رام الله - خاص قدس الإخبارية: شهد مهرجان انطلاقة حركة حماس في جامعة بيرزيت، يوم 14 ديسمبر، عدة أحداث منفصلة بفارق ساعات فقط، بدأت باقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للجامعة بهدف منع إقامته ومصادرة الرايات والملصقات والتجهيزات المعدة لذلك، بالإضافة لرسائل التهديد التي وصلت الطلبة من قبل مخابرات الاحتلال تطالبهم بعدم المشاركة فيه، وانتهاء بمحاولة إدارة الجامعة منع إقامة احتفال للكتلة الإسلامية عبر إغلاق أبواب قاعة كمال ناصر المخصصة لإقامة مثل هذه الفعاليات، وهو ما رد عليه الطلبة بتكسير باب القاعة والدخول إليها.
ما حدث في جامعة بيرزيت لا يمكن فصله عن الحالة العامة التي تشهدها الضفة الغربية، وفق محللين تحدثوا لـ قدس، فقد شهدت في الأشهر الأخيرة تضييقا ملحوظا على الحريات العامة، وزادت عمليات الاعتقال السياسي بحق الأسرى المحررين والنشطاء، وجرى استهداف مواكب الأسرى المحررين على يد الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى مهاجمة جنازات الشهداء ومنع المظاهر الفصائلية فيها.
وعلى الرغم من تأثر واقع النشاط الطلابي في الجامعات بالمحيط السياسي والأمني العام، إلا أن للجامعات خصوصيتها والحركة الطلابية حاولت تحصين الجامعات من محاولات القمع والسيطرة على نشاطاتها وتقليصها والتلاعب فيها، وما يدلل على ذلك أن بعض الكتل الطلابية، رغم ملاحقة تنظيماتها الأم ومنع نشاطاتها، بقيت فاعلة وناشطة داخل أسوار الجامعات وخاضت انتخابات وحققت نتائج جيدة.
محللون وكوادر سابقين بالحركة الطلابية: بيرزيت تحت الضغط
ويرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي في حديثه لـ "شبكة قدس" أنه لا يمكن فصل ما يجري في جامعة بيرزيت حاليًا عن الواقع العام الذي تعيشه الضفة المحتلة من محاولات ضبط الحراك الوطني المقاوم، مشيرًا إلى وجود خشية لدى السلطة من تصاعد الحالة الوطنية على حساب مشروعها. موضحا أن السلطة الفلسطينية نجحت في فرض سياساتها على بقية الجامعات الأخرى خلال السنوات الماضية، وحان الدور على بيرزيت.
وأكد عرابي على أن الجامعة سبق وأن أوقفت طلبة أو منعت أنشطة لكتل طلابية تحت ذريعة رفض مظاهرة العسكرة، مستكملا: "ما كان يجري ليس مظاهر عسكرية بقدر ما هي مجسمات أو محاكاة للواقع الذي يعيشه الطالب". مشيرا إلى أنه من الواضح أن الجامعة تخشى من تكرار الاقتحامات الإسرائيلية وتحاول أن تتماهى بدرجة مقبولة مع السلطة الفلسطينية
ويُرجع خريج جامعة بيرزيت، وأحد كوادر حركتها الطلابية سابقا، فخر الرنتيسي، محاولة التأثير على نشاطات الحركة الطلابية في جامعة بيرزيت إلى التحولات الحادة التي شهدتها الساحة الفلسطينية بعد عام 2007. مشددا على أن الجامعة بعد هذا التاريخ أصبحت عرضة لضغوط السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى وجود تحولات بنيوية في تركيبة طاقم إدارتها لصالح تيار معين.
وحول التوترات الأخيرة في الجامعة، يقول الرنتيسي "هم أحضروا عميد شؤون طلبة كانت تعمل نائب محافظ نابلس ولديها خلفية أمنية وما حدث يوم انطلاقة حماس واضح يحمل رسائل مبطنة، ويبدو أن الجامعة أرادت منع النشاط والطلاب رفضوا ذلك وهذا حقهم". معتبرا أن مقارنة مسؤول الإعلام والاتصال في الجامعة غسان الخطيب بين الاحتلال والطلاب كانت في غير مكانها. ويرى أنه من "الواضح أن هناك توجها من إدارة الجامعة للتضييق على أنشطة الحركة الطلابية فالأمر لا يقتصر فقط على توجه عميدة شؤون الطلبة الحالية، وإنما سياسة عامة".
ويعتقد المتابع للشأن الإسرائيلي محمد بدر أن الجامعات تعرضت لـ بربوغاندا إسرائيلية على مدار السنوات الماضية، هدفت لتصويرها على أنها مؤسسات تابعة للفصائل الفلسطينية وليست مؤسسات تعليمية، وقد نشطت في هذا الشأن مجموعات إسرائيلية متخصصة في رصد المحتوى الفلسطيني، وكانت تنشر صور انطلاقات الفصائل وبعض المظاهر التي تعتبرها "عسكرة"، في سياق التحريض على الجامعات ومحاولة التأثير على سياسة إداراتها، التي تربطها علاقات مع ممولين ومانحين وجهات أوروبية وأمريكية ترعى مشاريع داخل الجامعات لكن بثمن.
ويقول إن الشاباك يشارك في هذه الحملة ضد نشاط الحركة الطلابية من خلال مسارات عدة: الأول، صياغة بياناته حول اعتقال طلبة الجامعات والتي تشعرك أنه اكتشف مجموعات وخلايا عسكرية، بالإضافة لرسائل التهديد التي يرسلها للطلبة محذرا من مشاركتهم في نشاطات الكتلة الإسلامية أو غيرها من الكتل، وأيضا اقتحام الجامعات كما جرى في حالة بيرزيت. وهذا كله يحتم على الحركة الطلابية تحدي هذه المسارات، والاستمرار في العمل، وإدارة أي جامعة مطالبة بأن تصطف إلى جانب الحركة الطلابية في هذا السياق، لأن التحدي وطني، ونشاط الطلبة هو دليل حيوية وتقدم هذه الجامعات، ومنع الناشطات يعكس استجابة لما يريد الاحتلال فرضه بالإضافة إلى أنه تعطيل للحالة الديمقراطية داخل الجامعات.
