شبكة قدس الإخبارية

صراع الديموغرافيا.. الاحتلال يستغل حرب أوكرانيا لجلب يهود جدد

j7LWt
يوسف أبو وطفة

فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، استغل الاحتلال الإسرائيلي والوكالة اليهودية ما جرى لاستقبال اليهود المقيمين في أوكرانيا وفتحوا المجال أمام هجرة اليهود الأوكرانيين لدولة الاحتلال، بل وشجعوا على ذلك، وفق ما كشفت صحف عبرية، مشيرة إلى وجود قيادات من مستوطني الضفة على حدود أوكرانيا بهدف إقناع اليهود بالهجرة.

وفتحت هذه السياسة الباب تجاه سلوك الاحتلال تاريخياً منذ أن سرق فلسطين من شعبها عام 1948، حيث استغل الاحتلال الحروب والأزمات الدولية لتشجيع الهجرة سواء من روسيا أو اليمن أو من أثيوبيا وغيرها من الدول، وقد نشطت في هذا المجال مؤسسات صهيونية عالمية، من بينها الوكالة اليهودية الأمريكية للتوزيع، التي تدعي أنها منظمة إغاثية لكنها لعبت دورا محوريا في هجرة اليهود لفلسطين، وهي موجودة الآن على حدود أوكرانيا.

وبلغ إجمالي الأعداد التي وصلت منذ بداية الأزمة الحالية إلى الاحتلال 6 آلاف أوكراني من أصل 200 ألف يهودي أوكراني، يأمل الاحتلال في نقلهم لتعزيز حضوره الديموغرافي على حساب الوجود الفلسطيني العربي.

وبحسب البيانات الصادرة عن الوكالة اليهودية فإنه منذ عام 2010 وحتى ديسمبر/كانون الأول 2019 هاجر نحو 255 ألف يهودي إلى الاحتلال من 150 دولة تصدّرتها روسيا وأوكرانيا وفرنسا والولايات المتحدة وإثيوبيا.

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء أنه منذ نكبة فلسطين عام 1948 حتى عام 2020 قدم نحو 3.4 ملايين مهاجر يهودي إلى البلاد، 43.7% منهم هاجروا إلى البلاد منذ عام 1990، وارتفعت الهجرة اليهودية إلى الاحتلال بنسبة 31% في عام 2021، مقارنة بالعام الذي سبقه، فقد تم استقدام 20 ألفا و360 يهوديا، حسب إحصاءات وزارة الهجرة والوكالة اليهودية.

وحسب الوكالة اليهودية، يبلغ عدد اليهود في العالم نحو 14.5 مليون نسمة، من بينهم 6.8 ملايين في الاحتلال، ونحو 5.4 ملايين في الولايات المتحدة، ونحو 460 ألفا في فرنسا، ويتوزع الباقون في دول عديدة بخاصة في أوروبا الغربية.

ومنذ النكبة وقيام الاحتلال في 1948 حتى نهاية سنة 2020، نما عدد اليهود نموا سريعا وتضاعف نحو 10 مرات، فقد أسهم ميزان الهجرة بصورة عامة في نصف الزيادة السكانية لليهود، والزيادة الطبيعية في النصف الآخر، وبات اليهود يسيطرون على 97% من مسطحات الأراضي داخل الأراضي المحتلة، وفي الضفة والقدس المحتلتين يتحكمون بنحو 60% من مساحة الأراضي.

في السياق، يقول المختص في شؤون الاستيطان خليل تفكجي إن الاحتلال يستغل الحروب والأزمات لزيادة أعداد المستوطنين كما حدث حينما تم نقل قرابة مليون مستوطن من روسيا، استفاد منهم الاحتلال في النهضة التكنولوجية.

ويوضح تفكجي لـ "شبكة قدس" أن الاحتلال يسرع من عملية الاستقطاب حالياً من أجل مشروع "القدس 2030"، إضافة إلى مشروع زيادة مليون مستوطن في الضفة الغربية على حساب الوجود العربي الفلسطيني في هذه الأراضي.

وبحسب المختص في شؤون الاستيطان أن استغلال الأزمات والحروب ليس بالسياسة الجديدة، إذ سبق وأن قام بها حينما تم تهجير جميع اليهود من اليمن وإضافة إلى تهجير الأثيوبيين إلى داخل الفلسطينيين وغيرها من المناطق التي تتواجد بها طوائف يهودية.

