رام الله - خاص قدس الإخبارية: يعتبر الملف الدبلوماسي وتعيين السفراء من الملفات المثيرة للاستغراب على صعيد السلطة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة في ظل تكرار تعيين شخصيات حملت مناصب حكومية سابقة أو أبناء قيادات مقربين من الرئيس محمود عباس.
وفتح أداء كل من وزير الصحة الأسبق جواد عواد ورولا جمال محيسن ابنة القيادي الراحل في حركة فتح، لليمين الدستوري كسفراء للسلطة في الخارج، الباب عن المعايير التي توضع من قبل الخارجية الفلسطينية في اختيار السفراء والعاملين في السلك الدبلوماسي.
ويبلغ عدد السفارات والبعثات الدبلوماسية الفلسطينية المنتشرة في العالم حتى الآن أكثر من 94 بعثة، وفق الإحصاءات المتوفرة، وهي موزعة كالآتي: 25 بعثة في أفريقيا، و25 في آسيا، و32 في أوروبا، و5 في أمريكا الشمالية، و6 في أمريكا الجنوبية، وواحدة في أوقيانوسيا.
وبحسب قانون السلك الدبلوماسي رقم (13) لسنة 2005 فيشترط وفقاً لأحكام المادة الـ (11) بأن التعيين يجب أن يكون وفقاً "لمسابقة عامة تجريها وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية لاختيار موظفي السلك ويتم الاختيار من قبل لجنة متخصصة يتم تشكيلها لهذا الغرض"، إلا أن عدداً كبيراً من المعينين لم يخضعوا لهذه المسابقة، ولا يوجد التزام بنشر وجود شاغر حتى يتقدم له من يريد حسب الأصول.
ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي يتم تعيين سفراء شغلوا مناصب سابقة في السلطة أو مرتبطين بشخصيات قيادية حيث عين الرئيس عباس، اللواء حازم عطا الله سفيراً لفلسطين في بلغاريا إضافة إلى عمل أحد أبناء رئيس المجلس الوطني روحي فتوح في القنصلية الفلسطينية في تركيا.
وتكرر الأمر ذاته مع سلام الزواوي ابنة السفير الفلسطيني صلاح الزواوي الذي شغل منصب سفير فلسطين في إيران منذ 1981 حتى تعيين ابنته مطلع العام الجاري، عدا عن السفيرة الفلسطينية منى أبو عمارة نجلة رئيس ديوان الرئاسة انتصار أبو عمارة.
وليس ببعيد فقد سبق وأن تم تعيين رؤوف المالكي شقيق وزير الخارجية رياض المالكي عام 2014 وتم ترقيته في أكثر من مناسبة، وهو ما اعتبر في حينه تضارب مصالح ودلالة على استغلال المنصب من قبل الوزير في تعيين شقيقه.
ووفقاً للائتلاف من أجل النزاهة والمسؤولية أمان فإن 40% من قرارات تعيين السفراء نُشرَت في صحيفة "الوقائع" بينما لم يُنشَر 60% من القرارات، عدا عن أن هناك 111 سفيراً فلسطينياً يمثلون السلطة الفلسطينية في العالم، كان بينهم 41% التزموا المدة القانونية، وأن 59% تجاوزوا المدة القانونية المسموح بها للبقاء في مناصبهم.
ووفقا لهذه المعطيات فإن 42 سفيراً فلسطينياً بقوا في مناصبهم أقل من 4 سنوات، وأن 36 سفيراً بقوا في مناصبهم بين (5-10 سنوات)، وأن 7 سفراء بقوا في مناصبهم أكثر من 10 سنوات، وأن 6 سفراء بقوا في مناصبهم أكثر من 14 سنة، وأن سفيراً بقي في منصبه أكثر من 20 سنة.
في سياق متصل، يقول وزير الخارجية الأسبق ناصر القدوة لـ "شبكة قدس" إن هناك قانون دبلوماسي واضح وضع خلال فترة تواجده على رأس الوزارة في الفترة من 2003 وحتى 2005 بشأن الترقيات والعمل في السلك والحقل.
ويضيف القدوة أن القانون كان واضحاً بشأن الفترة الزمنية المطلوبة للانتقال من درجة إلى درجة أخرى بما في ذلك الوصول إلى درجة السفير، عدا عن ضرورة أن تكون التعيينات من خلال تنسيب يقوم به وزير الخارجية للرئيس ثم يقوم الأخير بإصدار المرسوم.
وبحسب وزير الخارجية الأسبق فإن كل العمل بالقانون غير قائم منذ مدة زمنية طويلة حيث لا يتم تنسيق هذه الأمور ولا يوجد أحد يلتفت لعملية التعيينات والطريقة التي تتم بها أو حتى الإشارة لعدم وجود تنسيب يتم من خلال وزير الخارجية.
ويتابع: "المعايير واضح أنه لا علاقة لها بالقانون أو المصلحة الوطنية العامة، وما يجري حالياً لا يندرج في إطار التنسيبات أو ترقيات وفقاً للقانون بما في ذلك الترقيات، وكل ما يجري بعيداً عن القانون حتى من باب الاستحاطة".
ويؤكد القدوة أن المسألة باتت مرتبطة بالمعرفة والولاء كجزء أساسي في عملية التعيين في السلك الدبلوماسي الفلسطيني، وباتت الدبلوماسية ضعيفة خصوصاً مع غياب السياسة العامة والمواقف السياسية الواضحة أو الاستراتيجية الجماعية من قبل القيادة الفلسطينية.
ويستكمل وزير الخارجية الأسبق: "نحن نتحدث عن حالة بائسة للوضع الفلسطيني بما في ذلك الدبلوماسية الفلسطينية التي لا تقوم بأي عمل مفيد للوطن والقضية الفلسطينية".
وبحسب تقديرات فلسطينية غير رسمية فإن الراتب الاجمالي للسفير يبلغ 2498 دولار، بالاضافة إلى علاوة غلاء معيشة لموظفي السلك الدبلوماسي في الخارج، وتؤمن الوزارة لرئيس البعثة سكنا مؤثثا ومجهزا على نحو مناسب، كما ويمنح موظف السلك الذي يعين برتبة سفير لأول مرة مبلغا ماليا يقدر بقيمة ثلاثة أشهر من مرتبات وعلاوات.
وحاولت "شبكة قدس" الحصول على تعليق من أحمد الديك مستشار وزير الخارجية رياض المالكي عن المعايير المتعلقة باختيار السفراء والعاملين في الحقل الدبلوماسي، إلا أنه اعتذر ورفض الحديث بشأن هذا الملف.