شبكة قدس الإخبارية

طلاب من غزة في مدن أوكرانيا.. ماذا يقولون عن الحرب؟

TNY-UkraineDoubleTake
هديل الغرباوي

كييف - خاص قُدس الإخبارية: أثار بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا اهتمام العالم أجمع، رغم أن ما جرى كان متوقعا من قبل المحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين والسياسيين أنفسهم. وما بين نفي لنية روسيا الدخول إلى أوكرانيا وتأكيدات بعض الدول وجود معلومات حول ذلك، كان 24 شباط/ فبراير يعني بالنسبة للأوكرانيين موعدا حقيقيا مع الحرب.

لعل بعض الأوكرانيين يرى للمرة الأولى الصواريخ وهي تتجه نحو المنشآت والمركبات والمحطات، لكن طلابا وعاملين من قطاع غزة يتواجدون في أوكرانيا، يحاولون الهروب من حقيقة أن الحرب تلاحقهم في كل مكان، فالاحتلال الإسرائيلي نفذ أكثر من عدوان على قطاع غزة، بينما تأتي هذه الحرب في أوكرانيا، وكأنها تقول لهم "لا مفرّ!".

الحروب في كل مكان قاتلة

في أكثر المدن الأوكرانية تضرراً، مدينة "خاركوف" الاستراتيجية، يعيش الطالب معاذ رجب، من سكان قطاع غزة، وقد هاجر لأوكرانيا، طلبا في العلم، وفي مقابلة مع "شبكة قدس" يقول "انتقلت من قطاع غزة إلى أوكرانيا بحثاً عن مستقبل وحياة أفضل، ومن الممكن أن أعود إلى وطني وأهلي، ولكني الآن بحاجة للنجاح والمستقبل، أتممت 5 سنوات ونصف وأنا أدرس بالجامعات الأوكرانية الطب البشري".

يتابع معاذ حديثه بقلق: "الجيش الروسي يبعد عني 20 كيلومتر فقط والوضع جداً صعب متأزم، والقصف شديد جداً وقريب، والتنقل هنا بمدينة خاركوف أو الإنتقال منها مستحيل، فقد حاولت كثيراً الانتقال ولكن دون جدوى، ثم قمت بالتواصل مع الجالية الفلسطينية في أوكرانيا فطلبوا مني البقاء في المنزل، وعدم السفر نظراً للظروف الصعبة وتدهورها في المنطقة، ولكن الأمر جداً متدهور فمدينة خاركوف حدودية وبأي لحظة سيتمكن الجيش الروسي من الدخول برياً وهذا أمر صعب احتماله بسبب ما سيحدث من مواجهات واشتباكات".

وأضاف: "تمنيت لو أني تخرجت من الطب البشري لأسعف المرضى والجرحى، والحروب في كل مكان سيئة سواء كانت في غزة أو غيرها، الدمار في كل مكان والقتل والتهجير والسياسات الممنهجة، أنا أحاول الخروج الآن من خاركوف إلى الغرب حتى أستطيع أن أغادر إلى أوروبا".

دقت طبول الحرب

محمد النبيه الطالب القادم من قطاع غزة لأوكرانيا ليدرس الطب البشري يقول لـ "شبكة قدس": "أتيت إلى أوكرانيا منذ 6 سنوات، وأعيش الآن في مدينة دنبيرو الأوكرانية وهي مدينة زراعية ومنتجة، وأنا سعيد جداً بدراستي في أوكرانيا ولكنني لست سعيداً لأنني مغترب عن عائلتي والأوضاع في أوكرانيا ليست مستقرة ومقلقة ومتوترة كثيراً وخصوصاً في ظل انتشار الشائعات التي أرهقتنا خوفا من ما يجري".

ويشير النبيه إلى أن "الطلاب الفلسطينيين في ظل توقف عمل البنوك لم يتمكنوا من الحصول على حوالات مالية من عائلاتهم، فغداً صباحاً الساعة 9 سوف ننطلق لمدينة لفيف أو لفوف وهذه مدينة تقع على الحدود البولندية الأوكرانية، حيث ستقوم بولندا بمنحنا فيزا لمدة 15 يوماً فرصة إما للانتظار لما سيحدث بأوكرانيا خلال هذه المدة، أو أن نعود لقطاع غزة في حال تأزم الأوضاع في أوكرانيا، ولا نعلم الإجراءات القانونية التي سيتم التعامل معنا في هذه الحالة".

ويتابع محمد مستنكراً: "العرب سيوفرون في الصباح باصات لتنقلنا إلى بولندا ولكنهم استغلوا الحالة الصعبة التي نمر بها ورفعوا سعر تذاكر الباصات إلى 150$ وهناك من رفعه إلى 300 و 400$ للشخص الواحد، في حين كان سعرها الطبيعي 15$، هذا استغلال كبير بحقنا وهذه أسعار خيالية والأمر أصبح فوق طاقتنا!".

