الضفة المحتلة - قُدس الإخبارية: اعتبرت مؤسسة "الحق"، أن "التدهور المستمر الجاري في السلطة القضائية، انعكاسٌ للأزمة المستمرة في النظام السياسي، نتيجة تأكل المبادىء والقيم الدستورية ومتطلبات إنفاذ الاتفاقيات الدولية، وضعف منظومة الشفافية وغياب المساءلة والمحاسبة".
وقالت المؤسسة إنها تتابع ب"خطورة بالغة" التعديلات الأخيرة المتعلقة بالسلطة القضائية، وتمثلت في "قرار بقانون تعديل قانون الإجراءات الجزائية، وقرار بقانون تعديل قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، وقرار بقانون تعديل قانون البينات في المواد المدنية والتجارية، وقرار بقانون تعديل قرار بقانون تشكيل المحاكم النظامية، وقرار بقانون بشأن دعاوى الدولة، وقرار بقانون تعديل قانون التنفيذ، وقرار بقانون تعديل قرار بقانون المحاكم الإدارية".
وأشارت إلى أن هذه القرارات بقوانين تأتي "امتداداً للقرارات بقوانين التي صدرت خلال العامين 2019 و2020 وأدت لتشكيل مجلس انتقالي خلافاً للقانون الأساسي وقانون السلطة القضائية، وتآكل التكوين والبناء المؤسسي في الإدارات القضائية، ومأسسة أشكال عديدة من العزل للقضاة؛ وتأثيرها على استقلالهم والقضاء وحكم القانون"، حسب وصفها.
وشددت على أن القرارات بقوانين الصادرة في الشأن القضائي، تمثل "انتهاكاً مباشراً لأحكام القانون الأساسي"، كونها "استهدفت السلطة القضائية وانطوت على تدخل في شؤونها من قبل السلطة التنفيذية خلافاً لمبدأ الفصل بين السلطات الذي يعد بوصلة النظام السياسي والدستوري، وتناقضها مع فلسفة التشريع، ومخالفتها الشروط الدستورية الواردة في المادة (43) من القانون الأساسي".
واعتبرت أن هذا السلوك "يُبرز أهمية استمرار وتوحيد الجهود باتجاه الدعوة إلى إجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية، لترميم النظام السياسي واستعادة دور المجلس التشريعي وصلاحياته الأصيلة في التشريع والرقابة، كأرضية لإصلاح وتوحيد القضاء الفلسطيني".
وأضافت المؤسسة أن هذه القرارات بقوانين وبخاصة الإجرائية منها، انطوت على "مخالفات واضحة للحقوق والضمانات الدستورية المكفولة في القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
وأوضحت: قرار بقانون تعديل قانون الإجراءات الجزائية يمس بشكل كبير بحقوق المتهم وقرينة البراءة وضمانات المحاكمة العادلة عموماً في العديد من النصوص القانونية؛ من قبيل إجازة توقيف المتهم في حال غيابه تحت عنوان فضفاض هو القوة القاهرة، وعدم جواز إحالة أي موظف عام أو فرد من أفراد الضابطة القضائية إلى القضاء بجنحة أو جناية وقعت أثناء تأدية الوظيفة، إلا بإذن خطي من النائب العام أو أحد مساعديه بما قد يؤدي إلى تحصينها حال عدم منح الإذن الخطي، والنظر باستئناف الأحكام الصلحية أمام محكمة البداية بصفتها الاستئنافية "تدقيقاً" والنظر في الأحكام الصادرة عن محكمة البداية بصفتها الابتدائية أمام محكمة الاستئناف "تدقيقا" فيما عدا الحكم بالإعدام والعقوبات المؤبدة خلافاً لعلانية المحاكمة كمبدأ دستوري وبما يحرم المتهم من مبدأ التقاضي على درجتين.
