يعتبر جهاز حرس الحدود الصهيوني من أهم الأذرع الأمنية التنفيذية في الكيان الصهيوني بوحداته المتعددة المهام، وأبرزها وحدة المستعربين الخاصة التي تقوم بإحباط المجموعات المقاوِمة من خلال تنفيذ عمليات الاعتقال المركبة التي قد يتخللها استخدام العنف والاشتباك المسلح في كثير من الأحيان، كما الحاصل مؤخرًا في مخيم الجنين ومناطق أخرى.
ليأخذ الجهاز أيضًا نجوميته من مواجهته لانتفاضة السكاكين وفعاليات الاحتجاج الجماهيرية في الضفة الفلسطينية والداخل المحتل، حيث اعتبر الجهاز المصنف تحت قيادة وزارة الأمن الداخلي الصهيونية الذراع القوية التي تدعم فعاليات الشرطة في الداخل المحتل.
مؤخرًا وبعد طلب رئيسة لجنة الأمن الداخلي في الكنيست الصهيوني من مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست تقديم تقرير حول ارتفاع نسبة الاستقالات في جهاز حرس الحدود والشرطة بشكل عام، لتكون النتائج مقلقة وبشكل لافت.
يبين التقرير أن 117مجند في حرس الحدود استقالوا هذا العام، وحتى تاريخ التقرير يقدم أن 71 مجند استقالوا حتى منتصف هذا العام، سرعة هذه الاستقالات تأتي اعتراضًا على توسيع رقعة انتشار حرس الحدود، وتحديدًا داخل المدن المختلطة، مما يزيد الضغط على عناصر الجهاز، ويستنزف القدرات القتالية للتصدي لأعمال الشغب والمظاهرات التي تندلع داخل تلك المدن كما حصل في هبة آيار من العام الماضي.
هذا ويشكل نقص القوة البشرية الذي وصل إلى 551 عنصر نظامي دون أن يتم التعويض عن ذلك من العوامل المهمة في الضغط السلبي على عناصر الجهاز، مما يساهم في موجة الاستقالات المتصاعدة، كما ذكر التقرير تعليقًا لأحد الضباط الكبار في الشرطة قوله: "إذا كان العمل الصعب الذي يقوم به ضباط حرس الحدود من إحباط هجوم إرهابي أو السيطرة على مخرب -أي فدائي فلسطيني- يتم على إثر ذلك إرسال العناصر للتحقيق معهم على ما قاموا به، مما يقودهم إلى التساؤل حول صوابية ما قاموا به أصلًا إذا كانت النتيجة ستقودهم إلى التحقيق في النهاية".
إن معطيات الاستقالات المتزايدة منذ العام 2017م حتى الآن -وخصوصًا العام الماضي- تكمن في المهام الإضافية التي تقوم بها الشرطة بشكل عام وحرس الحدود بشكل خاص، كتنفيذ الأوامر المتعلقة بجائحة كورونا، والمشاركة في دعم الأمن الداخلي خلال عملية حارس الأسوار -سيف القدس-، ومواجهة حوادث الإخلال بالنظام، وليس آخرًا ارتفاع عمليات المنظمات الإجرامية في الداخل المحتل وخصوصًا في المجتمع الفلسطيني، هذا بالإضافة إلى تدني رواتب الخدمة التي تصل إلى 6700 شيكل "صافي الراتب.
من بين المعطيات التي قدمت في التقرير أن 1131 مجند منذ بداية العام حتى هذه الأيام تركوا العمل في الشرطة، ومنهم 628 اعتزلوا العمل، و456 استقالوا، و47 أُقيلوا، هذه الأرقام قدمت وما زال العام لم ينتهي، وعليه ستكون الأرقام مضاعفة وبشكل لافت حتى نهاية العام.
وبين التقرير أن عدد من ترك الخدمة عام 2021م أكثر من عدد المتجندين، حيث ترك أو استقال من الخدمة 1266 عام 2021م، منهم 88% من العناصر أمام 12% من الضباط، وإن 46% منهم في الخدمة حتى خمس سنوات، و39% منهم في الخدمة حتى عشر سنوات، وأيضًا العديد من المستقيلين بنسبة 55% من جيل العشرين حتى ثلاثين، و37% من جيل واحد وثلاثين وحتى أربعين، ليتبين من نتائج التقرير أن الكثير من المستقيلين في سنوات عملهم الأولى تحت جيل الأربعين وأغلبيتهم من عناصر المداومة الميدانية.
المهمات الصعبة التي تواجه الشرطة وتصاعد وتيرة العنف في ساحات البلاد، كما تنوع الفعاليات الأمنية بطابعها، إلى ارتفاع التحديات ومستويات الخطورة على الحياة، وفقدان الروح القتالية لأسباب عدة، وبالتزامن مع إشكاليات الكيان المركبة، بدءًا من تدني الرواتب في المؤسسة الشرطية ومنها حرس الحدود، وأيضًا المؤسسات المدنية وأهمها التعليم والصحة، وانعكاسه على ما سبق، ثم بالتالي الأزمات والمخاطر الخارجية كالتهديد الإيراني ومحورها في المنطقة، إلى تصاعد الجهوزية القتالية للفصائل الفلسطينية، فإن كل ذلك وغيره يقود إلى زعزعة البنية الأمنية بكافة مساراتها عند الكيان الصهيوني، مما يقوده إلى السقوط المرة بعد الأخرى وعدم القدرة على المواجهة.
المحصلة هنا ومن خلال النتائج السابقة في التقرير المذكور؛ كيف يمكن الاستفادة من هذه المعطيات المهمة والبناء عليها بما يخدم المشروع الفلسطيني؟ وأيضًا إلى أي مدى يمكن تشكيل استراتيجية فلسطينية تساهم في تقويض الكيان الصهيوني ومؤسساته من الداخل على اختلافها، فالقلعة دائمًا تسقط من الداخل، لكن نمن يبدأ ذلك؟
المعطيات الواردة من جريدة يديعوت أحرنوت.