رام الله - خاص قدس الإخبارية: ناقشت حلقة برنامج "المسار" الذي يبث عبر "شبكة قدس الإخبارية" والذي تقدمه الزميلة لينا أبو حلاوة؛ حراك نقابة المحامين في ظل تصعيد الاحتجاجات والخطوات والفعاليات النقابية مؤخراً والتلويح بإجراءات قد تصل إلى حالة العصيان المدني.
وشارك في الحلقة كل من داود درعاوي أمين سر نقابة المحامين، وعمار جاموس عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وعصام عابدين أستاذ القانون في الجامعة العربية الأمريكية، فيما امتنع مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة عن المشاركة دون إبداء أسباب.
الحراك يتسع.. والعصيان على الطاولة
وقال أمين سر نقابة المحامين داود درعاوي، إن حراك النقابة هو حراك شعبي، وبات الحراك أكثر توسعاً في ظل حالة التجاهل والمكابرة لمطالب نقابة المحامين والتي كانت مطالب متواضعة باتجاه عرض القرارات بقانون على النقاش المجتمعي لأنها تنظم الحياة العامة ولا يجوز أن ينفرد متنفذون أو أشخاص بإصدار قرارات.
وأضاف درعاوي لـ "برنامج المسار"، أن هذه الفترة تبدو أكثر حدة باتجاه تصعيد الفعاليات والتي سيكون سقفها المعلن اجتماع الهيئة العامة في 31 يوليو الجاري لنقابة المحامين، إضافة إلى الالتفاف النقابي والخاص والعام، مشيراً إلى أن نقابة المحامين تخوض هذه "المعركة" نيابة عن المجتمع.
وأتبع قائلاً: "ليست لدينا أي قضايا شخصية في هذه المعركة بقدر كوننا نرى في كرامة الناس أمرا يتطلب منا أن نكون رأس حرب لوقف التغول التشريعي على القوانين".
وبشأن المسائل الخلافية المتعلقة بالتعديلات القانونية، أشار درعاوي إلى أن النقاط الخلافية هي تداعيات لألم عميق مصدره غياب المجلس التشريعي صاحب الصلاحية الأصيلة في التشريع وغياب مبدأ تداول السلطة وانتهاك الحالة الدستورية.
وتابع: "لم تعد هناك مبادئ دستورية عندما سلبت إرادة الناس بالذهاب إلى اختيار ممثليهم عبر صناديق الاقتراع".
ويلفت إلى أن من قاموا بهذه التعديلات يتحدثون عن أسباب تتمثل في تسريع الفصل في القضايا ومواجهة الاختناق القضائي المزمن ومواكبة التطورات العملية والعلمية للنهوض بواقع القضاء، لكن ما يجري هو حالة هروب.
ويؤكد درعاوي أن الاختناق القضائي مزمن منذ تشكيل السلطة الفلسطينية وهو مرتبط بغياب الإدارة السياسية بشأن تشكيل جسم قضائي مستقل وقادر ولديه الكفاءة، وهذه السنوات خلفت نقصاً في أعداد القضاة والنيابة العامة والموظفين العاملين في المحاكم.
ويلفت أمين سر نقابة المحامين إلى أن إجمالي ما تمثله موازنة قطاع القضاة لا تتجاوز 0.0004% من الموازنة العامة، إلى جانب أن الحكومة أدارت ظهرها للمجلس الانتقالي بشأن إحداث الإصلاحات.
ويستدل درعاوي ببعض الإشكاليات التي وقع بها مجلس القضاء الأعلى الانتقالي عبر إلغاء مبدأ علانية المحاكمة رغم كونه مبدأ دستوريا لا غنى عنه، إلى جانب بعض التعديلات التي تكلف المتهم بإحضار الشهود في بعض الحالات والذي قد يكون منهم أفراد ضابطة قضائية، وفي حال عدم استطاعته يعتبر عاجزا.
وينوه أن تغريم القاضي للمحامي يحول الأول لخصم للثاني ويصبح مسؤولاً عن "الغش والتدليس" إذا ما اتخذ القرار، وفي السياق هذا سيشتكي المحامي القاضي أمام المحكمة التي يترافع بها وسيحضر المتهمون كشهود ضد القاضي.
ويعتبر درعاوي أن قرار تغريم المحامين يهدف إلى كبح جماح النقابة عندما تعلن تعليق العمل والدوام، فإن أفضل وسيلة بالنسبة للسلطة هي فرض غرامات لكسر الإضرابات أو التعليق من قبل مجلس نقابات المحامين.
وأكد على أن النقابة لها تجارب عديدة وعملية الالتفاف على الحراك تبدأ بالشيطنة غالباً إما بإضفاء طابع سياسي عليه أو اجتزاء بعض العبارات للتحريض على الحراك، منوهاً إلى أن طرح فكرة "العصيان المدني" جاء لمواجهة هذه القرارات.
قوانين تنتهك الحقوق
من جانبه، يؤكد عمار جاموس عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أن الهيئة لا زالت عند موقفها الذي أصدرته في فبراير/شباط حينما كانت القرارات بقانون عبارة عن تسريبات، والذي يتمثل في عدم إنفاذ هذه القوانين كونها تنتهك الحق في المحاكمة العادلة.