وتابعت: بالإضافة لتغليب التوقيف على قرينة البراءة والذي يصل إلى مدة العقوبة في جرائم جنائية، والاستمرار في محاكمة المتهم بمثابة الحضوري حال غيابه وحرمانه من مناقشة الإجراءات التي جرت في غيابه باستمرارها من النقطة التي وصلت إليها، وتكليف المتهم بإحضار شهود الدفاع حال تعذر التبليغ وهو اختصاص المكلفين بإنفاذ القانون في مقابل تجاهل شهود النيابة العام وبخاصة المكلفين بإنفاذ القانون رغم طول أمد إجراءات التقاضي الناجمة عن عدم حضورهم للإدلاء بشهاداتهم، والسماح بعقد جلسات متتالية للمحاكم كل 24 ساعة في حالة الضرورة بما لا يراعي مدد التبليغ، وجواز عدم تمثيل النيابة العامة أمام محكمة الصلح وتأثيره حقوق المتقاضين، وإمكانية إدانة متهم بناء على اعتراف متهم لمجرد قرينة دون بينة واضحة، وغيرها من المخالفات للحقوق والضمانات الدستورية والقانونية للمتهمين التي وردت في التعديلات على قانون الإجراءات الجزائية؛ وخاصة ضمانات المحاكمة العادلة.
كما انطوت التعديلات التي جرت على "قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية"، وفقاً للمؤسسة، على "مخالفات للحقوق وضمانات المحاكمة العادلة تحت مبررات سرعة الفصل في القضايا بعيداً عن المواءمة بينهما من خلال إدارة الدعوى المدنية"؛ ومنها "الطرق والإجراءات الجديدة التي جاءت بها بشأن تبليغ الأوراق القضائية كالتبليغ الإلكتروني بما يلقى شكوكاً حول مدى تحقق هذا التبليغ رغم سير الإجراءات القضائية؛ وقيام مجلس القضاء الأعلى بوضع نظام خاص بالتبليغ الإلكتروني بما يؤدي إلى إمكانية التعديل باستمرار على إجراءات التبليغ وإرباكها، علاوة على ما يتعلق بالتبليغ بالإلصاق على الباب الخارجي أو مكان ظاهر للعيان من المكان الذي يقع فيه موطن الشخص المراد تبليغه واعتباره تبليغاً قانونياً، مع الأخذ بالاعتبار ارتباط قانون الإجراءات الجزائية بقانون أصول المحاكمات المدنية في إجراءات التبليغ".
وأشارت إلى مخالفات أخرى بينها "السماح بالتبليغ بعد الساعة السابعة مساءً دون إذن من قاضي الأمور المستعجلة تحت عنوان الضرورة، وكذلك قبول الشهادة بالتصريح المشفوع بالقسَم دون إمكانية مناقشة الشاهد بشهادته أمام المحكمة، وما يتعلق بالنظر بالاستئناف "تدقيقاً" في الأصول المدنية والذي يمس التنظيم القضائي ومبدأ التقاضي على درجتين وعلانية المحاكمة وضمانات المحاكمة العادلة وغيرها من المخالفات الواردة في نصوص تلك التعديلات".
ودعت المؤسسة إلى "إلغاء القرارات بقوانين التي صدرت في الشأن القضائي لمخالفتها مبدئياً للشروط الدستورية اللازمة لإصدارها وتجاوزها فلسفة القوانين وانتهاكها للحقوق وضمانات المحاكمة العادلة المكفولة بالقانون الأساسي والمعايير الدولية".
وأكدت على "ضرورة توحيد كافة الجهود وتكثيفها باتجاه إجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية باعتبارها الأرضية السليمة لتوحيد وإصلاح للقضاء الفلسطيني باعتباره قيمة مجتمعية عليا وحق للمجتمع ككل"، و"العمل على تنظيم مؤتمر عام لمتابعة حالة التدهور المستمرة في القضاء الفلسطيني وتوحيد الجهد المجتمعي في بناء تدخلات فعّالة في مسار توحيد وإصلاح القضاء كأساس لصيانة مبدأ سيادة القانون ومرتكزات الحكم الصالح".