فلسطين المحتلة– خاص قدس الإخبارية: أجرت شبكة قُدس الإخبارية، حوارا خاصا مع نائب رئيس حركة حماس في الخارج وعضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق أكد فيه أن الاعتداء على الأسرى قد يكون الصاعق الذي يفجر المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي من جديد.
وقال أبو مرزوق إن الرسالة التي نقلها الوفد المصري للاحتلال مؤخرا، تمثلت في رفض المقاومة مطالب الاحتلال بعدم ربط ما يجري في الضفة الغربية بما في قطاع غزة وهو ما يعكس فشل الاحتلال.
وشدد القيادي في حركة حماس على إدراك حركته لمراوغة الاحتلال وعدم التزامه بتعهداته، مضيفا: جميع السيناريوهات واردة للتعامل مع التلكؤ الإسرائيلي، وسننتزع إعادة الإعمار، وفكّ الحصار منه انتزاعًا.
وفيما يلي نص الحوار:
-كيف تنظر حركة حماس للاعتداء الأخيرة على الأسيرات في سجون الاحتلال وهل سنشهد أحداثا مماثلة لما جرى في مايو 2021؟
اعتداء إدارة السجون الإسرائيلية على الأسيرات الفلسطينيات جريمة كبيرة، لا يمكن التهاون معها، ولن نسمح للعدو بأن ينفرد في الاعتداء على أسيراتنا وأسرانا، ونحن وكل قوى شعبنا الحية معهم، ونساندهم، ونحمل العدو المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه الأحداث، وقد تكون تداعياتها كبيرة، وقد يكون الاعتداء على الأسرى الصاعق الذي يفجّر المواجهة من جديد.
وكان الأسير البطل يوسف المبحوح، قد انتقم للأسيرات بطعن ضابط إسرائيلي، وفي هذه رسالة عظيمة، بأن أسيرا محتجزا في غرفة صغيرة، لم يعجز الوسيلة وخطط وانتقم، وهو بذلك يقيم الحجّة على الجميع.
- عدتم مؤخرًا من لبنان، بعد المجزرة التي حدثت خلال تشييع جنازة حمزة شاهين في البرج الشمالي، بماذا أفضت الاجتماعات في لبنان؟
قررت الحركة إيفاد وفد إلى لبنان، للاطمئنان على أحوال شعبنا الفلسطيني في لبنان، وللوقوف على تداعيات الحدث المؤلم في تشييع الشهيد البطل حمزة شاهين، وللمشاركة في مهرجان انطلاقة الحركة الـ 34، وعقدنا العديد من اللقاءات مع ممثلي ومكونات شعبنا، واستمعنا بألم لأوضاعهم الإنسانية، واستمعنا كذلك لروحهم المعنوية المرتفعة، وتأكيدهم على خيار المقاومة، وتأكيدهم على رفض زج المخيمات بالفوضى أو بالشأن اللبناني.
نحن في حركة حماس لن ننجر إلى الفوضى ولن ندخر جهدًا لتحييد المخيمات عن الخلافات السياسية، وسنعمل مع شركائنا في العمل الوطني الفلسطيني لأجل ذلك، ولن نتدخل في الشأن اللبناني وسنعمل جاهدين، للحفاظ على أمن لبنان، والسلم الأهلي، ونعمل على إنصاف الشعب الفلسطيني، والحفاظ على حق العودة، وعدم التوطين.
