فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: "هل تحاول إسرائيل خلق بشير جميّل جديد؟"، يقول المحلل الإسرائيلي غال بيرغر في مقاله حول وزير الشؤون المدنية في السلطة حسين الشيخ الذي يعتبره "رجل إسرائيل في المقاطعة"، حسب وصفه.
يقول بيرغر إن رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، وحسين الشيخ هم "الآمرون الناهون في مكتب الرئيس محمود عباس"، وينقل عن مصادر في السلطة قولها إن الشيخ وفرج هما من "يقرران في حالات كثيرة هل يستطيع شخص ما الوصول إلى الرئيس أم لا".
يعتبر بيرغر أن ماجد فرج "مقرب" للمسؤولين في الولايات المتحدة وخاصة في جهاز المخابرات "CIA ممن يحافظ معهم على تواصل دائم، حسب وصفه، بينما يتصدر حسين الشيخ الذي يتقن اللغة العبرية التواصل مع الإسرائيليين، ويصفه الصحفي الإسرائيلي بأنه "يحرك الأمور ويهتم للفت نظر "أبو مازن" للمخاوف الإسرائيلية كتدهور أمني محتملٍ مثلًا".
ويقتبس من حديث مسؤول في جهاز أمني إسرائيلي: "من المهم لنا أولًا أن نقوي طريق أبو مازن، لكننا نعزز أيضًا البيئة المقربة منه"، ويقول: "في نظر جهات إسرائيلية رفيعة حسين الشيخ هو رَجُلُنا في المقاطعة".
وينقل عن قيادي في فتح قوله: "الأوكسجين عند حسين الشيخ وماجد فرج هو أبو مازن، وفي اليوم الذي يرحل فيه الأخير، سينتهي هذا الأوكسجين". ويقول إن "كثيرين يترقبون لحظة رحيل أبو مازن وبينهم قيادات في فتح".
ويضيف: تحدثت في الأيام الأخيرة مع عدد من الزملاء في الجانب الفلسطيني، غالبيتهم لا يتخيلون أن يكون حسين الشيخ وريثًا للرئيس عباس، لديه الكثير من الكارهين وسمعته في الشارع سيئة.
ويرى بيرغر أن حسين الشيخ رتب لنفسه "وضعية قفز" أفضل من المرشحين الآخرين لخلافة الرئيس عباس، بعد أن قرر الأخير تعيين الشيخ كعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وفي المجلس المركزي الذي يخطط للحصول من خلاله على منصب أمين سر اللجنة.
ويروي بيرغر أنه سأل مسؤولاً إسرائيلياً في عام 2016 عن خلفية الرئيس عباس المحتل فأجابه:حسين الشيخ، ويضيف: فوجئت، الشيخ لم يكن حينها أكثر النجوم لمعانًا في المقاطعة، إنما كان مجرد شخص بين الكثير من الأشخاص.
وتابع: مرت عدة سنوات على المحادثة، والنبوءة بدأت بتحقيق ذاتها، حسين الشيخ ربّما ليس الوريث اليوم، لكنّ نجمه سطع كثيرًا منذ ذلك الحين. انطلاقته بدأت بعد المرض الذي أصاب صائب عريقات عام 2017. قبل مرض عريقات، اهتم الرئيس عباس أن يأخذ مرافقين اثنين بشكل ثابت لزياراته خارج البلاد عريقات المسؤول عن ملف المفاوضات مع "إسرائيل" (حتى عندما لم تجري أية مفاوضات)، وماجد فرج، رئيس المخابرات الفلسطيني وحافظ سرّ الرئيس.
ويزعم بيرغر أن ماجد فرج كان في تلك المرحلة "أقرب الأشخاص للرئيس ومبعوثه للمهام السرية"، كما أن عريقات بمثابة "صندوق أسود مع إنجليزية طليقة وعلم حول كل تفاصيل المفاوضات مع إسرائيل في كلّ مراحلها".
ويقول بيرغر عن حسين الشيخ: هو شخص ارتبط اسمه على مدار السنوات بجبال من القصص والأفعال المرتبطة بالفساد الشخصي والأخلاقي، من الممكن أن يقود الخوض في تفاصيلها إلى رفع دعوى ضدي، ليس لدي أدلة على الادعاءات التي قيلت لي على مدار السنين في هذا السياق، من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، لربما سيأتي يوم يوافق به من يرفض الحديث أمام الكاميرات حتى الآن الحديث عن مغامراته المزعومة، وفتح قلبه حتى ذلك الحين سأترك الأمر جانبًا.
ويعتبر الصحفي الإسرائيلي أنه "كان من المفضل لإسرائيل أن تتصرف بانضباط وأن تمتنع عن التدخل المباشر وغير المباشر في ألعاب الوراثة على الساحة الفلسطينية"، ويرى أن "تقوية جهات إسرائيلية لحسين الشيخ مثلا، والرهان عليه وعليه فقط، من الممكن أن تتبين مستقبًلًا كخطوة تتسم بقصر النظر لتعود وتضرب إسرائيل".
وأضاف: ليس واضحًا إن كانت كل الهدايا التي أحضرها الشيخ من "إسرائيل" مثل التصاريح ستساعده أم لا، فمن الممكن أن يكون لها أثر معكوس، وأن تضيعه لما تتسبب له من انتقادات داخلية.
