحرب الإلكترونية لا تعتمد على موازين القوى، وهنا تكمن القوة بالنسبة لحركات المقاومة كونها تعتمد على صراع العقول، وبالتالي يمكن أن تكون ساحة مهمة بالنسبة لحركات المقاومة الفلسطينية وغير الفلسطينية للتأثير على حياة المستوطنين.