- حركة فتح في لبنان أعلنت وقف جميع أشكال التواصل مع الحركة، كيف تنظرون إلى ذلك؟
من المؤسف أن يقطع تنظيم فلسطيني علاقته بآخر، أو يضع فيتو على لقاء هذا التنظيم أو ذاك، وفي المقابل، تجد أبوابه مفتوحة لقادة جيش الاحتلال الإسرائيلي والشاباك بالتنسيق الأمني، ويحرص ويستجدي اللقاء بالقيادة السياسية للحكومة الإسرائيلية، ومثل هذه التصرفات تدفع الأوضاع الفلسطينية لمزيد من التوتر، فوق حالة الانسداد السياسي التي أوصلتنا إليها حركة فتح برفضها كل ما اتفقنا عليه، ومنذ أن عطل أبو مازن الانتخابات الفلسطينية والتي جاءت كنتيجة لاتفاقيات مبرمة، وألغاها بحجة القدس، في حين أنها هروب من خسارة مستحقة لحركة فتح، واليوم قرار المصالحة كان ولا يزال بيد أبو مازن، ومثل هذه القرارات لا تخدم شعبنا.
ويجب أن تلتفت حركة فتح إلى أن ما يتعرض له شعبنا من أذى كبير، فلا يزال أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة تحت حصار ظالم، لأنهم في طليعة مقاومة المشروع الصهيوني، والاستيطان يستشري في الضفة الغربية، ويفرض العدو معادلات صعبة على الأرض، وأهلنا في لبنان يعيشون في ظل أوضاع إنسانية صعبة، وأهلنا في سوريا والعراق تعرضوا لتهجير آخر، لهذا يجب ألا تذهب جهودنا في معاركنا الداخلية.
على الرغم من مصابنا الأليم بإطلاق النار وقتل ثلاثة من الإخوة غدرًا، إلا أننا لم نقطع الصلة بتنظيم فتح، وتكلمنا فقط على جهاز الأمن الوطني، ولكونه يتلقى أوامر من جهات خارج لبنان، وطالبنا الجهات الرسمية بالتعامل مع الحادث.
- المقاومة أمهلت الاحتلال والوسطاء حتى نهاية العام لفك الحصار وإعادة الإعمار، ما السيناريوهات المطروحة لديكم خلال المرحلة القادمة؟
نحن ندرك أن هذا العدو مراوغ، لا يلتزم بتعهداته ولا نأخذها منه إلا انتزاعًا، ولا يعترف بها إلا ما دامت القوّة حاضرة، ولذلك فإن السيناريوهات جميعها واردة للتعامل مع التلكؤ الإسرائيلي، وسننتزع إعادة الإعمار، وفكّ الحصار منه انتزاعًا.
ولعل الرسالة التي نقلها الأشقاء في مصر، للأخوة في قطاع غزة، ورفض المقاومة مطالب الكيان بعدم ربط ما يجري في الضفة الغربية بما في قطاع غزة أحد عناوين فشل الاحتلال.
- أين وصلت المحادثات بشأن صفقة التبادل؟
حكومة الاحتلال الاسرائيلية عاجزة عن اتخاذ قرار بالمضي قدمًا في صفقة تبادل مع المقاومة، ونحن قدمنا خارطة طريق كاملة، بثمن كل خطوة، ووفق جميع السيناريوهات المتوقعة، إلا أن عجز الصهاينة هو ما يمنعهم، لكن عهدنا لشعبنا ولأسرانا الأبطال أن العدو سيوقع مرغمًا على صفقة تبادل مشرّفة، ونحن قطعنا عهدًا لأسرانا الأبطال بأننا سنفعل كل ما في وسعنا، حتى يتحرر كل أسرانا في سجون الاحتلال.
- ما هي خطط الحركة لدعم مقاومة الضفة؟
المقاومة الفلسطينية لم تعجز الوسيلة منذ أن بدأت الثورات الشعبية ضد العصابات اليهودية قبيل النكبة، وقاتلنا وأعددنا بما استطعنا من قوة، وهذا الجيل هو وريث النضال الفلسطيني الممتد لعقود، وهم مفخرة للشعب الفلسطيني، وللأمتين العربية والإسلامية، ولا يضرهم من خذلهم.
ونحن في الحركة نولي الضفّة الغربية اهتمامًا كبيرًا، فهي قلب الصراع الآن، والخطط الإسرائيلية تدور فيها، ويفرضون واقعًا للسيطرة عليها، ولهذا فإن المقاومة ستستمر، وستشهد زخمًا أكبر في الفترة القادمة، ورجال الضفة سيوجهون الصفعة تلو الصفعة لهذا العدو، حتى ينسحب من الضفة، وباقي مدن فلسطين.
