غزة - خاص قدس الإخبارية: يستبق الاحتلال الإسرائيلي حلول شهر رمضان المبارك بسلسلة من القرارات والتسهيلات التي يحاول من خلالها نزع فتيل أي هبة فلسطينية محتملة في ضوء الممارسات الإسرائيلية التصعيدية في القدس والضفة المحتلتين.
وبادر الاحتلال، الخميس 24 مارس 2022، بالاستجابة لمطالب الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية بعد أسابيع من الخطوات التصعيدية التي قام بها الأسرى ومستبقاً خطوة الإضراب التي كانت مقررة الجمعة 25 مارس 2022 في إضراب هو الأوسع منذ 2004.
وشهدت الساعات الأخيرة من المفاوضات بين مصلحة السجون الإسرائيلية وقيادة الحركة الأسيرة حضوراً لوسطاء إقليميين كمصر والأردن بالإضافة لفصائل المقاومة والسلطة التي كانت على اطلاع بتفاصيل المفاوضات لحظةٍ بلحظة.
وتبع ملف الأسرى التسريبات شبه الرسمية عن رفع معدل العاملين من قطاع غزة داخل الأراضي المحتلة عام 1948 إلى 20 ألف بزيادة 8 آلاف مع تسهيلات أخرى سيعلن عنها مطلع الأسبوع المقبل، إلى جانب الإعلان عن تجديد المنحة القطرية بمبلغ 360 مليون دولار أمريكي.
وبادر الوسيط المصري بالاتصال بكل من حركة حماس والجهاد الإسلامي لطلب الحفاظ على الهدوء من أجل استمرار التسهيلات، وعدم الدخول في موجة تصعيد جديدة خلال شهر رمضان المبارك ضمن محاولة فصل الجبهات الفلسطينية عن بعضها البعض.
وبحسب معلومات "قدس" فإن الفصائل الفلسطينية ترفض فصل الجبهات عن بعضها البعض ونقلت في أكثر من مناسبة منذ انتهاء معركة سيف القدس للوسطاء تأكيدها الدائم على أنها تراقب بشكلٍ مكثف سلوك الاحتلال وانتهاكات.
وتكرر الأمر في سياقات التهديدات التي نقلتها فصائل المقاومة حين هدد الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة بالوقوف إلى جانب المقاومين في جنين وعدم تركهم لوحدهم حال أقدم الاحتلال على تنفيذ عملية واسعة، في خطابه الذي أعقب عملية "نفق الحرية".
الجديد في جبهة غزة هو ما تم تسريبه عن رسالة إسرائيلية وجهت عبر الوسطاء بشأن عدم استثناء غزة من أي عملية رد على عمليات قد تنفذ في الضفة والقدس المحتلتين أو حتى الداخل خلال شهر رمضان المبارك الذي يتضح من السلوك الإسرائيلي حجم التخوف الكبير.
ورغم أن الفصائل لم تلوح أو تفصح عن نواياها بشأن شهر الصيام إلا أن غالبية التقديرات الأمنية الإسرائيلية ترجح انفجاراً على جبهة الضفة والقدس كرد فعل على اقتحامات المستوطنين ضمن الاحتفالات المزعومة بالأعياد اليهودية التي تتقاطع مع شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى.
وبالتوازي مع ذلك، فقد أزاحت الفصائل الستار مؤخراً عن الهيئة العليا لإسناد الداخل المحتل وهو ما اعتبر خطوة جديدة متقدمة على صعيد العمل الوطني تعكس الرغبة الواضحة من فصائل غزة في التواصل مع كل الجبهات بالرغم من محاولات التسكين القائمة عبر حلول وتسهيلات تقدم.
وستعمل هذه الهيئة خلال الفترة المقبلة على تنظيم سلسلة من الفعاليات الإسنادية للداخل المحتل بالتوازي مع فعاليات شعبية وجماهيرية ستنظم في الداخل المحتل، وهي خطوة يقرأ الاحتلال خطورتها سياسياً وأمنياً في المستقبل لا سيما بعدما شهدته معركة سيف القدس من انتفاضة على مستوى الداخل أربكت حساباته وتقديراته الأمنية.
أما ساحة الضفة والقدس المحتلتين، فتنتظر هي الأخرى تسهيلات إسرائيلية ستعقب لقاء محتمل سيجمع الرئيس محمود عباس بملك الأردن عبد الله الثاني بعد لقاءات تمت بين الملك الأردني ووزير خارجية الاحتلال يائير لابيد، ضمن محاولات تسكين الجبهات.
أما ميدانياً فلا يمكن التنبؤ بطبيعة المشهد، خصوصاً أن الضفة المحتلة سجلت 20 شهيداً منذ بداية 2022 فيما سجل شهيدين من الداخل المحتل، وهو ما يجعل الاحتلال قلق بشكل واضح مما ينتظره خلال الأسابيع الأربعة المقبلة.
وإلى جانب ردة الفعل الفلسطينية، فإن الإعلان عن الموافقة للمستوطنين بتنفيذ اقتحامات للمسجد الأقصى في فترة شهر رمضان من شأنه أن يعزز حالة التوتر ويجعل كل محاولات الاحتلال المتعلقة بتسكين الجبهات يكون مصيرها الفشل، على غرار ما جرى في سيف القدس.
وكان التقدير الأمني الإسرائيلي الذي سبق سيف القدس يشير إلى أن حركة حماس لن تتنازل عن التفاهمات والتسهيلات الإنسانية التي حصلت عليها من أجل الدخول في مواجهة جديدة، وهو ما جعلها تستبعد قصف الحركة للقدس وهو ما شكل صدمة للمنظومة الأمنية والسياسية.
وهذه المرة تبدو المنظومة الأمنية الإسرائيلية متشائمة في طرحها وتوقعاتها بشأن السلوك الفلسطيني سواء لفصائل المقاومة أو الجماهير ميدانياً، من أجل عدم تكرار ما جرى العام السابق، إلى جانب تقديم مبررات أمام المستوى السياسي في تسهيلاته المزعومة للفلسطينيين.