تأتي زيارة بايدن في ذروة التطبيع العربي مع الاحتلال، في سياق مزاعم مواجهة "العدو" الإيراني المشترك، الذي تم تضخيم خطره منذ التسعينيات عبر وسائل الإعلام المختلفة، وحديث السياسيين وبعض الحزاب العربية حوله كخطر داهم يهدد خارطة الوطن العربي ليصبح العدو الأول والوحيد، لأنظمة الحكم العربية خاصة في الجزيرة العربية.
دخلت الإمارات والبحرين على خط التطبيع بقوة وتسارع كبير في المجالات المختلفة وأهمها الأمنية، بقيت السعودية وهذه الدولة لرمزيتها الإسلامية احتاجت أن تكون تاليا بعد الإمارات العربية المتحدة، لما في ذلك أثر على درجة تقبل دخولها هذا الفلك، فاحتاجت أن يكون عرّاب "علنية التطبيع" رئيس أكبر دولة في العالم، فزار المنطقة جو بايدن وطار من فلسطين، بعد أن زار الكيان، متجهاً نحو السعودية.
واكب رحلة بايدن مباشرة إدراج مطار اللد لمدينة جدة، كواحدة من الرحلات الجوية المباشرة من الكيان إلى أراضي المملكة، وتواجد علني لمراسل القناة 13 العبرية على جبل عرفة، وصور لحاخام يتلوا الصلوات بجانب قبور الصحابة في المدينة المنورة.
بعد كل هذا أصبح معالم التعاون الأمني الذي تحدث عنه العاهل الأردني عبد الله الثاني، خلال مقابلة مع قناة "سي إن بي سي" الأمريكية، أكثر وضوحاً، والذي قال فيه إنه يدعم قيام تحالف عسكري في الشرق الأوسط على غرار حلف شمال الأطلسي "الناتو" ولم يقل "حلفاً عربي"، فدخول "إسرائيل" الى عواصم بعض الدول العربية، وحفاوة الإستقبال يجعلها حليفاً مفترضاً في هذا التوجه، وكان ينقص إكتمال هذا المشهد دخول المملكة العربية السعودية على خط التطبيع وهذا ما تم فعلاً.
بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، أصبحت إيران الهدف الأكثر الحاحاً، وهنا تلاقت المصلحة الأمريكية مع الكيان في مواجهة هذا "العدو"، في ظل الصراع العالمي على مصادر الطاقة وضرب أحد اهم حلفاء روسيا في المنطقة، والعدو المشترك لبعض دول الخليج و"إسرائيل" وأمريكا، وهذا يحتاج أن تحقق "إسرائيل" أهدافها بمشاركة عربية واسعة تجنبها رداً مباشراً سيكون للأراضي العربية، نصيب الأسد منه في حال اندلعت المواجهة العسكرية مع إيران.
هكذا تدار الحروب حين يجد الاحتلال أشخاصا يتساوقون مع أهدافه، وتحت أيديهم مقدرات أمة يفترض أن تكون تهديداً له، وليس أداة لتحقيق أهدافه.