ويشير تفكجي إلى أن الاحتلال يركز في عمله على زيادة عدد مستوطنيه ونوعيتهم، إذ يركز على استقطاب مهاجرين من أصحاب العقول والكفاءات العلمية بهدف الاستفادة منهم مستقبلاً كما جرى في الهجرة السوفيتية التي استفاد الاحتلال منها.

ووفقاً للمختص في شؤون الاستيطان فإن متوسط معدلات الهجرة السنوية في الفترة الأخيرة لدى الاحتلال يبلغ 19 إلى 21 ألف، في الوقت الذي من المتوقع أن يكون الرقم في هذا العام مرتفعاً نتيجة للحرب الدائرة حالياً في أوكرانيا.

وتعمل الوكالة اليهودية بالتوازي مع عمل وزارة الإسكان والاستيعاب في حكومة الاحتلال إضافة إلى الرفاه والتطوير على قضية جلب اليهود وتوطينهم في الاحتلال، فيما تفتح الأزمة الحالية الباب لإمكانية استقدام 800 ألف يهودي منهم 600 ألف في روسيا و200 ألف في أوكرانيا.

وتعتبر عملية "بساط الريح" من العمليات التي نفذها الاحتلال عبر وكالته لترحيل نحو 49 ألف يهودي من يهود اليمن إلى الاحتلال في الفترة من يونيو 1949 إلى سبتمبر 1950، على متن طائرات أمريكية وبريطانية عبر عدن فيما بلغت تكاليف هذه العملية حوالي 425 مليون دولار.

في سياق متصل، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي جمعة التايه أن هدف الحركة الصهيونية منذ نشأتها هو تهجير اليهود إلى فلسطين التاريخية وتم استخدام أساليب الترغيب والترهيب، إضافة إلى الاستيطان، إضافة إلى تشكيل قوة عسكرية تحمي المستوطنين.

ويقول التايه لـ "شبكة قدس" إن الحروب يتم استغلالها بطريقة بشعة من قبل الاحتلال لإحضار أكبر عدد ممكن من اليهود في حين يمنع الاحتلال أي نزوح أو لجوء عربي إلى الأراضي المحتلة مثلما حصل في سوريا أو لبنان أو غيرها من الدول العربية.

ووفقاً للمختص في الشأن الإسرائيلي فإن عمليات الهجرة في الاحتلال تخضع للظرف السياسي ففي بداية انتفاضة الأقصى هاجر مليون مستوطن بشكل عكسي نظراً لعدم الاستقرار الأمني والاقتصادي، بينما في بداية التسعينات أحضروا مليون روسي إلى الاحتلال.

ويضيف التايه أن العامل الأمني يلعب دوراً كبيراً في التأثير على طبيعة الهجرة للاحتلال ويتحكم في طبيعتها سواء بشكل عكسي أو بشكل يعزز أعداد المستوطنين في الاحتلال، لكن الاحتلال يحاول تعزيز ذلك من أجل الصراع الديموغرافي.

ويشير إلى أن الاحتلال لجأ لأساليب منها الخطف تاريخياً بهدف تعزيز وجوده الديموغرافي في فلسطين حيث تم اختطاف 150 ألف طفل من قبل الحركة الصهيونية لجعل العنصر اليهودي متفوق أكثر في فلسطين مقارنة بالسكان العرب.

وشكلت الإحصائيات الصادرة عامي 2017 و2018 صدمة بالنسبة للاحتلال حينما تفوقت أعداد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية بنسبة 200 ألف مقارنة مع أعداد الإسرائيليين، وهو ما دفع بهم لتشكيل لجنة لترغيب اليهود في الهجرة إلى الاحتلال، وفقاً للتايه.

ويتابع: "عدد الفلسطينيين 7.2 مليون وعدد اليهود أقل من 7 مليون وهي صادرة عن مراكز بحث إسرائيلية يهودية وهو ما يثير قلق الاحتلال الإسرائيلي خصوصاً وأن أعداد اليهود القادمين من أوروبا أصبح قليل منذ تسعينات القرن الماضي".

#أوكرانيا #الهجرة #الحرب_الروسية_الأوكرانية