شبكة قدس الإخبارية

"تل أبيب" في مرمى الاستهداف.. الدلالات السياسية والأمنية لموجة العمليات الأخيرة

164942691411791
يوسف أبو وطفة

رام الله - خاص قدس الإخبارية: لم تكن منظومة الاحتلال الأمنية تتوقع أن تحمل ليلة الخميس/ الجمعة هذا الكم من المشاهد غير المألوفة على تل أبيب، وفي المحصلة النهائية كان شاب فلسطيني بحوزته مسدس هو من قلب الطاولة في تل أبيب ومنع التجول فيها.

ورغم استنفار الاحتلال ونشره لقرابة 15 كتيبة من الجيش وحرس الحدود ومختلف الأذرع الأمنية لمواجهة العمليات الفدائية الفلسطينية في ظل وجود "إنذارات" ساخنة كما تزعم أجهزته، إلا أن حازم تمكن من تنفيذ عمليته في أحد أهم شوارع "تل أبيب".

وعكست الصور والمشاهد التي رصدتها وسائل الإعلام حجم الصدمة الإسرائيلية، ما يوحي بأن الاحتلال وأجهزته لم يتوقعوا أن تأتي العملية الرابعة بهذه السرعة بعد أيام قليلة من العملية التي نفذها الشهيد ضياء حمارشة في بني براك بـ "تل أبيب".

ويعتبر التحدي الأبرز بالنسبة للمنظومة الأمنية لدى الاحتلال هو استمرار هذه العمليات بطابعها الفردي دون إشارات ملموسة واضحة بشأن وقوف أي من الفصائل الفلسطينية عنها، بالرغم من الانتماءات التي ينسب لها المنفذون خلال الفترة الأخيرة.

ويشكل استمرار هذا النوع من العمليات ارباكاً كبيراً للعملية الأمنية "كاسر الأمواج" التي أطلقها الاحتلال لوقف العمليات في الأراضي المحتلة عام 1948، ما يعني تعزيز القلق في صفوف المستوطنين والتأثير السياسي ضد الحكومة الحالية التي تواجه خطر الانهيار في أي لحظة.

نسف الادعاءات

في السياق، يقول اللواء المتقاعد واصف عريقات إن الدلالة الأبرز للعملية الأخيرة أنها تنسف الإدعاء الأمني الإسرائيلي بالقدرة الأمنية على التنبؤ واكتشاف العمليات قبل حدثوها وهو الأمر الذي لم يحدث في الشهر الأخير.

ويضيف عريقات لـ "شبكة قدس": "بالرغم من الإجراءات المشددة والتعقيدات ونشر أكثر من 15 كتيبة من الجيش وحرس الحدود والأجهزة الأمنية المختلفة في الداخل المحتل فإن جميع الإجراءات الأمنية والعسكرية فشلت في معالجة العملية فوراً حيث تمكن المقاوم من استنفار جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية وضرب عمق تل أبيب الذي يشكل المربع الأمني الأكثر تطوراً في الاحتلال".

وبحسب اللواء المتقاعد فإن هناك تطورًا ملحوظاً في عمل المقاومين الفلسطينيين وتراجع في أداء المنظومة الأمنية الإسرائيلية، في الوقت الذي ستسهم هذه العمليات في تراكم الإنجازات للفلسطينيين وتراكم فشل لدى الإسرائيليين.

ويردف: "هذه العمليات تفرض على الجنود الإسرائيليين المواجهة الميدانية أمام الجماهير وبالأمس المشاهد التي بثت على الفضائيات بحد ذاتها تشكل حربًا نفسية ودعائية لأنها أدخلت الرعب في صفوف الإسرائيليين، في الوقت الذي يجبر الجندي الإسرائيلي على المواجهة الميدانية التي اتضح أن الغلبة فيها للجندي والمقاوم الفلسطيني".

وعن إمكانية أن تكون العمليات ذات طابع منظم، يلعق بالقول: "هذه العمليات حتى وإن لم تكن منظمة فإنه سيأتي اليوم الذي ستكون جزء من منظومة وبرنامج وطني متبنى من الفصائل الفلسطينية، وحتى الآن لا يوجد إعلان رسمي مع وجود إشارات إلى أنها قد تكون تابعة لمجموعات وفصائل محددة".

وتوقع اللواء المتقاعد والمختص في الشأن العسكري استمرار العمليات خلال الفترة المقبلة في ضوء استمرار الانتهاكات الإسرائيلية وتصاعد الاعتداءات الاستيطانية إلى جانب ما تشهده مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى.

مرحلة تصعيد..

في سياق متصل، يقول الباحث والكاتب في الشأن السياسي ساري عرابي إن أهم الدلالات المتعلقة بعملية ديزنغوف هو استمرار التصعيد في الساحة الفلسطينية خلال المرحلة الحالية وابتعاد مؤشر التراجع بالرغم من كل الإجراءات الإسرائيلية.

ويؤكد عرابي في حديثه لـ "شبكة قدس" على أن كل الإجراءات الإسرائيلية لتجنب هذه العمليات فشلت سواء دبلوماسية أو أمنية لا سيما الحملة الأمنية المركزة ضد جنين ومخيمها، وبات هناك عملية تأثير واضحة مع نجاح كل عملية.

ويستبعد الباحث والكاتب في الشأن السياسي وجود بنية تنظيمية صلبة تدفع نحو مثل هذه العمليات بما في ذلك التشكيلات التي تنتمي لسرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى مع الإشارة لوجود انتماءات رخوة بالنسبة للمقاومين ومنفذي مثل هذه العمليات.

ويتابع: "نحن حالياً لا نتحدث عن بنية تنظيمات صلبة بل التنظيمات الرخوة وهذا واضح أنه موجود في جنين، وبالتأكيد هذا النوع يفتح المجال لأشكال خارجية من الدعم مثل التمويل أو الدفع المعنوي أو توفير السلاح ولكن لا يبدو أن هناك بنية تنظيمية صلبة بالشكل المعهود".

وينوه إلى أن الاحتلال ومع مرور الزمن امتلك الخبرة في التعامل مع التنظيمات الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة فيما يخص اكتشاف العمليات حيث بات هناك المئات من المعتقلين على خلفية محاولة تنفيذ عمليات أو تشكيل خلايا، بعكس الطابع الفردي الذي يشكل ارباكاً كبيرًا للمنظومة الأمنية.

وبحسب عرابي فإن هناك دلالة سياسية واجتماعية من وراء هذه العمليات تتمثل في كون المنفذين لا يتبعون لتنظيمات بشكل صلب، وهو ما يعني أن محاولة الاحتلال تفكيك التنظيمات لم تؤثر على الوعي الفلسطيني المتعلق بالمواجهة.

ويضيف الكاتب والباحث أن كل الإجراءات التي قام بها الاحتلال منذ انتهاء انتفاضة الأقصى مروراً بإثقال الفلسطينيين بسياسات اقتصادية ومجتمعية وعمليات السلام الاقتصادي والهندسة الاجتماعية أصبح من الواضح أنها تتآكل.

#المقاومة #عملية_تل_أبيب #عملية_ديزنكوف