قُدس الإخبارية: كشف برنامج "ما خفي أعظم"، عن تفاصيل جديدة حول جهود جهاز "الموساد" الإسرائيلي لتجنيد عملاء، على الأراضي التركية، ومتابعة نشطاء المقاومة الفلسطينية والجالية العربية والفلسطينية.
وأشار البرنامج الذي يقدمه الصحفي تامر المسحال عبر قناة "الجزيرة"، إلى إعلان السلطات التركية، قبل شهور، عن اعتقال خلية للموساد كانت تعمل في تركيا، وقال خبير تركي استضافه البرنامج إن العلاقات بين الاستخبارات التركية والإسرائيلية "توترت" بعد عام 2010، خاصة مع استلام هاكان فيدان مسؤولية الجهاز التركي.
البرنامج كشف عن تسجيلات مصورة رصدها الأمن التركي للحظة استلام شخصية تواصل معها ضباط "الموساد"، للعمل معهم، لدفعة من الأموال عن طريق سائق تكسي جرى تكليفه بالمهمة، واستضاف البرنامج الشخصية التي حاولت استخبارات الاحتلال تجنيدها وقد روى أنه أبلغ السلطات التركية من بداية الاتصالات من قبل ضباط "الموساد".
وأضاف أن الأشخاص الذين شاركوا في توصيل الأموال جرى تصويرهم واعتقالهم لاحقاً، وقد حصل على حوالي 15 ألف دولار على عدة دفعات، وذكر أن الوصول له من قبل "الموساد" كان عن طريق "الواتساب"، وقد حاول الضباط التضليل بأنهم من مركز أبحاث حول الشرق الأوسط ويريدون الحصول على "أبحاث" من تركيا.
من بين الشخصيات العربية في تركيا التي حاول "الموساد" تجنيدهم، شخص استضافه البرنامج باسم "أنس"، وهو ناشط يعمل في مجال تسجيل الطلاب في الجامعات التركية، ورى أن البداية كانت بعد أن تواصل معه شخص من حساب على "الفيسبوك" يحمل اسم "اسماعيل بدر" وطلب تسجيل ابن شقيقه في الجامعة، الذي زعم أنه يعيش في بلجيكا، وأضاف: بعد يومين تواصل معي شخص آخر يحمل اسم "سامي بدر" وطلب مني تزويده برقم هاتف وعنوان بريد إلكتروني.
وعن الفئات المستهدفة، يروي "أنس" أن "الموساد" يستهدف الطلاب في التخصصات العملية مثل الهندسة وغيرها.
وأكدت الوثائق التي يمتلكها الأمن التركي أن "الموساد" يعمل على استهداف الطلاب الفلسطينيين وباقي الفئات التي تعيش هناك، وأن وسيلة التواصل الأكثر استخداما هي مواقع التواصل الاجتماعي، وفي السياق استضاف البرنامج طالباً يحمل اسم "حسين" يعاني من مشكلة صحية مزمنة، وكشف أن "الموساد" تواصل معه تحت غطاء "توفير علاج له".
وكشف "حسين" أن الضابط الذي تواصل معه زعم أن اسمه "مرعي"، وادعى أنه رجل أعمال يعمل في شركة بالسعودية، وعرض عليه "تقديم مساعدة له وللطلاب"، وقال: طرحت عليه أسئلة كيف وصل لحسابي؟ فزعم أنه من خلال البحث في المنشورات بشكل عشوائي، وعرض عليَ إرسال مبالغ من أجل علاجي.
وشدد البرنامج على أن ضباط الاحتلال ارتكبوا "عدة أخطاء" سهلت كشف الشبكات، ومن بينها تغيير الجهات المتصلة لصفاتها التعريفية، ونشر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي من أماكن مثيرة للشك، وذكر أن الضابط الذي كان يحمل اسم "سامي" وتواصل مع عدنان، غير صفته لاحقاً، وزعم أنه ضابط في الناتو خلافاً لما قاله عن نفسه في المكالمة الأولى.
وفي تسجيل كشف عنه البرنامج، يقول الضابط المدعو "سامي" ل"عدنان" أنه ضابط من أمن الناتو، وحول كيف اكتشف أنهم من "الموساد": بعد شهور طلبوا مني معلومات عن قيادات في حركة حماس، وقالوا لي إنهم يعرفون أن لي علاقات شخصية معهم، وهنا استنتجت أنهم "موساد".
ويقول الضابط في أحد التسجيلات لعدنان: "معلوماتنا أنت مقرب لجماعة حركة حماس في تركيا، وهذا ممتاز، وعشان هيك توجهنا لك… اللي بدنا اياه منك ايش العلاقة بينك وبينهم؟ وايش الخدمات اللي طلبوا منك تقدمها".
ويروى "عدنان" أنه تواصل منذ البداية مع السلطات التركية وأطلعها على محاولات "الموساد" لتجنيده، وعن تجربته يقول "حسين": شاهدت منشورا للشخص الذي تواصل معي تحت اسم "مرعي" ويظهر فيه أن الموقع قرب "تل أبيب" رغم أنه كان يزعم أنه يعيش في السعودية، وهذا دفعني إلى الشك به وتواصلت مع السلطات وأخبرتهم عن ما جرى، وتلقيت منهم إرشادات حول طريقة التصرف.