- نشهد تصاعدًا في التضييق والاعتقالات السياسية التي تشنها السلطة الفلسطينية ضد أبناء الحركة والفصائل الأخرى، كيف تنظرون لهذه الممارسات؟
الحديث عن الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية مؤلم، وهو لا يخدم أحدًا سوى العدو الإسرائيلي، ومشهد اعتقال نُخب شعبنا من أكاديميين، ونقابيين، وناشطين، على خلفية رفضهم سياسات السلطة الفلسطينية شكّل نقطة سوداء في تاريخ السلطة.
نحن جرّمنا هذه الأفعال مرارًا، ووقعت الفصائل وثائق شرف، تجرم هذه الأفعال، ولكن لا نصيب لها على أرض الواقع بكل أسف، وبدلًا من أن نكرّم من يقاتل العدو، ومن يرفع اسم فلسطين في مجالات عمله، فإن السلطة تزج بهم في السجون، أو تضيّق عليهم معيشتهم، وإن الاستمرار في هذه الممارسات، سيزيد الحنق تجاه السلطة وحركة فتح.
وهنا يجب القول إن الكيان الصهيوني لم يلتزم بالاتفاقيات الظالمة لشعبنا، ومع ذلك يستمر التزام السلطة بالتنسيق الأمني، والالتزام بالاتفاقيات، وهذا ظلم مركب ولكن سنبقى موجهين جهدنا وجهادنا في مقاومة الاحتلال، والصبر على ظلم الأجهزة الأمنية.
- تم عقد لقاءات متكررة بين مسؤولين إسرائيليين والرئيس عباس، ما تعقيبكم كحركة لهذه اللقاءات؟
لم تكن هذه اللقاءات الأولى من نوعها، فقد مضى على مسار التسوية ثلاثة عقود، وأكثر من خمسة عقود من تنظير الرئيس أبو مازن للسلام مع العدو، ونبذ المقاومة المسلحة كأداة للوصول للتحرير والعودة، فما هي النتيجة؟ وهذا السؤال أوجهه له ولمركزية فتح، وأتمنى أن يُجيبوا عنه بصدق.
لعل قيادة فتح تدرك بأن عملية التسوية أضاعت ثلاثة عقود من عمر شعبنا الفلسطيني، تمكن خلالها العدو من تثبيت وقائع على الأرض، فقد تضاعف الاستيطان في الضفة الغربية إلى 350%، وأصبحوا قرابة مليون مستوطن، ولم يحترم العدو الاتفاقيات المبرمة معه، ولم يبق من السلطة سوى دورها الأمني الوظيفي، وأضاعت على شعبنا العديد من الفرص، بل وتعمل على تكسير قدرة شعبنا على المقاومة، ونحن دائمًا نطالب أبو مازن وحركة فتح بأن تعود إلى رشدها، وتعود لشعبها، وأن تدرك بأن ثقتها بالإسرائيلي وبالغرب لن تزيدها إلا خسارة.
ويجب أن تدرك قيادة فتح والسلطة، بأنها تسير عكس تيّار الشعب، ولقد مضى أكثر من قرن على بدء تنفيذ المشروع الصهيوني في أرض فلسطين، إلا أن الشعب الفلسطيني لا يزال يحتفظ بحقه، ويورثه جيلًا بعد جيل، بأن فلسطين من النهر إلى البحر، لا تراجع في ذلك، والحقوق يجب أن تعود بلا تنازلات، فإن أرادت حركة فتح أن تقود الشعب الفلسطيني فعليها أن تعبّر عن نبض هذا الشعب.
