غزة - خاص قدس الإخبارية: شهد المؤتمر الثامن للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي أعلنت نتائجه مؤخراً سلسلة من التغيرات طالت أعضاء المكتب السياسي لأحد أكبر تنظيمات اليسار الفلسطيني إلى جانب اللجنة المركزية العامة.
ومن أهم المتغيرات التي شهدها المؤتمر هو اختيار جميل مزهر لشغل منصب نائب الأمين العام للجبهة الشعبية في خطوة فسرها البعض على أنها امتداد لنقل التنظيم إلى الداخل على غرار اختيار أبو علي مصطفى لشغل منصب الأمين العام عام 2000.
ولم يقتصر الأمر على اختيار مزهر لمنصب نائب الأمين العام أو حجم التغيير الكبير في واقع التنظيم، بل بدا لافتاً الحضور الكبير لقطاع غزة على صعيد ثقل القيادات في إشارة لانتقال ثقل التنظيم بصورةٍ أكبر إلى الداخل الفلسطيني على حساب الخارج.
في السياق، يقول عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر مزهر إن المتغيرات التي حصلت في المؤتمر الثامن للتنظيم كانت طبيعية وجاءت كمخرجات للمؤتمر الذي انعقد على مدار عام ونصف تقريبا لاختيار الهيئات القيادية.
ويضيف مزهر لـ "شبكة قدس" أن تهميش "الحل المرحلي" جاء نتيجة للسلوك الإسرائيلي الذي داس كل الاتفاقيات والمعاهدات بما في ذلك اتفاقية أوسلو إلى جانب التغيير المنطقي على أرض الواقع بما فيه الاستيطان وتدنيس المقدسات وسلب الحقوق الفلسطينية.
ويؤكد القيادي في الجبهة الشعبية أن القرار اتخذ بتهميش الحل المرحلي لحساب الحل الجوهري المتمثل في تحرير فلسطين بشكل كامل من بحرها إلى نهرها، كون الاحتلال استخدم "الحلول المرحلية" لفرض وقائع جديدة على أرض الواقع.
ويشير مزهر إلى أن القرارات الصادرة عن المؤتمر الثامن ناقشت ملف الحل المرحلي بشكل مستفيض وخلص في النهاية إلى تهميشه كلياً في ضوء السلوك الإسرائيلي وما جرى منذ عام 1994 إلى الآن قياساً على الوقائع على الميدان.
وبشأن حضور غزة بشكل أكبر، يلفت إلى أن اختيار نائب الأمين العام جاء امتداداً للقرار السابق بنقل مركز ثقل التنظيم إلى داخل فلسطين، وما جرى هو بمثابة إعادة للاعتبار للقرار السابق عبر اختيار مزهر نائباً لأحمد سعدات الذي يشغل منصب الأمين العام.
ويستكمل قائلاً: "في الجبهة الشعبية نعمل بوضوح وفقاً للوائح والقوانين الداخلية وجاء القرار منسجماً مع وصول أبو علي مصطفى أميناً عاماً للتنظيم في المؤتمر الذي تم اختياره فيه، وبالتالي ما يجري هو تعزيز لحضور التنظيم داخل فلسطين".
في السياق، يلفت الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات إلى مسألة تنحي عدد من قيادات الجبهة الشعبية بشكل طوعي خلال المؤتمر الثامن من بينهم نائب الأمين العام السابق أبو أحمد فؤاد طوعي إلى جانب عدد كبير من بقية قيادات التنظيم.
ويضيف عبيدات لـ "شبكة قدس" أن التغييرات كانت كبيرة فعلى صعيد المكتب السياسي بلغت التغييرات 75% أما على صعيد اللجنة المركزية فكانت التغييرات 53% ووصلت إلى 100% فيما يتعلق بأمانة سر اللجنة المركزية.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أن انتقال ثقل المواجهة مع الاحتلال إلى الداخل الفلسطيني وخاصة إلى قطاع غزة والضفة والقدس المحتلتين يفرض متغيرات تتعلق بكيفية إيجاد آليات للربط بين الساحات على صعيد الجبهة الشعبية.
ووفق عبيدات فإن هناك صعوبة في الربط عندما تتوزع الساحات بشكل بعيد عن مسار الأحداث، وهو ما دفع باتجاه اختيار جميل مزهر نائباً للأمين العام لتسهيل عملية الربط والاتصالات بين الساحات، في ظل أن الأمين العام معتقل منذ عام 2006.
ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي أن هذا المتغير الحاصل على صعيد الجبهة الشعبية مهم في المرحلة الحالية في ضوء ما تشهده الساحة الفلسطينية من ضرورة سرعة التواصل والتنسيق بين الجبهات والساحات ولسرعة اتخاذ الموقف.
في سياق متصل، يرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن ما جرى على صعيد الجبهة الشعبية فيما يخص تهميش الحل المرحلي والإصرار على الحل الاستراتيجي يعبر عن موقف التنظيم التاريخي على مدار عقود.
ويقول عوكل لـ "شبكة قدس" إن الجبهة الشعبية لم تهمش مطلقاً الحل الاستراتيجي المتمثل في التحرير الكامل وإن تبنت لفترة طويلة فكرة الحل المرحلي من أجل الإبقاء على سقف من التفاهم مع فصائل منظمة التحرير وحركة فتح.
ويعتبر أن ما يجري من تقارب بين التيار اليساري متمثلاً بالجبهة الشعبية وما يعرف بالتيار الإسلامي "حماس والجهاد الإسلامي" هو أمر طبيعي في ظل تبني الخيار الاستراتيجي كهدف للتحرير، إذ بات من المتوقع لحاق تنظيمات أخرى بهم.