الضفة المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: بعد كل عملية فدائية في الضفة، تستنفر ميلشيات المستوطنين قوتها في تنظيم هجمات على الطرقات والبلدات، في إطار محاولة تدفيع المجتمع الفلسطيني "الثمن" عن الخسائر التي تلحق بأمن الاحتلال، وخلق حالة "كي وعي" تجعل المقابل من العمليات "باهظاً" على حياة الفلسطينيين.
عملية "حومش" التي أدت لمقتل مستوطن وإصابة آخرين، قبل أيام، فجرت مواجهات عنيفة بين ميلشيات المستوطنين وأهالي عدة قرى قضاء نابلس بينها برقة، التي تصدى الأهالي فيها لهجمات المستوطنين المعززين بقوات كبيرة من جيش الاحتلال.
ورغم امتلاك ميلشيات المستوطنين للسلاح بكثافة وحمايتهم من جيش الاحتلال، إلا أن المواجهات الأخيرة التي اندلعت في برقة وغيرها، دفعت حكومة الاحتلال للطلب من المستوى العسكري منع إقامة مزيد من الأبنية في مستوطنة "حومش"، خوفاً من نموذج مقاومة "جبل صبيح" جديدة، كما قالت مصادر عبرية اليوم، وهو ما يعكس عدم نجاح هجمات المستوطنين في خلق سياسة "كي وعي" لدى المجتمع الفلسطيني.
وكشف مصادر إعلامية إسرائيلية، عن صورة جمعت قائد جيش الاحتلال في شمال الضفة مع الحاخام "طاو" صاحب فتاوى قتل العرب والذي دافع عن إحراق عائلة دوابشة، وهو ما يعكس الانسجام بين الجيش وميلشيات المستوطنين في الهجوم على الفلسطينيين.
بث الرعب لتحقيق "النكبة الثانية"
ويعتقد المختص في الشؤون الإسرائيلية، ياسر مناع، أن هدف هذه الهجمات هو "بث الرعب والهلع في صفوف الفلسطينيين كنوع من العقاب الجماعي"، وأضاف: بالتالي هذه الجماعات المنظمة والمدعومة من قبل الصهيونية العالمية هي جزء من المشروع الاستيطاني الاستعماري، الذي يسعى إلى طرد والاستيلاء على الأرض من أصحابها.
واعتبر أن هدف الهجمات أيضاً "محاولة تعزيز هذه القوى اليمينية الدينية في المشهد السياسي الاسرائيلي وتعزيز تأثيرها على القرار وصناعه وتعزيز قدرتها على انتاج الواقع الذي تريد".
وأكد على أن هجمات ميلشيات المستوطنين تحمل "رسائل لردع الفلسطينيين وثنيهم عن أي عمل مقاوم"، واستدرك: لكن هذه الجماعات تعلم أنها لن تستطيع ذلك، وبالتالي تستند الى وجود الجيش كقوة مدججة بالسلاح عند تنفيذ اعتداءاتها.
وشدد في لقاء مع "شبكة قدس" على أن "لكل نظام مليشيا وبلطجية، كذلك الجيش الإحتلال له بلطجيته وهم المستوطنون وبموازاة استخدام القوة العسكرية والاستخبارية التقليدية يستخدم بلطجيته في ارسال رسائله للمجتمع الفلسطيني".
ولا يعتقد مناع أن ميلشيا المستوطنين باتت منفصلة عن جيش الاحتلال، وأوضح: كلاهما يكمل دور الآخر، ولكن لا يمكن إنكار حجم القوة التي تتمتع بها هذه الجماعات التي وصل بها الحد لتنفيذ هجمات على الجيش كما جرى بمستوطنة "يتسهار" أكثر من مرة.
وعن العوامل التي ساهمت بتقوية ميلشيات المستوطنين، قال: طبيعة المشروع الاستعماري الذي يستخدم كل الوسائل الممكنة في تحقيق أهدافه، إضافة الى المطامع والدعم السياسي التي تعمل على تقوية هذه الجماعات والنظر إليها على اعتبار أنها خزان انتخابي لا يستهان به، لدقة جل هذه الجماعات تنتمي الى الصهيونية الدينية والتي ترى في الاستيطان عملاً مقدساً لابد منه وتحمل رؤية إسرائيل الكبرى.
وأضاف: اعتقد أن هذه الجماعات تعاني من عقدة النقص لعدم مشاركتها في إقامة الكيان، وبالتالي ترى أن دورها في تنفيذ الطرد "النكبة" الثاني قد حان عبر نشر البؤر الاستيطانية في كل مكان ممكن وعزل المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض ومن ثم ترحيل العرب من هذه المناطق.
هجمات المستوطنين: محاولة لردع المقاومة الفلسطينية
ويتفق الخبير في شؤون الاستيطان، خالد معالي، أن هدف الميلشيات المستوطنين من شن هجمات على البلدات الفلسطينية هو "خلق حالة ردع لدى المجتمع الفلسطيني وطرد الناس منها".
وأضاف في حديث مع "شبكة قدس": المستوطنون يريدون أن يقولوا للفلسطينيين إنهم هم من يملك الأمن في المنطقة، وكل من يحاول أن يسلبهم إياه سيتعرض للخطر، وفي الوقت نفسه يحاولون سلب المجتمع الفلسطيني من الأمن والإبقاء عليه في دائرة الهجوم والخطر.
وشدد على أن أحد الأهداف الرئيسية من هجمات المستوطنين على القرى في الضفة هو "تهجير الفلسطينيين منها وفتح المجال أمام تمدد المشروع الاستيطاني خاصة في المنطقة المصنفة ج".
وقال: بعد 26 عاماً على اتفاقية "أوسلو" لم تقام الدولة الفلسطينية بل ما أقيم مكانها هو دولة للمستوطنين.
واعتبر أن "الجيل الفلسطيني الجديد الذي نشأ بعد اتفاقية أوسلو لم يعد يخشى الاحتلال ويقاوم وهو ما يقلق القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية لذلك تحاول ردعه بهذه الاعتداءات".
وأكد معالي أن هجمات المستوطنين تجري برعاية وحماية من المستويات العسكرية والسياسية لدى الاحتلال، وتابع: الاحتلال لديه سياسة ممنهجة من ناحية مواصلة التوسع الاستيطاني بالتالي تأتي هذه الهجمات ضمن استراتيجية ترعاها الحكومة والجيش.
وأضاف: جيش الاحتلال يصادر الأراضي ويحمي المستوطنين ضمن عملية متراكمة حتى لو حاول الجيش الخداع أنه طرف محايد.
وأشار إلى كثير من التجمعات الفلسطينية خاصة في المنطقة المصنفة "ج" مهددة بالتهجير من قبل ميلشيات المستوطنين.