ما أعلنه الإعلام العبري عن "الموافقة" على زيادة عدد الحراس من جديد يكرس أكثر فأكثر أن الاحتلال هو المتحكم الذي يضع نفسه في موقع الأصيل، فهو من يمنح وهو من يوافق، في حين أن تعيين حراس المسجد الأقصى منذ عام 1950 وحتى 2017 كان شأناً يخص الأوقاف الأردنية وحدها بصفتها الجهة الإسلامية التي تدير الأقصى كمقدس إسلامي، وهذا بحد ذاته يوضح أين وصل دور الأوقاف الأردنية في #الأقصى.
الاتفاق جاء عقب تصريحات بينيت التي قصدت أن تضع ما سيعلن بعدها تحت مظلة "السيادة الصهيونية"، وإعلان اتفاقات بعد ذلك هو إقرار ضمني من #الأردن الرسمي بالطبيعة الوظيفية للأوقاف تحت هذه "السيادة الصهيونية"، بخلاف الموقف السابق الذي كان حتى 2007 يتبنى موقف القانون الدولي من الاحتلال كسلطة أمر واقع تملك القوة ولا تملك المشروعية.
الاتفاق جاء أيضاَ بوساطة أمريكية، وضعت الولايات المتحدة في موقع من يقرر مصير المقدس الإسلامي؛ وآخر وساطة أمريكية في الأقصى على يد جون كيري في 24-10-2015 منحت الصهاينة مكتسبين كبيرين: أعطتهم "حق الزيارة" أي بات الاقتحام حقاً مكتسباً، وألزمت الأردن بتركيب الكاميرات لنقل المسؤولية الأمنية عن داخل الأقصى لشرطة الاحتلال بشكل ناعم، وهو الاقتراح الذي اضطر الأردن للتراجع عنه في 18-4-2016 تحت الضغط الشعبي.
في المحصلة، كل المؤشرات تقول إن هذا اتفاق يفرض على الأردن التزامات مقابل توظيف الحراس، وهي غالباً التعهد بـ"ضبط الأمن" في الأقصى، وقد سبق لمسؤولين أمنيين صهاينة أن أفصحوا عن ذلك؛ وهذا إن حصل سينعكس مزيداً من التنسيق والتعاون ضد حالة الرباط والاشتباك في الأقصى، وعلينا أن نستعد في الأيام المقبلة لمقترحات وممارسات تحت هذا السقف مع محاولة مستميتة لتسويقها كـ"إنجازات". هذه المحاولات إن حصلت ستفقد الدور الأردني في الأقصى ما تبقى له من مشروعية شعبية، وهذه بحد ذاتها مصلحة صهيونية خالصة لأنها ستجعل الإدارة الإسلامية الحالية للأقصى تنهي نفسها بيدها.
أمام هذا الوضع المتدهور، تتحمل القوى الشعبية الفلسطينية والأردنية مسؤولية تاريخية اليوم بأن لا تترك المرابطين وحدهم في الميدان في مواجهة كل هذه الأخطار، وأن تمارس ضغوطاً حقيقية على الأردن الرسمي لثنيه عن هذا التوجه الخطير، وأن تتوقف عن ممارسة دبلوماسية المجاملات على حساب الأقصى.