ترجمات عبرية - خاص قدس الإخبارية: لا زالت تداعيات العملية العسكرية في نابلس تلقي بظلالها على النقاش في الإعلام الإسرائيلي، الذي أظهرت مواده الإعلامية تباينا شديدا وارتباكا واضحين. فمن جهة، زعمت قناة "كان" ومعها وسائل إعلام أخرى أن الهدف من العملية كان الوصول للمطارد إبراهيم النابلسي، وهو ما لم يتحقق، بينما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر عسكرية إسرائيلية أن الهدف لم يكن النابلسي.
لكن اللافت كان اعتراف وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال، عومير بارليف، بأن العملية في نابلس لم تحقق كامل أهدافها. بينما لم يفصل أكثر ويوضح ما الذي تحقق وما الذي لم يتحقق. لكن فهم السياق العام للمعركة يمكن أن يمنح الجميع فرصة للحكم على فشل العملية العسكرية بكامل أهدافها.
"جدلية النابلسي" في الإعلام الإسرائيلي، إن صح تسميتها كذلك، تكشف عن عدم وضوح أهداف العملية العسكرية في نابلس، التي جاءت في ضوء تكرار الاشتباكات المسلحة حول قبر يوسف، والتي تركت نقطة فشل في السيرة الشخصية والعملياتية لقائد جيش الاحتلال في منطقة نابلس، روعي تسفايغ، الذي أصيب خلال قيادته لعملية تأمين اقتحام المستوطنين.
لكن الثابت والقاسم المشترك في الطرح الإعلامي الإسرائيلي، هو أن جغرافيا العملية كانت أبلغ رسائلها، يعني أن جيش الاحتلال أراد أن يقول للمقاومين والمطاردين إن البلدة القديمة ليست آمنة بعد اليوم، ويمكنه الدخول إليها إن أراد. وإذا كانت هذه الرسالة، فإن النتيجة أيضا تحدث عنها الإعلام الإسرائيلي، وكشفت شبكة قدس جانبا منها: حوصرت القوات الإسرائيلية الخاصة لأكثر من 40 دقيقة في أحد الأزقة، وشهدت البلدة القديمة اشتباكات هي الأعنف منذ سنوات طويلة.
وكان من اللافت أن الدعاية الإسرائيلية كانت ضحية نفسها. كانت تعليقات المستوطنين على الأخبار التي تقول إن النابلسي لم يكن الهدف: متى سيكون الهدف، وهل الأذرع الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية فشلت في تحديده كهدف أو الوصول لمعلومات حوله ثم الوصول إليه؟. أما الأخبار التي تحدث عن أن النابلسي هو الهدف، فكانت تعليقات المستوطنين عليها بأن عدوى الفشل بدأت تنتقل من جبهة غزة إلى مدن الضفة.
إذن، حتى الأهداف الإسرائيلية غير المباشرة، والتي تتمثل بالدعاية الموجهة، لم تحقق نتائجها، ويمكن الاستدلال أيضا على ذلك من خلال إدراك الفلسطينيين بأن ما جرى كان بمثابة معركة أعادت للذاكرة تاريخ البلدة القديمة عندما كانت تمثل منطقة عصية على الاقتحام، وأحد عناوين المقاومة في الضفة الغربية. وما كان لهذا الانطباع أن يتشكل لو لم يحاول جيش الاحتلال دخول البلدة القديمة.
العملية العسكرية كشفت عن بؤرة صلبة كما في حالة مخيم جنين، وقد تُغيّر المعركة التي وقعت بالبلدة القديمة تقديرات جيش الاحتلال الإسرائيلي بالنسبة لما يجري في نابلس. فالمقاومة المنظمة هناك ليست طور التشكل أو النضوج، بل حقيقة جدية، وأكثر ما يميزها الوحدة بين المقاتلين ككل على اختلاف انتماءاتهم. إذن، إذا كان الهدف أن يشعر المقاومون بعدم الأمان داخل البلدة القديمة، فلعل جيش الاحتلال بدأ يشعر بذلك أكثر خاصة في ظل اعتراف جيش الاحتلال بضراوة الاشتباكات التي وقعت ومدى خطورة ما جرى.
التساؤل الأخير الذي يحمل في طياته إجابة حول سؤال الفشل الإسرائيلي: هل تمنع عملية نابلس المقاومين من استهداف المستوطنين والجيش مرة أخرى عند اقتحامهم لمنطقة قبر يوسف؟!. سيكون الاقتحام القادم بمثابة اختبار للعملية العسكرية ونتائجها، ومع ارتفاع وتيرة التقديرات بأن المقاومين لن يفوتوا الاقتحام القادم بدون اشتباكات عنيفة، فإن الحديث عن الفشل سيعود مرة أخرى في الإعلام الإسرائيلي، وسيعود الحديث عن النابلسي أكثر.