ويقول جاموس لـ "برنامج المسار"، إن هذه القرارات بعد نشرها في الجريدة الرسمية فإن الهيئة أرسلت رأيها في القانون بسلسلة من التعديلات لمجلس القضاء الأعلى، مردفاً: "موقف الهيئة المستقلة أنها تقف إلى جانب نقابة المحامين في مطالبتها بشأن وقف نفاذ القرارات بقانون المعدلة بشأن قانون الإجراءات الجزائية، والقرار بقانون المعدل لأصول المحاكمات المدنية والتجارية".
وعن الملاحظات التي تم رصدها من قبل الهيئة، يبين جاموس أن هذه الملاحظات كانت على قانون الإجراءات الجزائية وأصول المحاكمات المدنية والتجارية، وأهمها الحق في علنية المحاكمة حيث أصبحت درجة الاستئناف تنظر تدقيقاً في غرفة المداولة من قبل القاضي دون جمهور أو حضور أو حتى بحضور المحامين ثم يصدر قراره مكتوباً ويسلمه للمحامي.
ويستطرد: "من بين الملاحظات التوقيف أو الحبس الاحتياطي ووفقاً للتعديل الجديد فإن القاضي يبقي المتهم أو الموقف حتى انتهاء إجراءات المحاكمة في بعض القضايا التي لا تقبل خلالها إخلاء السبيل وهو ما يجعل التوقيف هو الأصل وهو ما يتعارض مع مبدأ أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته".
وبحسب جاموس فإن حق المثول الجسدي هو حق للمتهم عبر حضوره جسدياً أمام القاضي حتى يتم التأكد من سلامته الجسدية أو تعرضه للتعذيب، وبالتالي فإن تسريع هذه الإجراءات يمس بدرجة أساسية بسلامة المتهم وحقه في المحاكمة العادلة.
وفيما يتعلق بالتنفيذ، أوضحوا أنهم قاموا سابقاً بإصدار دراسة تتعلق بحبس المتعثرين مالياً عن السداد بما يراعي المعايير القانونية الدولية والتي لا تنص على حبس المعسر وإنما اتخاذ إجراءات من شأنها المساهمة في حل هذه القضايا، غير أن التعديلات الجديدة جاءت أيضاً بخلاف هذه التوصيات.
وعن خطوة العصيان المدني، يعلق جاموس قائلاً: "نأمل ألا تصل الأمور إلى هذه المرحلة بحيث يتم نقل المحامين من سجل المزاولين إلى سجل غير المزاولين ويفقد الأهالي حقهم في التمثيل القانوني أمام المحاكم وهو ما يحتم على صانع القرار حل الأزمة".
وشدد على ضرورة عدم الوصول إلى مرحلة تخلو فيها البلاد من محامين يمثلون الناس أمام المحاكم في قضاياهم، منوهاً إلى أن الناس ستذهب إلى أشكال أخرى بدلاً من القضاء كحل الإشكاليات بالسلاح.
نهج المقاطعة
من جانبه، يقول عصام عابدين أستاذ القانون في الجامعة العربية الأمريكية، إن مقاطعة مجلس القضاء الأعلى للحلقة وعدم المشاركة فيها يعكس النهج الذي تم تبنيه في الفترة الأخيرة "نهج الغرف المغلقة".
ويشدد عابدين في حديثه لـ "برنامج المسار"، عبر "شبكة قدس الإخبارية" على أن هناك حالة من عدم القبول بالحديث مع الناس والرغبة في البقاء داخل الغرف المغلقة وبالتالي هم غير مستعدين للمشاركة في أي لقاء أو توضيح.
وأوضح أن القرارات بقانون تصدر عن شخصين أو ثلاثة ويتم صياغتها ثم يتم نشرها في الجريدة الرسمية وبالتالي يتم لاحقاً اكتشاف حجم الخطايا التي تعتري هذه القرارات بقانون والتي تنتهك حقوق الإنسان والكرامة.
وبشأن تشكيل المجلس التنسيقي الأعلى لقطاع العدالة، ذكر عابدين قائلاً: "هذا الجسم الذي أنشئ بمرسوم رئاسي رقم 7 لسنة 2019 هو غير دستوري واعتداء على سيادة القانون واستقلال القضاء والفصل بين السلطات".
وأوضح أنه لا يمكن الوصول إلى مبدأ الحريات العامة وصون حقوق الإنسان والكرامة على أصل غير دستوري وعلى حساب القانون والمبادئ والقيم الدستورية، مشدداً على أن الفلسطينيين دفعوا ثمناً لذلك طويلاً خلال السنوات الماضية.
ويرى عابدين أن الحلم الذي يسعى رئيس مجلس القضاء الأعلى إلى تحقيقه بأن ينهي الاختناق القضائي لن يتحقق من الناحية العملية كونه يسير بإجراءات وقرارات خاطئة من شأنها المساس بإجراءات وضمانات المحاكمة العادلة.
أما فيما يتعلق بحراك نقابة المحامين، فيعتبر أستاذ القانون أن موقف وحراك النقابة متقدم في إطار حماية الحريات والحقوق حيث أن هناك إدراكا منها بأن المساس بالحريات والحقوق لا يتجزأ وهو أمر يجب حمايته والدفاع عنه.
ويشير إلى أن الانتهاكات لا تتجزأ ومن المهم أن تكون لنقابة المحامين رؤية واضحة في الدفاع عن استقلال القانون والقضاء.
ووفق عابدين فإن المشكلة لم تكن يوماً في القانون وإنما في عدم احترام القانون بالأساس إذ لم يتم تشكيل أي مجلس قضائي وفقاً للقانون بالرغم من أن عملية التشكيل جرت 5 مرات وكانت جميعها خارج إطار القانون الأساسي.