الغريب أنه عندما تذهب لتعلم القيادة، يؤدبُك المدرب التأديب الصحيح، ويعملك الإشارات المرورية، وكل ما يتعلق بالقيادة. ولكن تبقى هناك عبارة غريبة الاطوار يكررها: "أنت وحدك العاقل وهم المجانين"، المصيبة الأكبر، أن هذه الجنون يتضاعف عندما يكتشف أن السائق.. بنت!
واللهِ أنا لا أمزح؛ ذات مرة كنت أسير في مسلكي، فجأة سيارة من اليمين قررت أن تضايقني وتدخل أمامي،"معملتش اشي! لا طبعاً رزعته زامور"، مع أن استخدامي لهذه الخاصية يزعجني مرات! لكنها الوسيلة الوحيدة التي يمكن فيها التعبير عن امتعاضي. "الخطوة التانية بعد الزامور كانت اني مديت مقدمة سيارتي للأمام، وبقيت في مكاني، تعابير الشوفير كانت امتعاض ومن ثمة "محاولة تلبيس"، قال: تفضلي مين مضايقك؟! "لا ولا شي بس سيارتك قررت تزاحمني شوي! من حالها لحالها".
طفل صغير على جانب الطريق قال:"أصلاً الحق عليك هذه الي بتسوق بنت!". عزيزي الطفل، المشكلة ليست في أنني بنت، المشكلة أن الرجال يعتقدون ضمنياً أن الفتيات لا يستطعن القيادة، وأن الجور عليهم بالسياقة سيعود بالفائدة المباشرة ويجعلهم يمرون أمامنا بكل بساطة لأنها "بتخاف"، لا يا عزيزي لسنا كلنا كذلك.
عموماً هذا ليس النقد الوحيد بالنسبة للمجانين. والدتي رحمها الله كانت ذات مرة تقود سيارتها في منطقة بعيدة، وكانت مجموعة من الأطفال يلعبون في وسط الشارع، وبعضهم متمدد عليه، فقاموا عندما اقتربت السيارة، وبعد أن اكتشف أحدهم أن السائق سيدة قال لصاحبه: "ولك خليك هاي "مرة"، ويقصد امرأة.
هذا كلّه "عادي" ويُعدي". والعادي أيضاً أن تكون واقفاً على إشارة مرورية، ومن ثم تنطلق بعد تحولها إلى اللون الأخضر، لتُفاجىء أن السيارات الواقفة على الخط المقابل التي أضاءت لها الإشارة حمراء، ما زالت تمر من أمامك! هذا "العادي" والعادي أيضاً أن تأتِ سيارة من حيث لا تحتسب يمين يسار من الهواء، وتزاحمك بالمرور مع أنها كانت في نهاية الصف، أو حتى لمح سائقها أن الاشارة خضراء من بعد 100 متر فجاء بسرعة 200كم ليعبر قبلك!
هذه الأمور وغيرها تدفعك لأن تقود كالمجانين، ساعة شمال وساعة يمين، "منتا مش عارف من وين تهرب مشان توصل سليم" بالنهاية "انت العاقل وهم المجانين. أفكر: إذن لماذا نخضع لفحص القيادة، ولماذا ندفع المبلغ المحترم إياه حينها، ما الفائدة؟! طالما أنك بالنهاية لن تستخدم أياً من الإرشادات التي تتعلمها في القيادة، ليس لأنك لست بحاجتها بس لأنو لو جن غيرك فعقلك لن بينفع.