تقليل فاتورة الدم

أما عن دور السفارة الفلسطينية في أوكرانيا تجاه الطلاب والمغتربين الفلسطينيين، فيقول محمد لشبكة قدس مستهجنا: "موقف الجالية والسفارة الفلسطينية تجاهنا غريب جدا، وفي كل أزمة نمر بها يرسلون لنا بريداً على الإيميل لتجديد بياناتنا فقط ولم يحركوا ساكناً لإخراجنا أو مساعدتنا إذا طرأ أي طارئ، وهم فقط يزودونا بأرقامهم وينشرون المنشورات عبر صفحاتهم ولكن دون أي فائدة تذكر لذلك، الأمور تخرج عن نطاق السيطرة ولا يوجد ملاجئ هنا والاحتماء فقط بمترو الأنفاق تحت الأرض، والوضع في كل مدن أوكرانيا يزداد سوءاً ولكنه في خاركوف وسومي والحدود الشرقية أصعب بكثير وأيضا العاصمة كييف، وأتمنى أن تنتهي الأزمة على خير وأن أعود إلى أوكرانيا مجدداً لاستكمال دراستي، أجواء الحرب مؤلمة جداً، خصوصا لنا نحن أهل غزة، فقد عايشنا عدة حروب".

محمود البحطيطي والذي يعيش في مدينة "خاركوف" وهي مدينة عسكرية وصناعية وتحاول روسيا السيطرة عليها، كان من المفترض أن يجري مقابلة مع "شبكة قدس"، لكنه حين تواصلنا معه كان يجهز نفسه للسفر عبر الحدود إلى بولندا، ويصف الأوضاع باختصار شديد: "صوت انفجارات كل نصف ساعة، وهناك إشاعات بشكل رهيب، وقد أثرت على نفسيتنا، فقررنا المغادرة".

حاتم عودة رئيس الجالية الفلسطينية في أوكرانيا قال لشبكة قدس إن "عدد الجالية الفلسطينية في أوكرانيا يترواح بين 3000 إلى 4000 فلسطيني، والقصف في كل نواحي أوكرانيا لا يستثني مدينة أو مطار، وحتى الآن 90% من الضربات ضد الثكنات والمطارات العسكرية والمراكز الأمنية، ودخلت القوات الروسية على منطقة كييف وهي عاصمة أوكرانيا والقوات الأوكرانية تتصدى لهم، ولكن الأوضاع في أوكرانيا تحت السيطرة حتى الآن فلم يدخلوا كثيراً داخل المدن الأوكرانية".

إمكانياتنا محدودة جدا

أما عن تكاتف الجالية الفلسطينية والعربية، فيتابع عودة قائلاً: " الجاليات متكاتفة معاً وجميعنا يد واحدة وعلى تواصل دائم مع الطلاب الذين يحتاجون أي شي، وجميع الجاليات تقدم المساعدات لجميع العرب دون أي استثناء فلا يوجد فرق إطلاقا بيننا، وحتى الآن لم يتعرض أحد من جاليتنا الفلسطينية لأي ضرر أو خطر أو الحاجة لأي شي، وهذا شي جميل بالنسبة للفلسطينيين فنحن معتادون على الحروب المستمرة ولم نشعر باختلاف وكنا نعتقد بأنها ألعاب نارية ليست حرب".

ويتابع: 90% من الجالية العربية بقوا في داخل مدنهم ولم يتركوها، أما الأوكرانيين فجداً خائفين وتركوا بلادهم وهاجروا، الشيء الوحيد المخيف هنا هو أن تستمر وتطول الأزمة، حينها سنواجه نقصاً كبيراً بالمواد التموينية والمياه والعلاجات، فنحن كجالية فلسطينية فقط وضعنا أرقامنا لتواصل الفلسطينيين المقيمين في أوكرانيا معنا، ولكن للأسف امكانياتنا محدودة جداً وغير كافية، كما أننا نواجه صعوبة التنقل والحركة فهذا يشكل خطر كبير بسبب المسافات بين المدن في أوكرانيا".

أما عن توجيهات أو مناشدات الجالية الفلسطينية كجالية عربية تجاه القيادة الفلسطينية أو أي جهة رسمية فلسطينية أو عربية يقول عودة: "في حقيقة الأمر لا يوجد أي توجيه، ولم نتوجه لهم لأن فاقد الشيء لا يعطيه".

 

 

 

#غزة #فلسطين #روسيا #أوكرانيا #كييف