- كيف تقيمون علاقتكم مع الفصائل الفلسطينية الأخرى؟
العمل الوطني ركيزة أساسية في عمل الحركة، ولا يمكن لنا أن نعمل دون أن نتفاهم مع الآخر، على مختلف مواقفه السياسية، وحقيقة نحن والجبهة الشعبية، والجهاد الإسلامي، وبقية فصائل المقاومة في مركب واحد، والتنسيق فيما بيننا ضرورة، وعلى المستويات كافّة، وهذا التقارب يخدم القضية الفلسطينية، بكل تأكيد، خصوصًا في ظل حالة الانسداد السياسي على المستوى الوطني، ولا يعقل أن نهدر كل هذه الأوقات والجهود في الخلافات الداخلية، فأمامنا عدو متوحش وظالم، لا يفرق بين لون وآخر.
ولعل جهدنا متواصل وسيتسع لكل أبناء شعبنا، لنجمع كلمته على برنامج المقاومة، ونحن سنعمل جاهدين على وحدة شعبنا، وليس جزءًا منه.
-وجهت للحركة العديد من الانتقادات حول فتحها قنوات اتصال مع دول عربية طبعت رسميًا مع الاحتلال كالمغرب مثلا، ما ردّكم وكيف تقيمون علاقة حماس مع الدول العربية اليوم؟
الشعوب العربية والاسلامية حيّة، وعدوها المركزي هو العدو الصهيوني، وهي تميز الخبيث من الطيب، وسترفض هذه الاتفاقيات المشؤومة، وكما سقطت موجات التطبيع سابقًا فستسقط هذه الموجة أيضًا، ولكن سيسقط معها في القاع من هندسوا هذه الاتفاقيات، التي باعوا فيها ضمائرهم لعدوهم.
والمعركة مع العدو الصهيوني لا تنحصر في السلاح، وإنما في الوجود والرواية، وحيث يوجد الإسرائيلي يكون على حساب الفلسطيني، ولهذا فنحن لن نترك ساحة للعدو، ولن نترك له فراغًا يملأه، إلا إن تعذّر العمل هذه الدول أو تلك تمامًا.
وسنستمر في العمل مع القوى الحية في أي بلد مطبّع سواء بالمستوى الرسمي أو الشعبي، وسنعمل على تعرية العدو، ومخططاته، ولن نيأس أو نكل بعون الله، حتى إعادة تصويب البوصلة، ولتكون لدول عالمنا العربي والإسلامي مكانتها الصحيحة في الصراع.
وهنا لا بد من أن أضيف، أن ضعف الحالة العربية، أغرى أمريكا في الضغط بمختلف الوسائل من أجل التطبيع مع الكيان، ولذا يجب تقوية من يقف ضد التطبيع ولا نترك أي ساحة من ساحات العرب والمسلمين.
- شهدنا قبل شهر تقريبًا تصنيف حماس كمنظمة إرهابية في بريطانيا، اليوم كيف يؤثر هذا القرار على الحركة؟
تأثير القرار البريطاني على الحركة معدوم، فنحن لا ننتظر ترحابًا من الغرب، فهم أصحاب المشروع الصهيوني، وهم من يمدوه بالقوة وبالحياة، ونحن لم نقدم على أي فعل يتسبب بضرر في الأمن القومي لأي بلد، وهذا نابع من سياستنا منذ انطلاق الحركة. ونحن لم نتضرر من القرار، فلا لنا استثمارات، ولا أنشطة داخل الساحة البريطانية، ولا تقدم لنا دعمًا سياسيًا أو دون ذلك، بل هي تقف ضد المصلحة الفلسطينية تاريخيًا، ونحن نرى أن الضرر على بريطانيا أكبر، فقد جربت بريطانيا وضع حزب الله على قوائم الإرهاب قبل عامين، وفقدت دورها في لبنان، واليوم تضع حركة حماس على قوائم الإرهاب، ونحن نعدها بشطب دورها في الملف الفلسطيني، وبكل الأحوال العداء الغربي السافر لشعبنا وتعديه على حقوقنا، يزيد شعبنا قوة، والشعب اليوم بالكامل وراء المقاومة الفلسطينية.