ويشير إلى اعتقاد سائد عند بعض الجهات أن "احتكاك الشيخ المتصاعد مع جهات إسرائيلية وصعوده قبل الأوان لقيادة منظمة التحرير سيقصران حياته السياسية بدلاً من أن يرفعا من فرص نجاحه كوريث محتمل للرئيس".
ويدعي بيرغر أن دعوة مصر لعضو اللجنة المركزية في فتح جبريل الرجوب لعقد لقاءات في القاهرة "خطوة عبثية"، وأوضح: المصريون في هذا الخصوص يفهمون جيدًا أن وضع كل البيضات في سلة واحدة هو خيار خاطئ، خاصة في ذروة صراعات الخلافة قبيل رحيل عباس، يوجد أشخاص آخرون في الواجهة من الطامحين في التاج مثل محمد دحلان غريم "أبو مازن" الّذي أُبعد نحو الخليج مع بداية العقد الماضي، أو مروان البرغوثي تضاف إليهما سلسلة من الأسماء مثل روحي فتوح الذي سيحصل على منصب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني بعد أن استقال مؤخرًا "الديناصور" الذي ترأس المجلس نحو ربع قرن سليم الزعنون.
ويزعم أن الشيخ كان هو من "بادر لعقد اللقاءات الأخيرة بين وزير الحرب بيني جانتس وبين الرئيس عباس"، ويشير إلى اللقاء الذي جمع الشيخ مع وزير الخارجية يائير لابيد ويقول: من غير الواضح إن كان لبيد يحاول اللعب في الساحة الفلسطينية، أو أنه وقع في وسط محاولة فلسطينية للعب في الساحة الإسرائيلية - في واقع الائتلاف المعقد الحالي.
وتحت عنوان "تقوية السلطة، أم تقوية حسين الشيخ؟"، يقول رافيد: عند التدقيق في ثمار اللقاءات بين جانتس وعباس لا يمكن التغاضي عن كون بوادر "إسرائيل" لتقوية السلطة الفلسطينية تهدف لتقوية حسين الشيخ شخصيًا، بشكل مباشر وبشكل غير مباشر.
وتابع: جانتس منح شهادات VIP جديدة لأصحاب مناصب فلسطينيين، بالإضافة لمئات تصاريح BMC (بطاقات رجال الأعمال -Business Man Card) لرجال أعمال فلسطينيين رفيعي المستوى، وهذه الشهادات تمنح امتيازات كثيرة لحامليها، من الطرف الفلسطيني مكتب حسين الشيخهو المسؤول عن توزيع التصاريح لرجال الأعمال الذين ينتقيهم هو ويختار لمن تُعطى تصاريح الدخول "لإسرائيل" مع السيارات.
ويزعم بيرغر أن "إدعاءات حول استخدام حسين الشيخ للتصاريح لخلق تأثير لصالحه، وصلت إلى قيادات الأجهزة الأمنية في إسرائيل منذ سنوات لكنهم يختارون غض البصر عنها"، ويضيف نقلاً عن مسؤول أمني إسرائيلي:عندما تسمع هذه الأخبار من شخص أو اثنين، من الممكن أن تكون هذه مجرد إشاعة أما عندما تسمعها من المئات ومن الآلاف على مدار السنين، فالأمر يصبح جليًا.
ويعتبر أن قرار "إسرائيل" إصدار بطاقات هوية لآلاف الفلسطينيين "بادرة تساهم بتقوية حسين الشيخ"، وأوضح: قبل شهور فقط تظاهر المئات من الفلسطينيين أمام مكتبه مطالبين إياه بالضغط على "إسرائيل" لتوافق لهم على تغيير العنوان في الهوية، في غياب إمكانية تغيير العنوان، بقي هؤلاء عمليًا بدون هوية، فسكنوا في الضفة لكنهم لم يستطيعوا الخروج منها للسفر أو لتلقي علاجات طبية داخل "إسرائيل"، وقد عاشوا في خوف دائم من الاعتقال في أحد الحواجز الإسرائيلية، ومن إمكانية ترحيلهم إلى غزة أو إلى لأردن فقط لأن "إسرائيل" لم تعترف بوجودهم في الضفة لسنوات طويلة.
وقال: حسين الشيخ عاد من لقائه مع جانتس مع هدية ثمينة، آلاف الفلسطينيين ممن كانوا حتى ذلك الوقت كالأشباح في رام الله، الخليل، نابلس وجنين تحولوا الآن لمواطنين فلسطينيين.
ويطرح بيرغر تساؤلات: هل على "إسرائيل" أن تضع كل أملها في حسين الشيخ على سبيل المثال؟ بكلمات أخرى، أتحدث عن اختيار قيادي فلسطيني من بين واجهة كاملة، ووضع كل النقود عليه، أليس من المحتمل أن "إسرائيل تراهن على الحصان الخاطئ؟ حتى وإن كان جزء كبير من أصحاب المناسب الرفيعة في الجهاز الأمني يفضل أن يشهد في أحلامه الوردية على خلافة الشيخ أو غيره لعباس فقط لكونه أكثر اللاعبين اتقانًا للغة "الأبو مازنية" ومن الممكن أن يشاركنا بحياكة المكائد؟
ويقول: هل إسرائيل التي فشلت في أهم الأمور سابقًا تحاول أن تصنع لها بشير جميّل جديدًا؟