وهو ما يتكرر في تجربة "أنس"، الذي بعد أيام قال له الضابط الذي تواصل معه إنه من مركز دراسات بعد أن زعم أنه يريد تسجيل ابن شقيقه، ويكشف: تواصلت مع الجهات المختصة ونسقت معهم لتزويد استخبارات الاحتلال بمعلومات مضللة، وجرى متابعة كل معلومة أرسلها عبر البريد الإلكتروني، حتى نواصل تضليل ضباط الاحتلال ولا نحدث ضرراً لأي جهة في تركيا.
وذكر البرنامج أن الاستخبارات التركية راقبت سلوك ضباط "الموساد"، بالتعاون مع الطلاب والشخصيات الفلسطينية التي أخبرت منذ البداية عن محاولات تجنيدها، وأكدت هذه الشخصيات أن ضباط الاحتلال لم يتبادر لهم الشك في حول عملية التضليل التي جرت، خلال شهور
وأظهرت الوثائق التي رصدتها الاستخبارات التركية أن عمليات تحويل الأموال، من قبل "الموساد"، جرى من دول أوروبية، وكشف البرنامج أن "المرحلة الأخطر" كانت عندما طلب ضباط الاحتلال من الشخصيات التي توهمت أنها مجندة معها وكانت تنسق مع المخابرات التركية تشكيل "خلايا هرمية" للتجسس، وتجنيد شخصيات أخرى للعمل لصالحها.
وفي سياق عملية "تضليل" مخابرات الاحتلال، يروي البرنامج أن الاستخبارات التركية تعاونت مع شخصيات فلسطينية لإقامة جمعية "وهمية" بهدف تضليل "الموساد"، يقودها شخص اسمه "أبو أحمد"، وفي لقاء مع البرنامج يقول: الجمعية وشخصيتي كانت وهمية، مخابرات الاحتلال حاولت التواصل مع أي شخص له علاقة بالعمل الطلابي، وجرى تمرير معلومة لهم أن "أبو أحمد" له علاقات مع الطلاب، واتفقنا مع الطلاب أن يبلغوا من يسألهم عن الجمعية باسم "أبو أحمد".
وذكر البرنامج أن مخابرات الاحتلال حاولت الحصول على معلومات عن "أبو أحمد"، وجرى تكليف شخص آخر للبحث عنه، ولكن تبين أنه كان أيضاً على تنسيق مع الجهات الأمنية التركية، وأكد أن مخابرات الاحتلال استخدمت أسماء جمعيات "غير موجودة" على أرض الواقع للإيقاع بالشخصيات التي تريد تجنيدها للعمل معها.
وعن تجربة تعزز هذا الرأي، نقل البرنامج عن شخصية كانت مستهدفة من قبل مخابرات الاحتلال ونسقت مع الاستخبارات التركية لاحقأً، أن ضباط "الموساد" نشطوا من خلال التستر باسم جمعية "سواك" الخيرية، التي لا وجود لها على أرض الواقع، ولا تمتلك سوى موقع إلكتروني، وذكر أن الموقع يحمل أخطاء لغوية واضحة.
وأضاف أن "الموساد" أزال الموقع بعد الكشف عن خلايا "الموساد"، لكن الجهات الأمنية اخترقته قبل ذلك، ووصلت لعدة ملفات، وكشفت أنه كان يدار من مواقع جغرافية مختلفة في فلسطين المحتلة.
من بين القضايا المشتركة بين المستهدفين من قبل "الموساد"، كان اختراق هواتفهم عن طريق إرسال رابط من قبل الضابط، وكشف البرنامج أن الجمعية الوهمية التي عمل خلالها ضباط الاحتلال "السواك" طلبوا من "أبو أحمد" الحصول على أسماء 5 طلاب والتواصل معهم مباشرة، وقال: ركزوا على طالبين بسبب قربهم من المقاومة الفلسطينية، وقد وضعنا هذه الأسماء عمداً حتى نتأكد من أهداف هذه الجهة.
وأشار المسحال إلى أن ضباط مخابرات الاحتلال حاولوا استغلال الحاجة للسفر إلى أوروبا، لدى فئات واسعة، وعرضوا على كل الشخصيات التي حاولوا تجنيدها تسهيل سفرهم إلى هناك، وفي تسجيل حصلت عليه المخابرات التركية يقول ضابط مخابرات الاحتلال لأحد الشخصيات: "أنت واحد من شبابنا في الشرق الأوسط، بتفوت على أوروبا بتلاقي وضعك كويس، لا مضطر تيجي عن بحور ولا نهور"، في إشارة إلى محاولات المئات اللجوء إلى أوروبا من خلال "طرق غير شرعية".
يروي أحد الشخصيات "عدنان" التي حاول "الموساد" تجنيدها، أن ضباط الاحتلال تواصلوا معه وأخبروه أن يتوجه إلى القنصلية السويسرية في إسطنبول، للحصول على فيزا للدخول إلى أوروبا، ثم رصدت الاستخبارات التركية رسالة من ضابط في "الموساد" يخبر الجهات المسؤولة عنه يخبره فيه باللغة العربية ب"نجاحه" في تجنيد "عدنان"، وهو ما يثير أسئلة حول هل اخترق "الموساد" السفارة؟ أم أن له تعاوناً مع الجهات الأمنية السويسرية؟
ورداً على رسالة من البرنامج للاستفسار حول هذه المعلومات، ردت القنصلية: نحن لا نعلق على إصدار التأشيرات.
وعن نجاح عملية "التضليل" التي نفذتها المخابرات التركية بالتعاون مع طلاب وشخصيات فلسطينية، يقول "عدنان" إن ضباط "الموساد" يعتقدون حتى اليوم أنه مجند معهم.