الحركة الطلابية: لا أحد يوقف نشاطاتنا والجامعة مسؤولة عن ما حصل
الكتل الطلابية في جامعة بيرزيت تعاملت مع أحداث مهرجان انطلاقة حماس، بروح جماعية، على اعتبار أن المساس بنشاط أي كتلة يمس بنشاط باقي الكتل، وأن كل المبررات لوقف نشاطات هذه الكتل لا يمكن صرفها، فقد حمَلت الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت عمادة شؤون الطلبة مسؤولية "الإشكاليات التي حصلت خلال مهرجان إحياء ذكرى انطلاقة حركة حماس"،.
واتهمت الكتلة، في بيان صحفي، عمادة شؤون الطلبة بأنها "تتبع سياسة جديدة تهدف للتضييق على الحركة الطلابية"، وقالت: "ندعوها للتراجع عن هذه السياسة في الوقت الذي يتعرض فيه النشاط الطلابي للتضييق والملاحقة من قبل الاحتلال وأجهزة أمن السلطة، خارج الجامعات وداخلها، ولتبقى بيرزيت واحة للديمقراطية وللعمل الطلابي الحر".
وفي سياق متصل، قال القطب الطلابي: "نستنكر بأشد العبارات موقف الجامعة بتجميد الأنشطة الطلابية في هذا الشهر بذريعة المتحور الجديد"، وأشار إلى أن إدارة الجامعة "حاولت مصادرة المجسمات التي خرجت في العرض العسكري الذي نظمه القطب الطلابي، وصادرها جيش الاحتلال لاحقاً وأغلقت قاعة الشهيد كمال ناصر في وجه عائلات الأسرى والشهداء" معتبرا أن هذه الخطوات "استوجبت ردة فعل بعد عدة محاولات، وإصرار الجامعة على موقفها".
وأضاف القطب الطلابي: "نعتبر ما حصل هو طبيعي وواجب في حضرة أهالي الشهداء، ونحمل الجامعة المسؤولية الكاملة عن ما حصل، وندعوها لرفع يدها عن أنشطة الحركة الطلابية وخصوصا فيما يتعلق بالأمور والمناسبات الوطنية، فهذا إرث الجامعة الوطني نرفض أن يتم تشويهه أو إخضاعه لأي سياسات من الممكن أن تتلاعب في بيرزيت وحركتها الطلابية".
من جانبه، قال ممثل كتلة الوحدة الطلابية وليد حرازنة إن تشبيهات غسان الخطيب تفتقر للدقة وهي مردودة عليه وهي خطأ كبير، وعندما تغلق باب الجامعة أمام عوائل الشهداء كإدارة جامعة فأنت تتحمل المسؤولية
وأضاف حرازنة لـ "شبكة قدس": "هناك فرق بين جيش الاحتلال الذي كسر أبواب الجامعة ليمنع مهرجان يستقبل أهالي الشهداء وبين من كسر الأبواب لاستقبال أهالي الشهداء". وتابع قائلاً: "الاحتلال دخل للجامعة لمصادرة ممتلكات الأطر الطلابية لمنعهم من استقبال أهالي الشهداء ومحاولة التصيد في المياه العكرة لضرب إطار طلابي بعينه، وتصريحات الإدارة التي قالت إن الاقتحام تزامن مع يوم المعلم الفلسطيني ولم تتجرأ على القول إن الاقتحامات بسبب احتفالات الأطر الطلابية بانطلاقة أحزابها".
ممثل كتلة الشبيبة الفتحاوية في بيرزيت رأفت سويطي، وعلى خلاف باقي الكتل، اعتبر أن عمليات التكسير التي جرت داخل الجامعة مرفوضة تمامًا بغض النظر عن الأسباب الأخرى. وأضاف لـ "شبكة قدس" :" لا يجوز الاعتداء على ممتلكات الجامعة، وكل شيءٍ قابل للحوار، ونحن كذلك ضد تقليص نشاط الحركة الطلابية، لكن الجامعة بعد انتشار أوميكرون أصبحت تمنع التجمعات".
الجامعة: أوميكرون هو السبب
مجلس جامعة بيرزيت، أصدر بيانا حول "مظاهر العنف في الجامعة"، مؤكدا تصميمه على "الاستمرار في بذل كل الجهود الممكنة لمعالجة هذه الظاهرة نظراً لتأثيراتها المدمرة على مسيرة الجامعة وقدرتها على تحقيق أهدافها". وعبر عن استنكاره لـ"حادثة استخدام العنف الأخيرة المتمثلة في تكسير نوافذ وأبواب في قاعة الشهيد كمال ناصر والتهجم على حرس الجامعة".
وقال المجلس: في ضوء تزايد التحذيرات من المتحور الجديد، فقد تم الإيعاز للجنة المختصة بإجراءات حماية الجامعة من مخاطر وباء كوفيد بأخذ الإجراءات اللازمة للصحة والسلامة العامة، وفي مقدمتها تمديد وقف كافة الأنشطة التي تضم تجمهرا كبيرا في داخل قاعات مغلقة. وأضاف: تم إبلاغ الكتل الطلابية بأن النشاطات التي تشمل أنشطة بأعداد كبيرة غير مسموحة في القاعات المغلقة، ولكنها ممكنة في الساحات المفتوحة.