رام الله - خاص قدس الإخبارية: في تصعيد نقابي مستمر، أعلنت نقابة المحامين النظاميين الفلسطينيين، مساء الثلاثاء 12 يوليو 2022، عن سلسلة من القرارات الاحتجاجية، بدءًا من تعليق العمل الشامل أمام المحاكم كافة بمختلف أنواعها ودرجاتها النظامية والعسكرية والإدارية، ومحاكم التسوية والمحكمة العليا طيلة يومي الأربعاء والخميس، والاعتصام المركزي داخل محكمة الصلح بمدينة رام الله مع المبيت فيها.
هذه الخطوات التصعيدية، جاءت بعد أسبوعٍ من انطلاقِ مسيرة حاشدة للمحامين على دوار المنارة بمدينة رام الله، احتجاجًا على القرارات بقانون الصادرة من الرئيس محمود عباس، وبتنسيبٍ من مجلس القضاء الأعلى عيسى أبو شرار، مثل القرارات بقانون المعدلة لقانون الإجراءات الجزائية، والمعدلة لقانون أصول المحاكمات المدنية، وقانون التنفيذ، والتي ترى فيها النقابة "تعديًا على مبدأ سيادة القانون والدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم العامة."
وفي فهمٍ أكثر لأصول الأزمة، يوضح عضو ائتلاف النقابة للجميع المحامي أحمد شواهنة أن الأصل – في ظل غياب المجلس التشريعي – أن تمر أي تعديلات أو إضافات للتشريعات بمجلس تنسيقي تم إقراره وتشكيله بموجب مرسوم رئاسي يضم نقيب المحامين، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، والنائب العام، ومدير عام الشرطة، ومدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ووزير العدل، وتكون لهذا المجلس صلاحية إقرار التعديلات من عدمه، وفقًا لما تقتضيه المصلحة، وحفاظًا على حقوق المواطنين.
ويستدرك شواهنة في حديثه لـ "شبكة قدس": "نتفاجأ أن رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهو رئيس المجلس التنسيقي في الوقت ذاته، أجرى بعض التعديلات، وينسبها للرئيس للمصادقة عليها بالقرار بقانون دون التنسيق مع أحد، وتعدلت هذه القوانين جميعها خارج رغبة الأعضاء في المجلس الذي أقره الرئيس."
ويتابع:" هناك 84 مادة تم تعديلها من قوانين أقرها المجلس التشريعي سابقًا، وهي قانون الإجراءات الجزائية، وقانون أصول المحاكمات المدنية وقانون التنفيذ، وهي قوانين على احتكاك يومي مع المواطن في المحاكم، وقد عبرنا عن خطورة هذه القوانين بثلاث مذكرات أرسلناها لمجلس القضاء الأعلى وديوان الرئاسة، ولكن لم يستجب أحد لها."
ويشدد المحامي شواهنة على أن الهيئة الهامة للمحامين والنقابة منحت وقتًا لأصحاب القرار لمراجعة المذكرات الثلاثة، ولكن عدم الرد عليها لم يترك أمام المحامين والهيئة العامة إلا الانتصار للحقوق والحريات، دون التراجع الذي يعني، وفق شواهنة، بأن آخر حصون الشعب للحفاظ على الحقوق والحريات انهار، وسننقلب لدولة الشخص الواحد، والأقوى هو من يشرع ويحكم.
المحامون إلى سجلات غير المزاولين: "العصيان المدني"
إلى جانب الاعتصامات وتعليق العمل التي نصها بيان النقابة الأخير، أعلنت النقابة عن خطوة هي الأولى من نوعها تتمثل بعزمها إقرار الانتقال الجماعي والطوعي للمحامين لسجل المحامين غير المزاولين، وذلك بعد اجتماعٍ استثنائي غير عادي من المزمع عقده في 31 يوليو 2022، كـ "إجراء احتجاجي رافض لإنفاذ هذه القرارات بقانون، ومواجهة الإجراءات التعسفية الهادفة لإجهاض الفعاليات النقابية."
حول ذلك، يوضح شواهنة أن نظام نقابة المحامين يحتوي على ثلاث سجلات، سجل المحامي المزاول وهو الدافع للرسم ومستوفي جميع شروط العضوية، وسجل المحامي غير المزاول الذي يفقد شرط من شروط العضوية أو المتقاعد، وسجل المتدرب.
وبحسب شواهنة، فإن نقل المحامين إلى سجل غير المزاولين يعني من الناحية القانونية أن الساحة الفلسطينية لا تملك محاميًا واحدًا ابتداءً من الأول من أغسطس، وهذا يعني أنه لا يمكن الانعقاد لكل من محكمة الجنايات ومحكمة البدايات، ومحكمة العدل العليا، والمحكمة الدستورية، وستفوض الهيئة العامة في الاجتماع غير العادي المرتقب نهاية الشهر الحالي نقابة المحامين بما منحت من صلاحيات بموجب قانون مهنة المحاماة (3) لسنة 1999، ونظام نقابة المحامين واللوائح الملحقة، بعملية النقل "لاستحالة قيام المحامين برسالتهم"، وفق تعبيره.
بدوره، يقرأ المحامي والقاضي السابق أحمد الأشقر في خطوة عدم المزاولة بأنها أحد أشكال النضال المشروع، وهو العصيان المدني أمام المحاكم الفلسطينية، لأن اتجاه المحامين بشكل طوعي إلى تسجيل أنفسهم كمحامين غير مزاولين يعني انهيار كامل لمنظومة العدالة وعمليًا عدم التعاطي مع المحاكم الفلسطينية.
ويضيف الأشقر في حديثه لـ "شبكة قدس"، هذا يؤدي بالضرورة إلى إنهاء عمل المحاكم وقطاع القضاء الفلسطيني، وبالتالي انهيار جميع القيم والثوابت التي لها علاقة بسيادة القانون، وهذا إجراء صعب جدًا على المحامين، ولكنهم اضطروا إلى اتخاذ هذا القرار، لأن القرارات بقانون دمرت عمل المحاكم، ونفاذها سوف يؤدي إلى انهيار منظومة العدالة في فلسطين.
وحول إمكانية تدخل الحكومة أو السلطة التنفيذية في هذه الخطوة الاحتجاجية، يشدد الأشقر على أن هذه المسألة متعلقة فقط بنقابة المحامين، ولا سلطة لأحد على نقابة المحامين بهذا الخصوص، متأملًا، أن تصل الرسالة بما تحمل من مضامين، حتى يُصار إلى إلغاء القرارات بقانون والاستجابة لمطالب النقابة.